إنعقدت يوم الأربعاء الماضي 18 يوليوز 2018 ندوة وطنية بمقر مجلس النواب، تحت عنوان “14 سنة بعد تنفيذ مدونة الأسرة: الحصيلة و الانتظارات ” ، بشراكة مع المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية ومجموعة المناصفة والمساواة في إطار الاستراتيجية الترافعية لشبكة أناروز” الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف بالمغرب “من أجل الإصلاح الشامل لمدونة الأسرة والتي تم خلالها تقييم تجربة 14 سنة من العمل بالقانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة الصادر في 3 فبراير 2004 وتقديم المذكرة الترافعية التي تم إعدادها من أجل تسليط الضوء على مكامن قصور مقتضيات مدونة الأسرة في حماية حقوق النساء والأطفال داخل الأسرة من جهة ، ومن جهة أخرى إبراز جوانب التناقض القائم بين هذه المقتضيات وما راكمه المغرب من مكتسبات حقوقية ودستورية .
في سياق التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عرفها المجتمع المغربي ودينامية الحركة النسائية المغربية ودورها في الترافع من أجل إرساء المساواة بين الجنسين وإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية ، خاصة بعد صدور دستور 2011 ،الذي شكل إطارا مرجعيا مهما في ترسيخ مبادئ وأسس حقوق الانسان ،مما أصبح معه ملائمة التشريعات الوطنية مع الوثيقة الدستورية ،أمرا ضروريا لمسايرة التطورات السياسية والمجتمعية والقانونية التي أصبح ينهجها المغرب.
حيث عرفت الندوة مجموعة من المداخلات التأطيرية لكل من الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية السيد نبيل بن عبد الله والسيدة رشيدة الطاهري عضوة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية والتي قدمت مدخلا عاما حول مدونة الأسرة فيما قام الأستاذ محمد المو بتقديم المضامين الأساسية لمذكرة أناروز حول الإصلاح الشامل لمدونة الأسرة والتي أبرز فيها ان عملية الرصد والتتبع اليومي لملفات النساء ضحايا العنف داخل شبكة أناروز في مختلف مناطق المغرب أن التطبيقات العملية المرتبطة بها قصور وإختلالات في التعاطي مع تدبير القضايا الأسرية بالشكل الذي يضمن المساواة الفعلية بين أطراف الاسرة لما تحمله النصوص القانونية نفسها من تناقضات ومعيقات ساهمت في تعثر إجراءاتها وتفعيلها ، وذلك بوجود ثغرات تشريعية بخصوص المقتضيات المتعلقة بالزواج والنفقة وتدبير أموال الأسرة المنشاة أثناء الحياة الزوجية أو عقب إنحلالها والموارد المنظمة للولادة ونتائجها .
موضحا التصورات المقترحات التي وردت في ضمن هذه المذكرة والتي تنقسم الى قسمين :
اولا: من حيث المرجعية والمقاربة
1. وضع نصوص قانونية واضحة الصياغة دون الاحالة على آراء فقهاء الدين.
2. تبني مقاربة تقدمية حداثية تشاركية لإصلاح قانون الاسرة مع جعل المرجعية الحقوقية والدستورية هي أساس بناء النص القانوني للأسرة.
3. إعتماد نسق مفاهيمي يتلائم وروح نص الدستور وينسجم ومقتضيات الاتفاقية الدولية التي صادق عليها المغرب.
4. التبني العرضاني لمبدأ المساواة بين طرفي الاسرة ،في أفق بناء اسرة تضمن لجميع أفرادها حقوقا متساوية .
ثانيا: من حيث الموضوع
5. اعتبار اساس الزواج هو الرضا والتراضي بين طرفي العلاقة الزوجية دون إكراه او وصاية مع تبني القيم الانسانية لحماية الاسرة وأفرادها.
6. تفعيل دور النيابة العامة في القضايا الاسرية بالشكل الذي يضمن التدخل الناجع لحماية حقوق الطفل والمرأة وممارسة الطعون بشان أي قرار أو حكم لم يأخذ بعين الإعتبار مصالحهما.
