الحجر الصحي: الساكنة المحلية بجماعة آسني على موعد مع ضيف استثنائي

الحجر الصحي: الساكنة المحلية بجماعة آسني على موعد مع ضيف استثنائي

- ‎فيآخر ساعة
304
6

سمير لطفي

جماعة آسني (إقليم الحوز) – منذ اندلاع المعركة ضد فيروس “كورونا” المستجد ودخول حالة الطوارئ الصحية حيز التطبيق، انخرطت ساكنة جماعة آسني، من أعالي جبال الأطلس الكبير، على غرار سكان المناطق القروية والحضرية بإقليم الحوز، بشكل تلقائي في تدابير الحجر الصحي، في مشهد يظهر حسا عاليا من المسؤولية.

وعلى امتداد مسار يزيد عن 60 كيلومترا انطلاقا من مراكش ووصولا إلى جماعة آسني، يظل الصمت المطبق وسكون الحركة الجو السائد، يتخلله في بعض الأحيان صوت بعض المركبات على الطريق، جيئة وذهابا، والتي تكسر من هدوء الطبيعة الخلابة لمنطقة الحوز منذ إقرار تدابير الحجر الصحي.

ويبدو أن الطبيعة استعادت حقوقها بشكل كامل في ظل إقرار تدابير الحجر الصحي كإجراء أساسي للحد من انتشار فيروس كورونا”، باعتباره ساهم بشكل ملموس في إرساء “هدنة” مع البيئة وتمكين هذه المنطقة السياحية من استعادة وهجها السابق.

وعند الملتقى المؤدي إلى جماعة مولاي ابراهيم عند مدخل مركز آسني، أصبحت الحركية الاعتيادية للمنطقة في مثل هذه المناسبات حدثا من الماضي. وعلى الرغم من ذلك، فإن النشاط الاقتصادي يواصل عمله بهدف الاستجابة لحاجيات الساكنة المحلية، مع اقتراب شهر رمضان الذي يعرف ارتفاعا في وتيرة استهلاك الأسر وتغيرا في العادات.

وتكفي جولة بين مختلف المحلات التجارية والجزارة ونقط بيع الخضر والفواكه، لمعاينة وفرة المواد الغذائية واستقرار الأسعار، طبقا للتدابير المتخذة من طرف السلطات المحلية، مع إيلاء الأهمية لصون القدرة الشرائية للساكنة في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر منها المغرب وضمان تموين السوق بشكل منتظم وعادي.

وفي مقابل إغلاق السوق الأسبوعي والمقاهي والمطاعم الشعبية بآسني، تسهر السلطات المحلية في هذه المنطقة، على غرار مختلف جماعات الإقليم، على الحفاظ على السير العادي لمظاهر الحياة، مع التقيد بشكل دقيق للتدابير الوقائية المفروضة في إطار الحجر الصحي.

وبجماعة آسني، وبالضبط بمنطقة “آسني لقديم”، مظاهر التقيد بتدابير الحجر الصحي واضحة للعيان، بفضل تعبئة السلطات المحلية والفاعلين الجمعويين على الأرض من خلال مقاربة القرب المتبعة، وكذا الحس العالي للانضباط الذي أبانت عنه الساكنة المحلية بشكل يومي، في مشهد يجسد لروح المواطنة.

وتماشيا مع التدابير الاحترازية المتخذة لكبح انتشار فيروس “كورونا” المستجد الذي غزا العالم، تنظم السلطات المحلية والهيآت المنتخبة وفاعلو المجتمع المدني، بشكل دوري ومكثف، حملات لتطهير وتعقيم الفضاءات العمومية والأسواق والإدارات.

وبما أن مكافحة الوباء تقتضي التعاون والتضامن، فإن جماعة آسني تشهد، منذ بداية الأزمة الوبائية، سلسلة من المبادرات وحملات توزيع المساعدات الغذائية الأساسية ومختلف أشكال الدعم لفائدة الأسر والأشخاص في وضعية صعبة والمتضررين بشكل مباشر من التداعيات السوسيو-اقتصادية للوباء.

