محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة من مراكش: من حق وواجب بلادنا أن تقف وقفة تعيد فيها قراءةَ إنجازاتها الكبرى

محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة من مراكش: من حق وواجب بلادنا أن تقف وقفة تعيد فيها قراءةَ إنجازاتها الكبرى

- ‎فيجهات, سياسة
372
0

متابعة/ نورالدين بازين

 

انطلقت اليوم الجمعة بمراكش، أشغال ندوة حول موضوع “مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية ” المنظمة من قبل الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة بمناسبة انعقاد المنتدى الثالث للمحامين المغاربة المقيمين بالخارج.

وفي معرض كلمة محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة ، إن من حق وواجب بلادنا التي تواصل جهودها بدون كلل في معركة البناء الديمقراطي الحداثي ودولة القانون والمؤسسات، القائمة على ترسيخ قيم العدل والمساواة وحقوق الإنسان، أن تقف وقفة تعيد فيها قراءةَ إنجازاتها الكبرى وتقييمَ مسارِها وتقويمَه وتطويرَه وتحسينَ أدائه، بما يحقق الأهداف التي رسمتها لنفسها.
وأشار رئيس النيابة إلى الدور الكبير الذي تقوم به النيابة العامة في قضايا الأسرة، سواء من منظور المدونة التي جعلتها طرفاً أصلياً في جميع القضايا، مما يسمح لها بالمساهمة في نجاعة العدالة ومساعدة قضاء الحكم على إصدار أحكام تستجيب لتطلعات المتقاضين. أو فيما ينيطه بها قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية من إجراءات لحماية الأسرة عموماً، والنساء والأطفال على وجه الخصوص، إلى جانب تطبيق اتفاقيات التعاون الدولي في مجال الأسرة والحَضانة واختطاف الأطفال، مما يجعل منها آلية أساسية لتعزيز نجاعة العدالة على المستوى الدولي. ولذلك فإننا نحضر هذا الملتقى للمساهمة في مناقشة المواضيع المحددة في برنامجه، وكذلك من أجل الاستماع لاقتراحاتكم وملاحظاتكم، بشأن الأدوار التي يمكن أن تقوم بها النيابة العامة من أجل تطوير أداء العدالة في مجال قَضاء الأسرة.
وأكد أن عقد هذا اللقاء، بعد مرور 14 سنة على تطبيق مدونة الأسرة، وهي مدة كافية من الناحية العملية لتقييم هذا النص، يفرض على جميع المهتمين القيام بوقفةِ تأملٍ لرصدِ المكتسبات، والكشف عن مكامن الاختلالات لتحديد مداخل الإصلاح المرتقب. غير أن تحقيق هذا الرهان لن تكتمل معالمه، إلا إذا تم تبني قراءة تستحضر أبعاد وآثار هذا التطبيق على المغاربة المقيمين بالخارج. ذلك أن نجاح أي نص، ولاسيما قانون الأسرة، لا يتوقف بالضرورة على استيعابه للإشكالات الداخلية، ولكن بقدرته على الانسجام والصمود أمام أي اختبار لمقتضياته داخل الأنظمة القانونية الأجنبية، في تماه مع التطورات التي تشهدها التشريعات المقارنة في هذا الصدد. سيما وأن المعنيين بأحكامه من المواطنين ينتقلون أو يقيمون بدول أخرى، ويعرضون خلافاتهم الأسرية على محاكمها، مما يقتضي أن يكون هذا القانون منسجما مع المبادئ الكونية لحقوق الإنسان ومراعياً لتطورها.
وأبرز محمد عبد النباوي إلى مقاربة قانون الأسرة المغربي على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية، بقدر ما تفتح آفاق تطوير هذا النص من خلال استحضار الممارسات التشريعية والقضائية المقارنة، واستلهام المبادئ المرجعية للاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع، والتي تعد بلادنا نموذجاً رائداً للانخراط الواعي والمسؤول في أهمها، وسباقة على الصعيدين العربي والإسلامي، خاصة في تلك المرتبطة منها بحماية الطفل، كاتفاقيتي لاهاي ل25 أكتوبر 1980، المتعلقة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للأطفال، و19 أكتوبر 1996، المتعلقة بالاختطاف الدولي للأطفال أو بالاختصاص، والقانونِ المطبقِ والاعترافِ، والتنفيذِ، والتعاون في مجال المسؤولية الأبوية، وإجراءات حماية الأطفال؛ فإنها تكشف عن العراقيل والصعوبات التي تعترض تطبيق المدونة على الأسر المغربية المقيمة بدول المهجر.
واعتقد عبد النباوي أن مبعث هذا الإشكال يرجع بالأساس إلى ازدواجية المرجعية المتحكمة في ميدان الأسرة واختلافها بين الأنظمة ذات المرجعيات الدينية، والأنظمة العلمانية، بتبني الأولى بالأساس لحلول ذات مرجعية دينية عقائدية في العديد من المواضيع الأسرية، وباختيار الثانية لتوجهات تستبعد أي تمييز أساسه ديانة أو جنس الشخص، وتمنح نوعاً من التقديس المفرط لمفهوم الحرية الشخصية، وتصوراً مثالياً للمساواة بين طرفي العلاقة الأسرية. وهو ما جعل الأسر المغربية في دول الاستقبال تعيش تأرجحا بين هاجس الحفاظ على هويتها وثقافتها الوطنية، والتي يعكسها تطبيق القانون الوطني المغربي على أحوالهم الشخصية من جهة، وسياسة الإدماج والاستيعاب التي تمارسها سلطات بلد الإقامة من خلال إحلال قانون الإقامة والموطن محل القانون الوطني كضابط للإسناد في المسائل الأسرية من جهة أخرى. وهي الميزة التي طبعت العديد من تشريعات الدول الأوربية في مجال القانون الدولي الخاص في السنوات الأخيرة. وهو ما ساهم في تضييق مجال تطبيق قانون الأسرة المغربي على المواطنين المغاربة بالدول المعنية.
وأضاف أن من عمق الإشكال، زاد في بروز موجة من التوجهات الجديدة للاجتهاد القضائي لدى الكثير من دول الاستقبال، التي عملت على استبعاد بعض الأحكام والعقود الصادرة عن المحاكم المغربية، بمبرر مخالفتها للنظام العام الدولي.
وذكر عبد النباوي في ختام كلمته على أن هذا اللقاء يعتبر مناسبة سانحة للتفكير الجماعي بشكل مسؤول في الإشكاليات التي تعترض مغاربة العالم في مجال قضاء الأسرة. ولا شك أن الخبرات والتجارب المقارنة الحاضرة بهذا اللقاء والمتجلية فيكم حضرات السيدات والسادة المشاركين في الندوة، ستكون قوة اقتراحية عالية الجودة في مسار تطوير قانون الأسرة ببلادنا، من خلال نقاشاتها والأفكار التي ستعبر عنها، والتوصيات التي سيتمخض عنها هذا اللقاء. والتي ستستحضر بدون شك الإشكاليات المتعلقة بآثار الأحكام والعقود الأجنبية، بالشكل الذي يضبط حدود الاعتراف، وحالات إلزامية سلوك مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية، ومجال مراقبة السلامة الدولية للأحكام وتجلياته. مما سيسمح للمنظمين باستخلاص اقتراحات قد تفيد المراجعات القانونية التي قد تحدث فيما يستقبل من الأيام.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت