التنظيم الجمالي للخط في أعمال الخطاط محمد تفردين

التنظيم الجمالي للخط في أعمال الخطاط محمد تفردين

- ‎فيآخر ساعة
378
0

د. محمد البندوري

يستند الفنان محمد تفردين في منجزه الخطي على مجموعة من المقومات الفنية والجمالية لبناء الفضاء بحروفيات وخطوط متنوعة ومنمنمات وألوان ذات جماليات رائقة، ليقدم بيانا خطيا في المشهد الحروفي المغربي. وليحدث مسلكا فنيا متفردا. فقد بصم هذا الاتجاه في التعبير بأعمال خطية ذات قيمة فنية بما يقدمه في منجزه من خطوط وأشكال تضرب بجمالياتها في عمق التراث المغربي الأصيل. يبسط أشكالها بكميات مختلفة في الفضاء ويوزعها حسب الحاجة الفنية وحسب الرؤية الجمالية وحسب ما يقتضيه التنوع بين الشكل والخط واللون. وبذلك فأعماله في مجملها تحقق أشكال جديدة تطلق سراح الحرف من جهة، وتزكي الأبعاد الجمالية للخط المغربي وأشكاله من جهة ثانية، بتنظيم فارقي لكل المفردات والعناصر المكونة للقاعدة الحروفية.

فتتجسد سحرية الخط المغربي في رسوماته المطاوعة  لمختلف الأشكال من خلال عملية التثبيت المحكم والمنظم داخل الفضاء، وتظهر أشكال الخط المغربي مكثفة في الفضاء باحترام دقيق لبعض الضوابط الفنية، وللشكل الجمالي، وهو ما يحيل إلى أن قصبة المبدع تترصد التوظيف الجمالي المحكم لكل المفردات الفنية من ألوان وحروف، وتوزيع دقيق للمساحة. ويتبدى من خلال أعماله أن هذا التأطير يأتي في سياق التجربة الفنية للمبدع التي تروم المزج بين الحرف واللون أحيانا وتقاطعهما في أشكال تذر أنواع من الجمال، بينما يحرر الحروف أحيانا أخرى ويسبح بها في الفضاء وفق تصور فني وجمالي، وهو ما يحيل إلى المشروع الذاتي للمبدع، الذي يمزج بين مفارقتي تداعيات اللون والحرف في نطاقهما الجمالي، فهذا مرصع بخصوصيات التراث الحضاري الأصيل بمنمنماته المتنوعة، وذاك مرصع بجمال اللون المعاصر وما يكتنزه من أشكال مدججة بالتقنيات المعاصرة. وفي خضم ذلك تغزر ريشة المبدع لتشكل مساحة جمالية في النسيج الفني المغربي، وتنثر أنواع مختلفة من الخط واللون تروم الكثافة والتموقع اللوني والحرفي مما ينبئ بدلالات ومعاني كثيرة. إنه يلجأ إلى ما يستدعيه العمل الخطي من مميزات في التشكيل لينسج حزمة من العلائق بين جماليات الخط وجماليات الشكل واللون؛ وفي هذا المنحى نجد نوعا من التوازن الإبداعي ونوعا من التوليف الجمالي، وذلك وفق ما قادته إليه حِرفيته وموهبته وتصوراته في فن الخط، وما شكله حيزه الإبداعي من تفوق فني ليمنح القارئ تحويلا خلاقا، يتمثل الكُلَّ الخطي في بؤر فنية غزيرة بالدلالات والمعاني. فهو يجمع المفردات الحروفية بنوع من الدقة والضبط، ويكتسح بعضا من المساحات لينجز أشكالا خطية مقرونة بالتراث المغربي الأصيل بنوع من التبسيط، والاعتناء بقيم السطح، في جذب مطلق للرؤية البصرية التي تستجلي دلالات إضافية. وهذا يحيل إلى أن الفنان محمد تفردين يبني فضاءه على ميزان فني معرفي مركّب، مليء بالطاقة التعبيرية، ويروم إبراز الملامح الجمالية للحرف المغربي.

إن الفنان محمد تفردين يبرز عنصر الخط باعتباره مدخلا فنيا يملأ  الفضاء الفني بالعوالم الإبداعية الصرفة. وبذلك يبني أعماله وفق مستحدثات تقنية ووفق أدوات نصية يقحم خلالها الألوان داخل التركيب الخطي ويوظفها بتدرج منظم، وبمقدرة أدائية عالية تجعل من الحرف والشكل أداتين للتعبير في سياقات متنوعة، تتوقف على مسافات تعبيرية مفتوحة، وتمر عبر إِيقاعات تلامس السمع والإحساس‏، بتمثيل للمقومات الإيجابية للعمل الخطي، من حروف وكلمات ونصوص مختلفة، لينتج من ذلك جماليات وقيم تعبيرية صرفة.

 

 

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت