ماذا لو أخبروك أن والدك أو والدتك قد توفيت بسبب فيروس كورونا بدار العجزة ؟؟؟

ماذا لو أخبروك أن والدك أو والدتك قد توفيت بسبب فيروس كورونا بدار العجزة ؟؟؟

- ‎فيرأي, في الواجهة
208
6

تدوينة مؤثرة بحمولتها العاطفية تلك التي نشرتها سمية بلعياشي الزميلة الصحفية بالشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، على صفحتها الشخصية على موقع “فيسبوك”، على خلفية زيارة قامت بها لدار البر و الإحسان بمراكش، بهدف إنجاز روبورتاج، في القادم من الأيام، حول وضع المسنات و المسنين بدور العجزة في ظل جائحة كورونا. و نظرا لقيمة الرسالة التي نجحت الزميلة بلعياشي في تمريرها، ارتأينا، بعد إلحاح منا و موافقة منها، نشر تدوينتها على آملين أن تصل كلاماتها إلى من بهم صمم:

ماذا لو أخبروك لا قدر الله أن والدك أو والدتك قد توفيت بسبب فيروس كوفيد19 بدار العجزة ؟؟؟
سمية بلعياشي

قمت اليوم بزيارة لدار البر والإحسان بمراكش وذلك في سياق التحضير لإنجاز روبورتاج حول كيفية معاملة الأشخاص المسنين في ظل جائحة كورونا ، استقبلني السيد محمد مدير الدار ببشاشة وأصر على أن أقوم بجولة معه لتفقد النزيلات علما بأنني حللت عنده بشكل مباغث وبدون موعد ، فكان أول مشهد شد انتباهي مجموعة من النسوة شمرن على سواعدهن وانهمكن في غسل الزرابي بأحد الفناءات كن مستمتعات لاهيات وكانت رغوة الصابون الناصعة البياض تنط مراوغة أياديهن وخرطوم المياه يشاكس سيقانهن العارية… إنتابني إحساس غريب بالسعادة وقلت لنفسي “إنهن نساء المغرب وحرائره،مثابراث جادات حتى في أحلك الظروف يغسلن الزرابي بهذا الألحاح استجابة للتعليمات التي أعطاها لهن المدير بوجوب المحافظة على النظافة ولأنهن أدركن خطورة ماتم شرحه لهن حول فيروس كورونا الفتاك …كنا نتنقل بين الردهات والاجنحة والفضاءات الخضراء تتقاطع خطواتنا مع نساء منهن من هن من ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهن المصابات بمرض الزهايمر أو السرطان ومنهن كذلك فئة حلت مؤخرا بالمؤسسة وهي فئة المشردات، اللواتي كانت اعينهن تعكس بعضا من العدوانية والغضب على عكس نزيلات الدار الدائمات، اللواتي كن سعيدات وكانت سعادتهن تزداد كلما زارهن المدير فحبهن له وامتنانهن لا يحتاج إلى لغة بل وحدها تعابير الوجوه كافية …
بدا السيد محمد سعيدا وهو يرى كيف انبهرت بانجازات الدار سواء على مستوى النظافة أو الانضباط فقال لي بنبرة متحمسة تعالي معي يا أستاذة لأريك بعض” الميمات” الجميلات “وكان يقصد المتقدمات في السن الجالسات بغرفهن
فصرنا نحيي كل واحدة منهن وكانت دعواتهن بالخير تنهال علينا ونحن نسير عبر الممرات وفجأة توقفت عند إحداهن لأنني أعرفها جيدا لأنني كنت قد استجوبتها منذ حوالي ثلاث سنوات خلال تصوير روبورتاج حول إفطار رمضان بالدار وكانت في ذلك الوقت تعاني من مرض عضال على مستوى رجلها اليمنى واتذكر كيف بكت بحرارة يومها وهي تشكي من ظلم وجحود الاقارب الذين لا يزورها منهم احد … ولأنني أعرف حالتها الصحية نظرت بسرعة لرجلها المريضة فوجدتها قد بثرت وأمام تاثري الذي بدا واضحا سارعت للتأكيد انها بخير وإنها اجرت عملية جراحية جنبتها الأسوأوأنها تستطيع ا الآن المشي بشكل جيد بفضل رجل اصطناعية كانت تضعها بالقرب منها…
وعادت بي الذاكرة إلى الوراء إلى مناسبة اخرى كنت قد استجوبت فيها رجالا ونساءا بدور العجزة كانت تصريحاتهم اكثر إيلاما وتأثيرا في نفسي فما أصعب أن يجهش شيخ فاق عمره السبعين سنة بالبكاء ويقول لك بنبرة حزينة “أنا لا أطلب العيش معهم لأن ذلك من رابع المستحيلات ولكنني أثوق لرؤياهم ولمعانقة أحفادي…”
ودعت مدير المؤسسة بعد أن حددنا موعدا للتصوير ثم غادرت وفي نفسي ألف سؤال حول ما يشعر به أبناء رموا بأمهاتهن بدور العجزة وكثير منهم لا يزورونهن بالمرة، وما هو شعور الابن أو البنت خاصة في الظروف الحالية وهو يحيط ابنائه وزوجته بالرعاية والحماية ويتحصن بجدران بيته وهو يعلم أن أمه تسكن بدار بين مئات نزيلات الدار التي لا تغلق وجهها في وجه أحد حتى مع احتمال نشر احدىالوافدات للعدوى في اوساط نساء مسنات ضعيفات المناعة
خرجت وأنا أعرف أنني سأعود للتصوير وأنني سأقف أمامهن لأسألهن عن أحوالهن وأنني سأستفز بشكل أو بآخر دموع اشتياقهن لفلذات أكبادهن …وقلت في نفسي ليث علاقة الأبناء والاقارب بالمسنين تكون من جملة العلاقات التي ستعرف تحولا بسبب الوضعية التي نعيشها في ظل ازمة كورونا وليث أبناء هذا الجيل يقدرون بركة تواجد الوالدين معهم في كل الظروف
أما مدير الدار فلا أظن أنني سأجد الكلمات المناسبة لوصف فيض انسانيته ولا سبيلا لقياس رحابة صدره فيكفي أنه قبل وبكل حب أن تقول له كل امرأة بالدار “إبني ” وأن يتقمص دور كل الابناء فيجيبها “نعام آ لميمة” وذاك حوار بين أم وإبن
مفترضين شاهدته بأم عيني…

 

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت