سمية العابر
لتسليط الضوء على مستجدات الملف ،عقد تجار السوق المركزي إبن تومرت بمراكش ندوة صحفية عشية فاتح غشت 2019 بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة، وعبر المشاركون عن رفضهم التنازل عن حقوقهم، وعن عدم قبولهم للفتات المقدم من طرف المجلس، ذلك ان المجلس يروم بناء سوق جديد دون مراعات تسوية ملف السوق المركزي لكليز وفق مواصفات معقولة ومضبوطة بنص اتفاق واضح البنود، مما يؤكد ان المجلس الجماعي يسعى الى استدامة معاناة التجار ودفعهم للافلاس والقبول بما سماه التجار بالابتزاز المتمثل في قبول مبلغ 200 الف درهم كتعويض مقابل التنازل عن العقود والاتفاقية الاطار.
وكانت معاناة التجار تعود بدايتها الى سنة 2004 أي 15 سنة خلت، حيث أنهم كانوا يمارسون تجارتهم بالسوق المركزي ݣليز ،ليتم إهمال السوق المركزي Marché Central من طرف المجلس الجماعي ، ليتم إشراك المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء Erac بدعوى إعادة هيكلة السوق.
أمام هذا الوضع قبل التجار أصحاب الدكاكين وعددهم 72 تاجرا، وأخرين كانوا يتوفرون على ” كلسات” بالترحيل المؤقت إلى السوق المركزي الكائن بزنقة إبن تومرت ، وقد تم توقيع إتفاقية إطار بخصوص ترحيل السوق المركزي بشارع محمد الخامس الى السوق المركزي بزنقة إبن تومرت، سنة 2004 بين رئيس المجلس الجماعي لمدينة مراكش ومدير المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء لجهة تانسيفت من جهة وكل تاجر او بائع من جهة أخرى، وذلك بهدف إنجاز مركب تجاري نموذجي بشارع محمد الخامس ، في مدة زمنية محددة في 18 شهرا.
وتنص الإتفاقية الإطار على ترحيل السوق من شارع محمد الخامس إلى زنقة ابن تومرت ،مع إمكانية الترحيل مرة أخرى الى شارع محمد الخامس مقابل مبلغ مالي محدد لكل متر مربع لإقتناء المحل. كما تنص الإتفاقية كذلك على إمكانية البقاء فالسوق المتواجد بزنقة إبن تومرت بالنسبة للراغبين في ذلك شريطة تحرير عقد جديد بالسومة الكرائية، إضافة للإتفاقية تم منح قرارات صادرة عن المجلس الجماعي لفائدة التجار والباعة تمكنهم من دكاكين بالسوق المركزي ابن تومرت.
إلا أن التجار بعد ترحيلهم سكتشفون ان عدد القرارات إرتفع بنسبة هامة ،نتيجة إقحام أسماء من طرف المستشارين الجماعيين وربما جهات اخرى ليصبح العدد الإجمالي لتجار السوق المركزي إبن تومرت 132 تاجرا. كما أن المجلس الجماعي لمراكش والمؤسسة الجهوية للبناء والتجهيز سيقدمان آنذاك إلى بيع السوق المركزي بشارع محمد الخامس إلى شركة Carré Eden التي ستشيد مكانه مركبا سياحيا وتجاريا من العيار الفاخر، تم إفتتاحه سنة 2014.
وقبل إفتتاح المركب الجديد، فاتح التجار رئيسة المجلس الجماعي لمدينة مراكش حول مآل الإتفاقية الإطار ليتم إخبارهم أن الدكاكين المخصصة لهم لم يتم إنجازها، مما دفع رئيسة المجلس الجماعي انذاك( 2012) للتدخل ليتم بناء 72 دكانا صغيرا جدا وفي مكان لايسمح للتجار بممارسة التجارة.
وبعد عدة لقاءات بين السيدة رئيسة المجلس السابق لمدينة مراكش والتجار تم الوصول الى مقترح يتم بموجبه ترحيل السوق المركزي من زنقة إبن تومرت الى مدخل شارع مولاي رشيد خلف إدارة اتصالات المغرب والبريد المركزي ، وقد خصصت لذلك بقعة أرضية كانت تضم مقرا للتعاون الوطني ومقرا لجمعية أبناء شهداء الاستقلال.إلا أن المشروع لم يتم إنجازه رغم توفير العقار.