وفي هذا المنحى، استجابت عدد من الشخصيات والفعاليات الجمعوية، المدعومة بالسلطات المحلية، لنداء الواجب الوطني، عندما أظهرت قربها وتضامنها مع الفئات الأكثر هشاشة، في مشهد يجسد لعراقة القيم التي تميز المجتمع المغربي.

وهكذا، يسود بلدة آسني الصغيرة، المعروفة بسهولها وتلالها، احترام تام لتدابير الحجر الصحي من طرف الساكنة المحلية التي تحلت بـ”الصبر” وتجاوبت مع توصيات السلطات المختصة، على أمل الخروج من هذه الأزمة الصحية في أقرب الآجال وبأقل الخسائر.

وبالمناسبة، أكد أحد سكان آسني ورئيس جمعية تيفاوين، عبد المجيد أجيار، أن “الحجر الصحي بآسني والمناطق القروية بالإقليم خاصة يختلف تماما عن الحجر الصحي بالمدينة، إذ لم تؤثر الوضعية الاستثنائية على المعيش اليومي للأسر المتشبثة بحياة عادية وخالية من القلق”.

وما يدل على هذه الوضعية هو آباء الأسر الذين يقضون وقتا في الحقول الفلاحية، في احترام للتوصيات الصحية، حيث يشتغلون في مختلف الأنشطة الفلاحية، على أمل التمكن من توفير الغذاء لأسرهم، فيما تتكلف النساء بالمنازل بتربية الأبناء وطهي الطعام وأشغال التنظيف.

واعتبر السيد أجيار أن “خصوصية هذه المنطقة تتمثل في عدم توفرها على مساحات فلاحية كبيرة، ثم إن الحقول المتوفرة توجه أساسا للمزروعات التي تسد حاجة الفلاحين”، مسجلا أن من بين الصعوبات التي تعترض الساكنة خلال فترة الحجر الصحي، هناك تسويق منتوجاتها والتموين.

وأشار إلى أنه بفضل التدخل والتعبئة المتواصلة من السلطات المحلية، يمكن تجاوز كل الصعوبات، عل اعتبار أن الخروج للتموين يتطلب الحصول على رخص اتنقل الاستثنائية التي تسلمها السلطات المختصة، وذلك في احترام تام للقوانين والتوجيهات السارية، مشيدا بـ”الظروف التي يمر منها الحجر الصحي وغياب تسجيل أية حالة إصابة بالفيروس بدائرة آسني”.

ونوه بالحس العالي من المسؤولية الذي أبانت عنه الساكنة التي التزمت بحالة الطوارئ الصحية، والتلاحم المثالي بين السلطات المحلية والسكان والفاعلين الجمعويين، مبرزا الجهود المبذولة في مجال النظافة لتمكين الساكنة من إطار مناسب للعيش وصون البيئة، نظرا للطبيعة السياحية للمنطقة.

وبخصوص التحضيرات المتعلقة بشهر رمضان، أشاد السيد أجيار بالتدابير المتخذة لضمان تموين السوق بالمواد الغذائية، مسجلا أنه داخل الأسر، لوحظ اقتصاد وتدبير معقلن للنفقات بشكل يسمح بالتأقلم سريعا مع الشهر الفضيل.

وأكد أن ساكنة بلدة آسني جعلت من التعاون الاجتماعي وثقافة التقاسم بين الأسر والجيران على صعيد البلدات، إحدى وسائل التخفيف من معاناة الأشخاص وسد الفجوات، داعيا الساكنة إلى التحلي بمزيد من الصبر والالتزام بالتدابير الوقائية قصد تجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر.

والأكيد أن بلدة آسني، في زمن كورونا، مثلها مثل باقي المناطق القروية، تتوفر على كل المقومات من تدابير وإجراءات لتمكين الساكنة المحلية من العيش بشكل عادي، وهو نمط يستمد جوهره من البساطة والعفوية، ولكن أيضا من القناعة بأن الغذ لن يكون أفصل من دون استمرار قيم التضامن والتقاسم والتعاون بين الجميع.

و م ع

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت