الفنان “بانا”..أيقونة طبعت مشهد الموسيقى الشعبية بمراكش

الفنان “بانا”..أيقونة طبعت مشهد الموسيقى الشعبية بمراكش

- ‎فيفي الواجهة
209
6

فؤاد بنجليقة
مراكش – يعرف باسم “بانا” لدى أصدقائه وأقربائه الذين عايشوه وعرفوه عن كثب، فمنذ سنوات طويلة، طبع “بانا” واسمه الحقيقي عبد الرحيم باني مشهد الموسيقى الشعبية بمراكش، تاركا بصمته الفنية في التراث الأصيل للمغرب العميق.

واستطاع “بانا”، بفضل موهبته وحبه اللامتناهي للإيقاعات المتوازنة والغناء الأصيل، أن يدون اسمه في سجل من ذهب في تاريخ الفن المحلي والوطني، ليصير أحد رموز الموسيقى الشعبية بمراكش، التي تجمع بمهارة بين الغناء والإيقاع والهزل وغيرها.

ويعتبر الفنان “بانا”، الذي رأى النور بالمدينة الحمراء في سنة 1968، سليل كوكبة من الفنانين المولعين بالموسيقى الشعبية المغربية، فأبوه كان فنانا مشهورا وعمه عمر مهري يعد شخصية فنية تحظى بتقدير الجمهور المغربي الواسع، إذ كان يشتغل ضمن الفرقة الموسيقية للراحل حميد الزاهر.

وتتمثل جمالية وتفرد الصنف الموسيقي لفنان مدينة “البهجة” في كونه يبرز التراث الموسيقي لمسقط رأسه، بشكل يمزج بين أنماط “الدقة المراكشية” و”التقيتيقات” و”كناوة” لإضفاء جو هزلي واحتفالي في آن واحد على أغانيه.

وحظي “بانا” بفرصة الترعرع بحي “السبتيين”، أحد الأحياء الشهيرة بالمدينة العتيقة لمراكش ومهد “الدقة المراكشية” و”التقيتيقات” وأشكال فنية تقليدية أخرى جعلت من هذا الحي فضاء خصبا لظهور المواهب الشابة التي ميزت تطور هذه الفنون التي يقدرها الجميع.

وإذا كان “بانا” قد ترعرع في بيئة عائلية بميول فنية وتلقن أبجديات الموسيقى، منذ نعومة أظافره، من قبل أبيه وفنانين بالحي الذي نشأ فيه، فإن هذا الفنان نجح، في المقابل، في التميز عن أقرانه بالابتكار في هذه الفنون الشعبية وخلق نمط فني خاص به يمزج بين الدارجة المغربية ولغات أجنبية، على غرار أغنيته الشهيرة “اسمح لي أنا لا أعرف”.

وشكل “بانا”، الذي كان يتقن في سن 17 كل الآلات الموسيقية المستخدمة في الدقة المراكشية، مجموعة أطلق عليها اسم “بانا لبسات”. فمنذ تسجيل الألبوم الأول، عرفت المجموعة نجاحا كبيرا داخل المغرب وبالخارج.

وبفضل إنجازاته الفنية، استطاع هذا الفنان العصامي أن يظفر بعدد من عقود العمل على الساحة الوطنية والدولية، حيث شارك سنة 1998 بأسبوع المغرب في فرنسا إلى جانب أنشطة فنية وثقافية في إسبانيا، دون إغفال مهرجان كناوة المرموق بالصويرة. كما شارك “بانا” رفقة مجموعته الفنية في عدد من العروض المسرحية للراحل حسن الجندي.

وطيلة مساره الموسيقي الغني، جاب “بانا” العالم رفق مجموعته للمشاركة في مهرجانات وتظاهرات ثقافية، إذ كانت مناسبة للتعرف عليه والاحتفاء برونق وعراقة الموسيقى الشعبية التقليدية المعروفة بغناها وتنوعها في العالم.

ويكن الفنان “بانا” حبا لا متناهيا لبلده ومدينته والحي الذي نشأ فيه، حيث لم يخطر بباله أبدا أن يغادر المدينة الحمراء، كما يتذكر، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بشوق وحنين إلى الماضي، أيام “النزاهة” التي كان فيها يعتمد فيها الناس على نمط حياة يجعلهم يتحررون من قيود الزمن.

واختار “بانا” رفقة مجموعته الاختلاء بالفضاء الثقافي والفني “رياض الحكمة” من أجل الإبداع والتدريب على تكرار الأغاني، كما قرر هذا الفنان، رغبة منه في مواكبة التطورات الرقمية، إحداث قناة على موقع “اليوتيوب” تضم أزيد من 42 ألف مشترك.

ولا يخفي الفنان “بانا” انشغاله بنقل هذا التراث اللامادي إلى الأجيال الصاعدة وصونه من “الانقراض”، ويبدو متفائلا إزاء مستقبل هذه الفنون الشعبية، مشيرا إلى أن المدينة الحمراء تضم حاليا أزيد من 60 مجموعة مهنية مخصصة للدقة المراكشية و”التقيتقات”.

هذا الالتزام لفائدة صون الفنون الشعبية قاده إلى التحضير لـ”سمفونية الدقة المراكشية”، بمشاركة 300 فنان وكذا “سمفونية التقيتقات” بمشاركة 600 فنان، حيث أسند تلحينها للفنان عبد الله عصامي. وأكد الفنان “بانا” أن “هذا المشروع الفني الضخم يسعى إلى صون التراث اللامادي ونقله إلى الأجيال اللاحقة”.

و م ع

 

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت