أحمد علوة
هي تجربة من الداخل ،،،من داخل الأثير الاذاعي لإذاعي مغربي خبر تجربة الإذاعة في قطبها العمومي ، وانخرط في تجربة تحرير المجال السمعي وانطلاق الاذاعات الخاصة.
انها تجربة مغايرة ، ومغرية بالحكي ، فالمسافة الفاصلة مابين عالم الإذاعة الواحدة والإذاعات المتعددة تحمل الكثير من التفاصيل واللحظات القوية والمحبطة التي لا يحسن التقاطها وحكيها إلا من خبر التجربتين .
هو رصد مختصر من داخل هذا القطاع لتجربة غنية شارفت عشرين سنة من عمرها سنة ، يقدمها صاحبها الذي خبر “وقار” الإذاعة الوطنية وانغلاقها و “تمرد” الإذاعات الخاصة وتحررها.
الميكرفون يتحرر..الائتلاف والاختلاف
لا أبالغ حين أقول إن الإذاعات الخاصة في المغرب ساهمت في تحرير خطاب المغاربة ، وأقصد بتحرير الخطاب إشاعة ثقافة النقاش العمومي عبر برامج إذاعية مباشرة ناقشت جل المواضيع بما فيها تلك المواضيع التي كانت تعتبر إلى عهد قريب من بين الطابوهات التي لم يكن يسمح بمناقشتها علانية عبر الأثير .
وبمنطق الاختلاف و الإئتلاف ،سمح بتجاذب أطراف النقاش بين كل مكونات وشرائح المجتمع ، وضمت استوديوهات الإذاعات الرأي و الرأي الأخر ، وأعطت حق الكلام عبر الهاتف لكل من يريد أن يدلي بدلوه في نقاشات عمومية حول السياسة والاجتماع والاقتصاد والثقافة والرياضة ،بأريحية كبيرة عكست روح النقاش العالي التي طبعت المغاربة في فترة سياسية مهمة صاحبت تحرير القطاع السمعي البصري، ومنحت لهذه الإذاعات إمكانية تسيير نقاشات وطنية بالغة الأهمية رفعت فيها السقف عاليا وعكست دوما روح المسؤولية عند الكثير من هذه المحطات الإذاعية ، رغم أن دهشة البدايات أفرزت الكثير من الأخطاء التي لا مجال لذكرها الآن.
لقد تم وضع كل الموضوعات على طاولة التداول ،ووجدنا أنفسنا في فترة من الفترات أمام جرأة كبيرة لدى المستمع المغربي ،جرأة فاقت جرأتنا بالكثير، ووقفنا حائرين أمام كيفية التعاطي معها و لم نحسب لها حساب ونحن نفتح مواضيع حساسة ،وبالغة الأهمية لم تستثن قضايا الشأن العام والقضايا الشخصية التي صدمنا بقدرة المغاربة على عرضها علنا’ بعدما كانت تدخل في إطار ال “حشومة” لعقود طويلة …وهكذا وجدنا مغاربة يخوضون في الشأن السياسي ويناقشونه بنضج سياسي كبير، ويتداولون ما هو اقتصادي بنظرة ثاقبة ويقفون على التحولات الاجتماعية بأريحية فاهمة ، وفي الوقت نفسه لا يلزمون الصمت حين يتعلق الأمر بموضوعات تتحدث عن حيواتهم الخاصة النفسية والجنسية والعائلية ….نقاشات عمومية وجدنا أنفسنا كإذاعات خاصة في صلبها وأحد محركيها .وكان مطلوبا منا صون هذه العلاقة الجديدة مع مستمع مفترض ساهم معنا في فتح باب التداول والنقاش على مصراعيه في مغرب جديد .
فهل نجحنا في ذلك أم فشلنا ؟
سؤال وإن لم يكن منصفا في حق التجربة ، فانه سؤال يملك مشروعيته عندما يسائل ماهية النقاش العمومي وطبيعته ووظيفته ومقاصده وما آل إليه فيما بعد .