محمد تكناوي
توافق هذه الايام الذكرى السابعة لرحيل سلطان الزجل المغربي محمد شهرمان الذي رحل عنا يوم الخميس 4 ابريل من سنة 2013 ، ذكرى رحيل تحمل الكثير من المعاني وتضع على اعناق المهتمين بالموروث الثقافي الجزء البسيط في رد الدين لهذه القامة الابداعية، ذكرى تطل وفي طياتها وفاء لمبدع شامخ رحل في هدوء منكسرا ومنطويا على نفسه تاركا وراءه ابداعات مسرحية وكلام مرصع يوصي بالوفاء والحب والكرامة .
محمد شهرمان مراكشي الاصل والمولد ازداد سنة 1948 بحي سيدي بن سليمان الجزولي بالمدينة العتيقة، هو سيد الزجالين بامتياز بلكنته المراكشية الاصيلة وبلغته الموزونة الجميلة التي كانت تتدفق من ثنايا فمه عذبة رقراقة بجزالتها وجمال تركيبها وبساطة اسلوبها البعيدة عن كل تكلف او تصنع، الراحل شهرمان كان عاشقا للعبارة الجميلة، كلامه منظوم شعرا وحديثه موزون، لا يتحدث الا مدركا معنى الكلام، انيق متزن رزانة الحكماء تقاسيم وجهه مشرقة على الدوام، خفيف الظل يداعب الكلمات بأسلوب خفيف يصنع صورا شعرية متعددة الابعاد يمتع الاذان شعرا و ادبا ويروح عن النفوس بروحه الفكاهية محبوب المعاشرة والمصاحبة تسلل الى عوالم الابداع عن موهبة مولوع بالمسرح الذي شكل عشقه الابدي والذي ارتبط به اشد الارتباط منذ شبابه وعانق الخشبة التي سحرته فكان وفيا لها تفنن وامتع، كرس معظم وقته لركح المسرح فكان معلما واستاذا للعديد من الوجوه ورموز المسرح المغربي.
محمد شهرمان زجال اغنى الموروث الثقافي المراكشي و المغربي بمجموعة من الازجال التي تغنى بها الكل الصغير قبل الكبير وحفظها ورددها جيل بأكمله ، ازجال استلهمت فضول المجموعات الغنائية نواس الحمراء وجيل جيلالة ولرصاد ، فاشبعها نظما كان ابرز هاته الكلمات “الكلام المرصع” سنة 1972 و”العيون عينيا” سنة 1975 و”دارت بنا الدورة” سنة 1976 كلمات ساهمت في توهج مجموعة جيل جيلالة ؛ بل أن هذه الازجال ضلت صامدة امام الثورة الغنائية الشبابية بل واستطاعت ان تحيى مرة اخرى بعد ان عاود توزيعها او غنائها الكثير من الفنانين الشباب كالدوزي ونبيلة معن اللذين اعادا غناء العيون عينيا. و تغنت ايضا مجموعة الارصاد بكلمات “قوارب الموت” و ” اعتاق اعتاق” كما تغنى بكلماته الفنان البشير عبده ومحمد علي وكتب ايضا للثنائي الساخر بزيز وباز.
محمد شهرمان فنان وخطاط حروف كلماته ستبقى محفورة في الذاكرة الوطنية كنقش على الرخام تسلل الى قلوب عشاق المسرح في بداية الستينيات من القرن الماضي صنع لنفسه مكانة بين الرواد بعناوين خالدة في التاريخ بأعمال متميزة كمسرحية “خدوج” و”التكعكيعة” ومسرحية “نكسة ارقام” و”الرهوط” و ايقونة ابداعاته “الضفادع الكحلة” التي نال من خلالها احسن نص مسرحي سنة 1972 اسهامات عديدة شكلت لبنات اساسية في تطور المسرح المغربي .
مسار حافل وسخاء في العطاء منذ سنة 1969 الى حدود سنة 2009 راكم خلالها تجارب من قبيل دواوين “احمر واخضر” “الشموع” “فرحة الشباب” و”فلتان” “بابا عقربة” “الاقزام في الشبكة” و”عمي مشقاف” ومن انتاجاته التلفزيونية الخالدة مسرحيات “خدوج” و”السي مشوار” و”فروج وفروجة”.كما قام بإخراج تلاث مسرحيات ” حكاية سين ونون و ” خد ليك مشوار” ” مذكرات فلتان”.
وقد اصاب احد النقاد الذي اعتبر رحيل شهرمان نهاية اكيدة للكلام المرصع وللزجل الموزون والكلمة التي تنحت في النفوس مخلفة اثرا حميدا ورهبة ممزوجة بالاطمئنان والفرح .