أمام ارتفاع الضغوطات على التجار والتهديد بإفراغهم من محلاتهم بالسوق المركزي ابن تومرت، وتوجسهم من فقدان مورد عيشهم ، باشر التجار من جديد عملية طرق الأبواب واللقاءات مع المجلس الجماعي الحالي لمدينة مراكش.
وقد تبين للتجار أن المجلس الجماعي الحالي يطمح ليس فقط إلى بناء سوق مركزي خاص بالتجار كما وعدت بذلك رئيسة المجلس الجماعي السابق ، ولكن يطمح إلى إنجاز مركب تجاري نموذجي اخر، حيث طالب المجلس الجماعي التجار بالتخلي عن الإتفاقية الإطار الموقعة سنة 2004 لتوقيع إتفاقية جديدة، وحدد مبلغا ماليا كبيرا لإقتناء المحلات بالسوق الموعود، إضافة أن التصاميم المعدة والتي أطلع عليها التجار والتي لن تسمح لهم بمزاولة تجارتهم، ولاستداج التجار للقبول بمحلات غير لائقة حسب التصاميم اقترح المجلس تأجيل دفع المستحقات من طرف التجار الى حين الانتهاء من بناء السوق الجديد والذي يبدو من تصاميمه ان التهميش مرة اخرى سيطال تجار السوق المركزي.
ويستنتج من إقتراحات المجلس الحالي أن معاناة التجار ستستمر وأن أزمتهم الإجتماعية والإقتصادية ستتعمق، مما يطرح عدة علامات إستفهام حول التسويف والمماطلة في معالجة المشكل، والكشف على المبلغ المالي الحقيقي الذي بيع به العقار لشركة كاري إدن، وأيضا الكشف على عائدات مالية هامة لازالت بحوزة الشركة صاحبة المركز التجاري بشارع محمد الخامس لفائدة المجلس الجماعي لمدينة مراكش بهدف تعويض التجار أو المساهمة في بناء سوق مركزي آخر ،حسب بعض المعطيات المتوفرة .
واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، إستمرار معاناة تجار السوق المركزي بشارع محمد الخامس المرحلين الى السوق المركزي إبن تومرت والمهددين بفقدان مورد رزقهم، مسا حقيقيا بكرامتهم وحقهم في مستوى معيشي لائق، وتهديدا لاستقرارهم .
و حملت المجلس الجماعي تبعات هذا الملف الذي عمر طويلا، والذي يعد بشكل جلي استهتار للمجالس المتعاقبة على مراكش بقضايا المواطنين، وركون المجالس الى التسويف وانكار كل الالتزامات وضرب مصالح الناس عرض الحائط، اضافة الى تقديمها خدمات لجهات معينة على حساب المستحقين. والجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع المنارة مراكش، تدعو المجلس الجماعي لمدينة مراكش الى تحمل مسؤوليته عبر طرح حل واقعي واجتماعي وعدم تسوية الملف على حساب التجار الضحايا.
واستنكرت تسويف ومماطلة المجلس الجماعي لمدينة مراكش، ومحاولاته استدامة واقع الحيف في حق التجارة وعائلاتهم، والدفع بهم لليأس عبر عمليات الابتزاز للتخلي عن حقوقهم مؤكدة على فتح حوار حقيقي وشفاف مع التجار والإستماع لمقترحاتهم وإشراكهم في اية تسوية تضمن حقوقهم ومصالحهم.
إلى جانب تمكين التجار من محلات لمزاولة تجارتهم ووفق شروط مقبولة من طرفهم ، وبأثمنة وكلفة تفضيلية و إجتماعية تراعي أوضاعهم المادية والإقتصادية الخانقة، وتفادي اسلوب الابتزاز بالشروط المجحفة للمجلس الجماعي، و تفعيل الإتفاقية الإطار الخاصة بترحيل السوق من شارع محمد الخامس الى زنقة ابن تومرت و جبر الضرر الذي لحق التجار، وتمكينهم في اجال معقولة ومحددة من حقوقهم وضمان مورد عيشهم وكرامتهم.