حسن عين الحياة
هل كُتب علينا أن نعيش التعذيب “المبرمج” بواسطة كبسولات فاقدة للفن والابداع وروح الفكاهة؟ هل هناك قانون يجبرنا قسرا على تذوق هذا التعذيب مع ما تيسر على مائدة الإفطار؟ هل يحق لنا أن نعيش زمنين في آن واحد.. زمن الطوارئ وحظر التنقل وزمن الرداءة؟
إن ما نشاهده اليوم، في عز الحجر المنزلي وحظر التنقل الليلي، من كاميرا خفية وسيتكومات وكابسولات على قنواتنا التي لا تشبهنا، تعذيب صريح للإنسان المغربي الذي فقد كل شيء، عمله وحريته وماله، وصبره الذي لم يتبق من رصيده إلا القليل، وبالرغم من ذلك كله، يمني النفس بمشاهدة أشياء تشبهه، أو على الأقل تحترم ذوقه وذكاءه.
لقد كشف صناع الفرجة في قنواتنا التلفزية، من جديد، عن عقم في الابداع، ونمطية قاتلة في صنع النكتة، وتفاهة في تناول الموضوعات..
الكاميرا الخفية نفسها التي يرش فيها الضيف الماء عند اكتشافه للمقلب، والصيحة نفسها عند انكشاف الحيلة للضيفة التي وقعت في الشِرك، بل المطاردة ذاتها، في الواد والرمال والأزقة الخالية.. حتى اعتراف الضيف بالمقلب هو نفسه، والأكثر من ذلك كله، المخرج نفسه والجمهور نفسه والقناة نفسها والتفاهة نفسها والبلادة التي تنتصر على ذكائنا هي نفسها.. فقط هناك تغيير وحيد، هو أن ميزانية هذه الكاميرا التي لم تعد خفية، ترتفع كل سنة، ومصدرها نحن، دافعو الضرائب، “مشينا فيها”.
اما السيتكوم، وأخص “الكوبيراتيف” فهو لا يختلف عن السيتكومات السابقة، الوجوه نفسها مع بعض التطعيمات، والعبارات نفسها، والتيمة نفسها، مع تغيير الديكور وبعض مواقع الممثلين، بل مع قرصنات لافكار سيتكومات أخرى، مثل تنزيل فكرة “سوحليفة” التي تظهر بشكل جلي في الدور الذي يقوم بها محمد الخياري والطفلة التي تجسد دور ابنته.
في “سوحليفة” للشاب الواعد يسار، كانت المواضيع التي تنطلق على لسان الطفلة، مقبولة الى حد ما، باعتبارها اجتماعية محضة، لكن في “الكوبيراتيف”، هناك سماجة تنفر منها الأذن، واستبلاد لذكاء المشاهد، حيت تعالج طفلة في سنتها الخامسة، مواضيع تتعلق بالسياسة العمومية والانتخابات والاصوات والتضخم…. ههههههههههه كارثة صافي.
(يتبع)