هشام السماحي عامل اقليم قلعة السراعنة
حسناء فرحان/ قلعة السراغنة
في سابقة هي من نوعها في العمل الحقوقي ، بعث مركز حقوق الناس بمذكرة حقوقية إلى هشام السماحي عامل اقليم قلعة السراغنة ، إذ اعتبرت المذكرة آلية و شكلا متطورا من التعامل الحقوقي بالمغرب، كما تزامنت هذه المذكرة التي تطرقت إلى معالم وحياة اليهود بالإقليم مع انعقاد المؤتمر اليهودي بمراكش.
فانسجاما مع رسالته المتمثلة في المساهمة في احترام حقوق الإنسان وصيانتها ، ورغبة منه في القيام بأدواره الدستورية كجزء من المجتمع المدني ، وسعيا منه لاعتماد مقاربة تواصلية ناجعة ، وضع مركز حقوق الناس بين يدي عامل إقليم قلعة السراغنة مذكرة حقوقية ، موضحا أنها وإن كانت تشكل جزءا مهما من تقرير المركز السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بهذا الإقليم ،فإنها لا تعتبر بديلا من هذا التقرير .
و حصر المركز مضامين هذه المذكرة في بعض الجوانب التي يراها ذات راهنية ، انسجاما مع السياقات التي تمر منها البلاد ، و مع الاستراتيجيات المعتمدة من طرف الدولة المغربية في مجال حقوق الإنسان .
فالنسبة للنساء السلاليات و حقهن في الإرث اعتبرت المذكرة أنها لازالت قضية تثير العديد من الإشكالات بالإقليم ، خاصة وان طبيعة الوعاء العقاري بالنسبة للأراضي ، هي أراضي “جموع ” أو ” شياع ” . مذكرين عامل الإقليم، بان وزير الداخلية كان قد وجه دوريتين في الموضوع للسادة الولاة وعمال العمالات و الأقاليم و عمالات و مقاطعات المملكة ، كانت الأولى تحت رقم 51، بتاريخ 14 مايو 2007 ، في موضوع مسطرة وضع لوائح دوي الحقوق التابعين للجماعات السلالية ، أما الثانية فتحت رقم 60 بتاريخ 25 أكتوبر 2010 في موضوع استفادة النساء من التعويضات المادية و العينية التي تحصل عليها الجماعات السلالية .
وكانت الدورية الوزارية رقم 60، قد أشارت في فقرتها الرابعة الى التطور الذي عرفه مجال حقوق المرأة بالمملكة المغربية ،عبر إصدار قوانين تقر بمبدأ المساواة بين الرجل و المرأة ( المادة 4 و 51 ) من مدونة الأسرة ، وكذا الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا و المتعلقة بحقوق الإنسان ، ومناهضة التمييز ضد المرأة ، علاوة على تنصيص الدستور المغربي على أن المغاربة سواسية أمام القانون.
أما على المستوى الميداني ، فقد ثم التفاعل بشكل ايجابي مع نضالات الحركة الحقوقية و الحركة النسائية بضواحي القنيطرة و أكادير ، وأصبحت النساء السلاليات يتمتعن بحقوقهن كاملة ، وتمنى المركز أن يتدخل العامل بشأنه، حيث لازال حرمان النساء من حقهن في الإرث متواصلا بالإقليم ، كما تؤشر على ذلك الشكايات المتواثرة على مكتب المركز باستمرار .
أما في ما يخص وضعية مخافر الحراسة النظرية بكل من مصالح الأمن الإقليمي وسريات الدرك الملكي بالإقليم فقد ذكر المركز العامل بمذكرات وزارة العدل و الحريات بالمملكة المغربية التي عممت في هذا الصدد ، تحث على تحسين شروط الاعتقال الاحتياطي ،انسجاما مع التزامات المملكة تجاه المنتظم الدولي ، تهم تطوير شروط الإقامة المؤقتة بما يضمن كرامة الإنسان .
في هذا السياق ، فان مركز حقوق الناس ، يعول على تدخل عامل الاقليم، من أجل توفير الحد الأدنى من شروط الإقامة ، مثل تحسين وضعية المرافق الصحية وتوفير أسرّة فردية ، وتيسير التعامل مع عائلات المعتقلين من أجل تمكينهم من التغذية اللازمة ، في انتظار استكمال المساطر القانونية اللازمة لتفعيل القرار الحكومي القاضي بتخصيص ميزانية تمكن استفادة الموضوعين قيد الاعتقال الاحتياطي من التغذية .
