المحكمة ضمّت الدفوع الشكلية للجوهر وحددت 21 ماي تاريخا لاستنطاق المتهمين
هجوم عنيف شنّه دفاع بعض المتهمين في جريمة “لاكريم” على النيابة العامة،خلال الجلسة الملتئمة زوال أول أمس الثلاثاء،فبعد أن انتهت من التأكد من حضور المتهمين،خاصة المتابعين منهم في حالة اعتقال، أعطت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش الكلمة لممثل الحق العام للرد على الدفوع الشكلية التي تقدم بها الدفاع،خلال الجلسات السابقة،وهو الرد الذي كان مقتضبا،وأوضح فيه بأن هذه الدفوع أصبحت متجاوزة لأنها لم تقدم في إبانها،خالصا إلى أن الغرفة الجنحية هي الجهة المختصة للبت في جميع الملاحظات التي أثارها محامو المتهمين،ملتمسا من غرفة الجنايات عدم قبولها،واحتياطيا ضمّها للموضوع.
رد نائب الوكيل العام أثار عليه هجوما حادا من طرف المحامي محمد كرّوط،من هيئة الرباط،الذي يؤازر “المصطفى.ف”، صاحب مقهى “لاكريم”، وابن عمّه “محمد. ف”، مسير المقهى نفسها،فقد اعتبر الرد “غريبا وبسيطا” وبمثابة “هروب للأمام”،مشيرا إلى أن الغرفة الجنحية تختص في مراقبة إجراءات التحقيق الإعدادي وليس من مهامها البت في الدفوع الشكلية.
وتحدى كرّوط،الذي تقدم بمذكرة كتابية لتعزيز مرافعاته الشفوية السابقة المتعلقة بالدفوع الشكلية،(تحدى) النيابة العامة أن تأتي بجواب مقنع ومركّز،تحت طائلة أن يسحب مذكرته وكل ما ورد في مرافعاته،مضيفا بأنها تتهرب وتختبئ وراء مبررات لا سند قانوني لها،ولافتا إلى أن المحاكم الاستثنائية،في الثمانينيات،كانت تبت في الدفوع الشكلية،وأن المحكمة العسكرية سبق لها أن قضت ببطلان محاضر الضابطة القضائية.
وبعد أن اعتبر،في جلسة سابقة،بأن النيابة العامة لم يكن لها أي إشراف مباشر وحقيقي على البحث التمهيدي،عاد كرّوط،خلال جلسة أول أمس،ليتهمها بأنها أطلقت يد الضابطة القضائية لتفعل ما تشاء.
واعتبر كرّوط،محامي الدولة في ملف محاكمة معتقلي حراك الريف،بأن الحرية مصونة بحكم الدستور،وأن من حق المواطن المغربي أن يطبق عليه القانون بطريقة سليمة،ومن واجب النيابة العامة توفير الأمن القضائي،مشددا على أن القضاء المغربي هو من سيؤدي ثمن ممارساتها في هذا الملف.
الضابطة القضائية لم تبق بمنأى عن هجوم كرّوط،فقد اعتبر بأن البحث التمهيدي أشرفت عليه 14 جهة أمنية،ورغم ذلك فقد ذهبت ضحية الخوف (الخلعة) والضغط الإعلامي،زاعما بأن جرائم القتل بالرصاص تعتبر عادية في دولة مثل هولندا،عكس القتل بالأسلحة البيضاء،التي قال بأنها تعد من ظروف التشديد في هذه الدولة،خالصا إلى مطالبة المحكمة “بأن تقضي ببطلان محاضر الضابطة القضائية أسوة بالمحكمة العسكرية في الثمانينيات”.
من جهته،هاجم المحامي محمد حركات،من هيئة الدار البيضاء،النيابة العامة،ملتمسا من الغرفة بأن تأمر كاتب الضبط بأن يعتبر ما ورج على لسان ممثل الحق العام “مردود عليه قانونيا”،وداعيا المحكمة إلى استبعاد هذه المحاضر، وأن تبني قناعتها على ما سيروج أمامها من من نقاش حضوري وشفوي في إطار مرافعات أطراف القضية،وألا تضمّ الدفوع الشكلية إلى الموضوع،وأن تبت فيها بمقتضى حكم قضائي مستقل.
تعقيب ممثل الحق العام كان هادئا، وانبرى فيه مدافعا عن الضابطة القضائية، التي قال بأنها أنجزت عملها على أحسن وجه وفقا للمقتضيات القانونية.وعكس ما ذهب إليه دفاع بعض المتهمين من أن الحراسة النظرية كانت “قياسية”و “متجاوزة للمدة القانونية”، أوضح نائب الوكيل العام بأن احتسابها يبدأ منذ صدور قرار النيابة العامة بالوضع تحت تدابير الحراسة النظرية وليس من تاريخ التوقيف،مضيفا بأن عدم توقيع بعض المتهمين على هذه المحاضر يعتبر أكبر ضمانة على تمتعهم بجميع حقوقيهم القانونية.
تعقيب ممثل الحق العام أثار، مجددا، رد فعل حاد من طرف المحامي كرّوط،الذي كانت له حصة الأسد في المرافعات،خلال هذه الجلسة التي استغرقت زهاء ساعتين،وكان من أول الداخلين لقاعة المحاكمة حاملا معه حقيبة ملابس كبيرة محملة بوثائق ومراجع قانونية،متهما النيابة العامة بأنها “سقطت في التناقض”، و “جعلت نفسها ضد الدستور والقانون”.
وقد قرّرت هيئة الحكم،بعد المداولة على المقاعد،ضمّ جميع الدفوع الشكلية للجوهر والاستمرار في مناقشة القضية،متعهدة بالرد عليها كتابيا في تعليلها للحكم بعد صدوره،وهو ما اعتبره مصدر قانوني “رفضا مبطّنا” لهذه الدفوع.
ولم يكد يتدخل رئيس الغرفة للتخفيف من حدة نبرة كروط،حتى عاد لمهاجمة النيابة العامة،بعد أن التمست رفض طلب تقدم به إلى جانب المحامي عبد الرحمان الفقير،من هيئة مراكش، والقاضي بطلب موكلهما،مالك “لاكريم”،إعادة فتح مقهاه بإسناد توكيل إدارتها وتدبيرها لعاملين بها،وهو الرفض الذي علله ممثل الحق العام بكون صاحب الطلب يتابع،في حالة اعتقال،بصك اتهام ثقيل،بينها جنايات “تكوين عصابة إجرامية،السرقة الموصوفة باستعمال السلاح،حمل أسلحة نارية وذخيرة بدون رخصة…”.
وقد دخل كرّوط في مشادات كلامية مع ممثل الحق العام،الذي وصفه بأنه “خارج التغطية”،وقال كرّوط بأنه سيحوّل المحكمة إلى مدرسة، بل كان يقاطع حتى رئيس الغرفة،الذي ذكّره بأن تدخل النيابة العامة يبقى مجر ملتمس،الذي تقرّر إخضاعه للمداولة في آخر الجلسة.
هذا، وقد قرّرت المحكمة تكليف النيابة العامة باستدعاء المتهم “عبد الفتاح. ه” (21سنة)،المتابع في حالة سراح،بجناية “تقديم مساعدة عمدا وعن علم بنقل أفراد عصابة إجرامية”،وجنحة “عدم التبليغ بوقوع جناية”،والذي يوجد،حاليا، رهن الاعتقال بسجن “الأوداية” في ملف آخر،كما أرجأت الجلسة الـ 11 من المحاكمة إلى تاريخ 21 ماي المقبل،من أجل الشروع في استنطاق المتهمين الـ 19،بينهم 3 يتابعون في حالة سراح.
المصدر: عبد الرحمان البصري (أخبار اليوم)