محمد تكناوي :
اختتمت قبل يوم أمس أشغال الندوة الدولية التي احتضنتها مدينة الرباط يومي 10 و 11 يوليوز حول تيمة التطور الدستوري الجذور التاريخية والتجليات الراهنة والرهانات المستقبلية المنظم من طرف أكاديمية المملكة المغربية والوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ، وحسب ورقة عمل المؤطرة لأشغالها فتحليل التطور الدستوري للمغرب ودراسة أسسه وتوجهاته تم من خلال أبحاث أنجزت بغية فتح المجال لتفكير أكاديمي مقارن يجمع بين تتبع جذور ومراحل المسار المؤسساتي للدولة المغربية وبين تحليل ودراسة أنظمتها الحديثة في ضوء الممارسة الدستورية والعوامل الفاعلة في تطورها وتحولاتها مع استجلاء وتفسير خصائصها المميزة وثوابتها ومتغيراها التي حفظت لها مقوماتها الجوهرية ومكنتها من التكيف والتفاعل مع محيطها الوطني والدولة، علما أن المملكة المغربية شهت في 14 دجنبر 1962 أول دستور مكتوب وواصلت تطورها الدستوري عبر إصلاحات ومراجعات أتمرت على مدى نصف قرن عدد من الدساتير أخرها دستور 29 يوليوز 2011.
ورغم أن الحياة الدستورية بالمغرب منذ 1962 أي تاريخ صدور أول دستور عرفت تحولات في بنية النظام السياسي من خلال اعتمادها هندسة دستورية متجددة لتأطير عمل مؤسسات الحكم وهي تعكس أيضا تطورا نوعيا في تاريخ الدولة المغربية حسب مسارات متعاقبة، تحكمت في توجيهه وتأطير عوامله الداخلية كان لها دور في تحقيق درجة وازنة من لانتقال والتطور والتحديث . فقد اعتبرت بحوث عدد من المنتدون أن المملكة المغربية لم تشهد في تاريخها سوى دستورين 1962-2011 ، الدستور التأسيسي لسنة 1962 والذي أدخلت عليه تعديلات أو مرجعيات 1970-1972-1992-1996 والتي حافظت على الهوية والبنية والهندسة الدستورية التي أرساها ورسخها دستور 1962 والدستور الحالي 2011 الذي ينطوى على عدد مهم من المتغيرات في مجالات متعددة حقوق وحريات المواطنين وضماناتها وأساليب جديدة لإشراكهم في الحكم وتجاوزه لتقسيم الثلاثي لأجهزة وهياكل الدولة وعلى مستوى طبيعة نظام الحكم أو على مستوى اختصاصات السلطات العامة وحدودها بل ذهب رشيد المدور أستاذ القانون الدستوري أبعد من ذلك حين اعتبره قد أسس للملكية المغربية الثانية.
ومن بين مميزات دستور 2011 أيضا حسب بعض المداخلات التي أثتث أشغال هذه الندوة التعديلات الدستورية التي أدخلت على البرلمان والتي استهدفت تقوية مكانته في النظام السياسي المغربي والتخفيف من القيود التي كانت تحد من عمله وكذلك توزيع أو إعادة ترتيب ادوار وصلاحيات البرلمان بمجلسيه ، كما تم رصد وفي إطار دائما المقارنة بين دستور 1962 و دستور 2011 الفلسفة العامة التي تحكمت في صياغته وكذا المشاورات والاتصالات التي مهدت للتصويت عليه إضافة إلى القوانين التشريعية والتي منحته بعدا تكميليا لمقتضيات الدستورية خاصة في الشق المتعلق بحقوق الإنسان سواء تعلق الأمر بالحقوق المدنية والسياسية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعدم التمييز والحقوق الفئوية أو حقوق الأقليات.