وبالنسبة للواقع الثقافي بالإقليم، فقد سجل المركز بكل أسف ، التمادي في استبعاد البعد الثقافي أثناء وضع المخططات التنموية بالإقليم ،و اختزال الثقافي في بعده الفولكلوري ( المواسم ، الفروسية ….. الخ) ، وهو عامل أساسي في طمس الهوية الثقافية بالإقليم ، و التي ظلت تتميز عبر التاريخ بثقافة التعدد و الاختلاف و التسامح، مضيفا أن السنوات الأخيرة قد شهدت تدمير الموروث الثقافي الغني بالإقليم ، عبر إقبار عدد من المعالم الثقافية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ثم تدمير كنيسة تاملالت ، وكانت من أجمل الكنائس بالمغرب ، كما تمت إزاحة المقبرة المسيحية من الذاكرة الجمعية لساكنة الإقليم ، وبناء المركب الديني على أنقاضها ، وكان الأجدر بناء نصب تذكاري على مساحة بضعة أمتار يخلد ذكرى هذه المعلمة التاريخية. كما تم تهميش الملاّحات بكل من القلعة و سيدي رحال ، وعدم الاهتمام بمختلف بنياتها .
و بخصوص مقبرة أنماي اليهودية بسيدي رحال ،فقد ثم إهمالها بشكل كلي ، بل تم اختيار وضع مطرح النفايات بجــانبها ، وهو نفس الوضـــع الذي تعرفه المقبـــرة اليهودية بالقرب من المنطقة الصناعية بمدينة القلعة ،و التي تزورها العديد من الشخصيات اليهودية من مختلف بقاع العالم سنويا بمناسبة العيد الديني المعروف باسم “الهيلولة “، موضحا أنه إن كانت مسؤولية هذا الواقع تتقاسمها النخب الثقافية و الفكرية ، إلى جانب الهيئات المنتخبة ، مؤكدا أن واقع البنيات الثقافية يعيش خصاصا حادّا، و نخص بالذكر المكتبات و قاعات المسرح و السينما.
وفي الجانب الصحي سجل المركز في مذكرته المذكور والتي تنفرد” كلامكم بنشرها، بإيجاب التطورات الكمية و النوعية في خدمات الصحة العمومية بالإقليم ، مع ضرورة تطوير بنيات الاستشفاء ، وتقريب المواعيد بالنسبة للحالات المرضية التي لا تحتمل التأخير.
كما سجل المركز في قطاع الخدمات استمرار هدر كرامة المرتفقين لبعــــض الخدمات العموميــــة عبر غياب قاعات الاستقبـــال و الانتظار في بعض المؤسسات العمومية و الخاصة :على سبيل المثال ، مختبر التحليلات الطبية ابن سيناء ، المقابل لمسجد سيدي عبد الله بشارع محمد الخامس بالقلعة ، حيث لاحظ المركز طوابير من المرضى الذين ينتظرون أدوارهم بالشارع في مشاهد حاطة بالكرامة ،وكان مركز حقوق الناس قد تقدم إلى وكيل الملك بشكاية في الموضوع ، مطالبا من خلالها توفير قاعة انتظار تليق بالمرضى، كما تنص على ذلك دفاتر التحملات المنظمة للقطاع ، لكن الوضع لازال على ما هو عليه ، وهو الأمر نفسه بالنسبة لبعض المرافق الأخرى مثل مصالح الأمن الوطني ، خاصة غياب قاعة انتظار للمواطنين الراغبين في إنجاز البطاقة الوطنية : مركز تسجيل السيارات ، إدارة البريد، إدارة المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب .
أما بخصوص مدارس التعليم العتيق ودور القران بالإقليم و تماشيا مع المشروع الديني المغربي المنفتح و المتسامح ، سجل المركز الحاجة إلى ضرورة نشر أفكار التسامح و قبول الآخر بمجموعة من مدارس التعليم العتيق ودور القران ، مما يستدعي إعادة النظر في المضمون المعرفي و المنهجي بهذه المؤسسات ، تماشيا مع تحديث الحقل الديني في أفق بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي كما يرعاه ملك البلاد .
وفي اتصال هاتفي بالحسن زعطم، رئيس المكتب الجهوي لمركز حقوق الناس بمراكش آسفي، أكد بأن اعتماد مذكرات حقوقية، هي آلية مسؤولة،تتوخى احترام المؤسسات والاترقاء بمستوى التواصل، مضيفا أن مركز حقوق الناس تميز بجهة مراكش آسفي باصدار تقارير سنوية، حول أوضاع حقوق الانسان بالجهة، كما عرف المركز بتميزه بالدقة والموضوعية في رصد وتتبع وتوثيق الخروقات المرتكبة في مجال حقوق الانسان.