7. الغاء زواج القاصر وتحديد أهلية الزواج في 18 سنة.
8. منع تعدد الزوجات .
9. مراجعة أحكام المادة 49 من مدونة الاسرة بالشكل الذي يؤسس لنظام قانوني يضمن للزوجة حقوقها في جميع الاموال المنشاة أثناء الحياة الزوجية.
10. وضع آليات قانونية للتدبير العادل والمنصف للأموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية .
11. توحيد مساطر إنهاء العلاقة الزوجية بشكل يضمن مصالح كافة الاطراف على أساس العدل والمساواة والحد من التمييز مع ضمان الحماية القانونية اللازمة للأبناء إن وجدوا.
12. إلغاء حق الرجعة الذي يملكه الرجل على المرأة المطلقة وإخضاع ذلك لرغبة وارادة الطرفين.
13. حذف التمييز بين البنوة الطبيعية والبنوة الشرعية وترجيح نتائج الخبرة الجينية في مجال إثبات النسب على غيرها من باقي وسائل إقامة الحجة.
14. وضع معايير موضوعية واضحة للاعتماد عليها في تقدير وتحديد واجبات نفقة الاسرة والابناء مع الاخذ بعين الاعتبار العمل المنزلي للزوجة والام الحاضنة.
15. الغاء جميع المقتضيات التي تجرد الام من حقها في الولاية القانونية على أبنائها القاصرين ( المادتين 236-237) ومراجعة جميع المقتضيات التي تجعلها في مرتبة ثانوية أو تحت وصاية طرف آخر (المادة 238 وما يليها ).
16. التنصيص على حق الام في النيابة الشرعية على ابنائها الى جانب الاب، ايمانا بأن الاسرة تكون تحت رعاية ومسؤولية الزوجين معا ، واعتبار الاب والام متساويان معا في الولاية القانونية على أبنائهم.
17. تحصين حق الام في الحضانة والتنصيص على حقها الأولوي الطبيعي الانساني وفق النحو المقرر في القوانين المقارنة والاتفاقيات والمواثيق الدولية مع اعتبار المصلحة الفضلى للأبناء هي المحدد والمعيار الجوهري والوحيد للنظر في مسالة الحضانة وليس زواج الام أو عقيدتها أو وضعها المادي.
18. إعادة النظر في الاحكام المنظمة لقواعد الارث وإقرارها وفق مبادئ العدل والانصاف والمساواة والمتطلبات الواقعية للمجتمع ،مع الاخذ بعين الاعتبار مساهمة النساء في تكوين أموال الاسرة .
كما عرفت أشغال هذه الندوة الوطنية عرض الوصلات التحسيسية المتعلقة بمدونة الأسرة من طرف الاستاذة سعيدة الادريسي رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب حيث أكدت أن هذه الوصلات بالإضافة الى المذكرة الموجهة إلى المؤسسة التشريعية وصانعي القرار ومختلف الفاعلين والفاعلات تهدف الى تحسيس الراي العام الوطني بالضرورة الملحة للإصلاح الشامل لمدونة الاسرة باعتبارها شأنا مجتمعيا ولا تخص طرف دون الآخر.
وتم بعد ذلك فتح نقاش موسع أكد فيه جل المتدخلين على أهمية المذكرة الترافعية لشبكة أناروز في هذه المرحلة التي تحتاج فعلا الى نقاش حقيقي اصلاح مدونة الأسرة بعد 14 سنة من التنفيذ وأيضا العمل على ملائمتها مع دستور 2011.
ومختلف المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب وتم اختتام هذه الندوة بإصدار توصيات وخلاصات تثمن وتزكي المقترحات التي وردت في مذكرة الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف بالمغرب وأيضا العمل والمزيد من الاشتغال من أجل تنزيل هاته الخلاصات التي وصلت اليها الندوة الوطنية .