تم تسليط الضوء، أمس الخميس بمراكش، على الجهود المتواصلة التي تبذلها المديرية العامة للأمن الوطني لتكريس أسس الشرطة المواطنة وتعزيز سياسة القرب التي اعتمدتها المديرية لضمان حكامة أمنية جيدة، تكون دائما في خدمة المواطن والمجتمع.
وقد تم تنشيط هذه الندوة، المنظمة في إطار الدورة الثانية من أيام الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني، من طرف أطر بالمعهد الملكي للشرطة، التابع لهذه المديرية، حول موضوع “الشرطة المواطنة”.
وشكلت هذه المائدة المستديرة مناسبة لإبراز الجهود المبذولة من طرف المديرية العامة للأمن الوطني كمرفق عام يضع المواطن في صلب استراتيجية عمله، مما يعزز انفتاحه على بيئته.
وفي هذا الصدد، أشار المتدخلون إلى أن الهدف الرئيسي المتوخى من مرفق عام أمني، يتمثل في خدمة جميع المواطنين على قدم المساواة وتزويدهم بخدمات ذات جودة تكون في مستوى انتظاراتهم وتطلعاتهم، مبرزين مختلف التحولات الهيكلية والوظيفية التي عرفها هذا المرفق، بغية تحسين الخدمات المقدمة وبناء علاقات بين المؤسسة الأمنية والمواطن ترتكز على الثقة المتبادلة والشفافية، وذلك في إطار النموذج الجديد للشرطة المواطنة.
كما سلط المتدخلون الضوء على إحداث مجلس أعلى للأمن، طبقا لمضامين الدستور، يسهر على إضفاء الطابع المؤسساتي على معايير الحكامة الأمنية الجيدة، وتعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية والمؤسسات الحكومية وفاعلي المجتمع المدني، لتكريس أسس هذه الحكامة الجيدة من أجل تعزيز المفهوم الجديد للسلطة ولإدارة القرب.
وأكد المشاركون على أن الشرطة المواطنة تسعى إلى تعزيز أواصر الثقة بين المواطن والجهاز الأمني، من خلال إحداث هياكل شرطية تكون قريبة من المواطن، موردين على سبيل المثال الدوريات بالطريق العام والوحدة المتنقلة لشرطة النجدة، من أجل ضمان تفاعل سريع وفعال مع الطلب العام في مجال الأمن، مضيفين أن تحقيق الأمن الجماعي هو مسؤولية مشتركة تتطلب التعاون والشراكة بين جميع الفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني ومختلف الجهات المتدخلة.
كما استعرض المتدخلون الإجراءات الرئيسية التي اتخذتها المديرية العامة للأمن الوطني من أجل ضمان حكامة أمنية جيدة والمساهمة الفعالة في مختلف الأوراش الرامية إلى تعزيز دولة القانون وحماية الحريات الأساسية.
وتم خلال هذه المائدة المستديرة، تسليط الضوء على الفرق الجديدة للتوعية والتحسيس بالوسط المدرسي، والتي تشكل نموذجا فعليا للشرطة المواطنة، مذكرين بأن هذا البرنامج، الذي يعد ثمرة تعاون بين المديرية العامة للأمن الوطني ووزارة التربية الوطنية، بدأ خلال السنة الدراسية 2012-2013 بهدف مكافحة مختلف الآفات والظواهر التي تمس الوسط المدرسي، مع أول تجربة نموذجية داخل مؤسسة تعليمية بالدار البيضاء، قبل تعميمها في مختلف جهات المملكة.
وسجلوا أن برنامج التوعية في الوسط المدرسي الذي تشرف عليه المديرية العامة للأمن الوطني، يركز على موضوعات مهمة ومختارة بعناية، مثل العنف المدرسي وبيع واستهلاك المخدرات، والاعتداءات الجنسية على التلاميذ، واستخدام الإنترنت بدون مراقبة.
وأكد المتدخلون في هذا الصدد، على أهمية هذه التجربة الرائدة، التي ركزت في البداية على التوعية والتحسيس بالسلامة الطرقية، مشيرين إلى أنه بعد ست سنوات على إطلاق هذا البرنامج ، استفاد منه ما مجموعه 4.714.404 تلميذا في 40 ألف و558 مؤسسة تعليمية تمت زيارتها، وكذا في 28 ألف و361 جمعية مشاركة.
وأبرزوا كذلك حجم التحديات المستقبلية التي يفرضها الطلب المتزايد من طرف المؤسسات التعليمية الراغبة في الاستفادة من هذا البرنامج، وعلى الخصوص مع بروز مظاهر جديدة للانحراف وعدم الانضباط بالوسط المدرسي، تتطلب بلورة مقاربات جديدة للوقاية وتطوير أساليب عمل عناصر الشرطة التي تشكل فرق التوعية هاته.
وباسم الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش- آسفي وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، رحب متدخلون آخرون بتنظيم هذه الندوة المخصصة للشرطة المواطنة، وخصوصا في شقها المتعلق بالتوعية والتحسيس في الوسط المدرسي.
وفي نفس السياق، أشاروا إلى أن المدرسة تشكل مرفقا عاما يستقبل الأجيال الناشئة، وهي شريحة مهمة من المجتمع تحتاج إلى ضمان أمنها وطمأنينتها، مثمنين بالمناسبة الجهود الدؤوبة والمقاربة البراغماتية والاستباقية التي تعتمدها المديرية العامة للأمن الوطني، لتطهير الوسط المدرسي وحماية المتمدرسين من أي آفة يمكنها أن تمس بسلامتهم البدنية والنفسية، أو تؤثر على مسارهم التعليمي.