نورالدين بازين
لم يخطر ببال رئيس جماعة حربيل “الإريني ” اسماعيل البرهومي،وهو ينافس على منصب رئاسة مجلس مؤسسة التعاون بين الجماعات” مراكش الكبرى” المكلفة بتدبير مركز طمر وتثمين النفايات المنزلية والمماثلة لها لمراكش والمتواجد بتراب جماعة المنابهة، أنه يكتب بداية معادلة صعبة في مساره السياسي في خارطة جهة مراكش آسفي، بعد ان نافس حزب العدالة والتنمية على هذا المنصب.
وبينما كان البرهومي يحاول توسيع مجال مسانديه من أحزاب سياسية أخرى كالحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة، من أجل حشد أصوات للفوز بهذا المنصب، أخذت الحملة الانتخابية أبعادا أخرى بدخول عناصر جديدة على الخط. فها هو حزب البيجيدي يسابق الأزمات السياسية والإنتخابية، ويسلط على كل محطة واحدا من صقوره، لكن أن يحضر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بصفته أمينا عاما للحزب إلى جماعة قروية تسمى السويهلة، وهي الجماعة التي ينافس رئيسها على هذا المنصب، من أجل إلقاء خطاب سياسي، والتطرق إلى اسم البرهومي اسماعيل في هذا الخطاب امام الحاضرين من المناضلين والمناضلات والمتعاطفين مع حزب المصباح، يوحي أن دخول مرشح حزب التجمع الوطني للأحرار لهذه الانتخابات في آخر لحظة، قد بعثر الأوراق لحزب البيجيدي بمراكش، ودفعهم إلى بذل الجهد أكثر وإعادة الاتصال بأطراف اللعبةمجددا، رغم أن حزب العدالة والتنمية دخل إلى هذه المنافسة وهو شبه مرتاح نسبيا بعدد 18 صوتا موزعة بين 14 صوتا لرئيس المجلس الجماعي لمراكش وصوتين لرئيس جماعة السويهلة وصوتين لرئيس جماعة لوداية.
البرهومي نهج سياسية المواجهة السياسية مع ترسانة حزبية قوية مدعمة من جميع الأطراف، ولم ينهج قضاء الحاجة بتركها. لقد رسم بورتري لسياسي جارت عليه المصالح، ودخل المنافسة الانتخابية ولسان حاله يقول لم يعد لي شيئا أخاف عليه، لذلك لم يعد يخاف من المواجهة السياسية، والنتيجة أن السياسة أصبحت تحالفات من أجل المصلحة فقط وتصفية حسابات سياسوية بين الإخوة الأعداء.
العديد من متتبعي الشأن الحزبي والسياسي بجهة مراكش آسفي سيعتبرون أن نتيجة 28 صوتا لصالح مرشح حزب العدالة والتنمية مقابل 10 أصوات لصالح مرشح الإريني هزيمة لهذا الأخير، لكن بمنظار واضح للخريطة السياسية لهذه الأرقام سنرى العكس، من خلال ان هذه الانتخابات تعد بداية العد العكسي للاستحقاقات المقبلة، وبينت التحالفات الممكنة في المستقبل وقوة وضعف كل حزب من خلال مرشحه.
وبلغة الأرقام، فإن البرهومي كشف عن قياس عضلاته، وقوة حزب الحمامة من خلال هذه الانتخابات، فقد حصن منطقة البور وأظهرت أن رؤساء جماعة لمنابهة وجماعة أولاد دليم إلى جانب رئيس جماعة حربيل، أنهم قوة متكاملة ولا يمكن هضمها بسهولة، ولو لا حضور غياب رئيس جماعة واحة سيدي ابراهيم عن التصويت بهذه الانتخابات لاكتملت الخارطة، بل تجاوز الحدود البورية و وضع يده على جماعة سيد الزوين التي صوت رئيسها لصالح البرهومي، وهي الجماعة التي تجاور جماعة السويهلة، وهو التصويت الذي تفاجأ به جميع المتتبعين حتى المنافسين في هذه الانتخابات، ولو أخذنا فقط أخطاء بعض القيادات الحزبية في الجهة بحسابتها الضيقة، فإن المنافسة على هذا المنصب كان سيكون له طعما مرا لأحد المرشحين.
التحول الذي خلقته هذه الانتخابات في الخارطة السياسية بعمالة مراكش، تجلى أيضا تحريك المياه الراكذة في بعض أجهزة الأحزاب، واعتبرت إطارا مؤطرا للمرحلة المقبلة، لكن تبقى أسئلة كثيرة للإجابة عليها يفترض رسم صورة موضحة عن اللاعبين المحتملين في هذه المرحلة، فخلف هذه الانتخابات التي لن تدوم سوى سنة ونصف سنة،ترتسم ملامح أسماء منتخبين يغيرون طبيعة السياسة مستقبلا. قد يكون هذا التغيير للأفضل أو للأسواء، لكن المعطيات السالفة الذكر في كفة، والوضع الهش لبعض الأحزاب في الكفة المقابلة. وهناك خيط دقيق يمكن أن يكون مفسرا لعلاقات جديدة تنسج ليلا.