بقلم : إدريس لمهيمر
بعد أن كثر الحديث والجدال، وارتفع منسوب الإنتقاذات الموجهة لتقارير المجلس الاعلى للحسابات،بمنصات التواصل الإجتماعي الذي بات اليوم يشكل قوة تعبيرية حقيقية عما يخالج نفسية المواطن المغربي،وأضحى يشكل “تيرموميتر” حقيقي لقياس شدة الاختناق الذي يستشعره المواطن تجاه السياسات العامة للدولة، وشرعت حرارة اللهيب في الارتفاع ،إثر الردة الحقوقية والاجتماعية التي تعرفها الساحة على مختلف الأصعدة .وباث الوضع السياسي يغلي رويدا رويدا، وهي الرسالة التي إلتقطها صناع القرار ،والقائمين على قياس قاعدة الأمن الاجتماعي،وامام غياب “باشوك جديد” يقي الاجهزة من قوة الصدمة المنتظرة ،أمام تزايد شدة الإحتقان، وهنا أستحضر إحدى مقولات صاحب التقاعد السمين “غرغري او لا تغرغري ” لما قال في إحدى خطبه السيزيفية “إن الربيع العربي لازال يحوم ويدور فوق رؤوسنا….قبل أن يختفي هذا الربيع من قاموس لغته الإسلامية التهديدية التي يستعملها كفزاعة للنظام ،وأختفى الربيع فجأة من لغته كما تمر سحاب الصيف العابرة ،بعد أن قضى وطره من السياسة “والكوانب” الذين يثقون في خطابه الفاشي “المفروش” ،لم يعد هناك الحديث عن إستحضار لا الربيع ولا الخريف بعد فضيحة التقاعد السمين…. وقد كان أحد مدراء الجرائد الوطنية الكبرى محقا في حثنا لمواجهة هذا المشروع الاسلاموي ،لما طلب من كمراسلين صحافيين الإنكباب على مهاجمتهم،وترصد هفواتهم وكشف عوراتهم ،ولكن “سخونية” رأسي ،ونظرا لعلاقات الزمالة التي كانت تربطني بعدد من الاصدقاء بهذا الطيف السياسي فضلت الانسحاب من اللعبة ، ومغادرة الجريدة التي أبانت عن تحيز كبير لخدمة أجندة سياسية معينة على حساب أخرى ومعادتها بمل السبل ، وسيكون فيها ثمن مصداقيتنا الإعلامية الحرة والمستقلة غاليا جدا .. وحبر قلمنا سيسيل مداده كسيل الدم المغدور وإخترت الإنسحاب على زيف الحقائق ونقل الزور.
مرت الشهور والسنون لأكتشف أن المدير الانتهازي الذي باع الضمير والشرف كان محقا في توقعاته من الإسلاميين الجدد ،وكنت شخصيا حينها متحمسا لتجربتهم في ترجمة وعودهم التي رفعوا لها شعار ،من قبيل القطع مع الفساد والريع والاستبداد،وكنا نمني النفس أن الوضع سيتغير وان واقع الحال سيتبدل، وتصورنا ان صقورهم سيحلقون بنا عاليا في سماء العدالة الاجتماعية والمجالية ،والقطع مع الريع لنتفاجئ في آخر الأشواط أن الحكم باع “الماتش ” وأن لاشي تغير وإنما الذين جاءوا للحُكم هم أنفسهم من تغيروا.
يتبع…