كشف عبد الإله التهاني مدير بالنيابة للمكتبة الوطنية للمملكة المغربية إن تنظيم “يوم إفريقيا” تحت شعار: “المغرب والاتحاد الإفريقي : شراكة مؤكدة من أجل إفريقيا متضامنة ومزدهرة”، بقلب الفضاء العلمي الرفيع للمكتبة الوطنية، هي الرسالة تبعث بها المملكة المغربية مجددا لتؤكد إيمانها العميق بهويتها الإفريقية ، وتعيد ربط ماضي هذه الهوية المتأصلة، بحاضرها المتجدد ، من أجل جعلها مبدأ وانتماءا ثابتا في المستقبل. مشيرا في نفس الوقت أن تنظيم هذا اليوم يكتسي أهمية خاصة ، في سياق التوجهات الإستراتيجية التي اعتمدتها المملكة المغربية ، في ارتباط بقرار عودتها إلى أسرتها الأفريقية، واسترجاع دورها الحيوي والريادي في المنظمة الإفريقية.
وقال التهاني في كلمته التي ألقاها اليوم الجمعة، أمام عدد من السفراء الافارقة والشخصيات الهامة من مختلف الدول الإفرقية، أن المغرب الذي كان له دور طليعي وريادي في تأسيس منظمة الوحــدة الإفريقيـة و بناء التضــامن بين دول و شعوب أفريقيا، ودعم حركات التحرر فيها من أجل الإستقلال ، لا يمكن إلا يظل وفيا لمبادئه، التي تؤطر رؤيته لعلاقات التعاون والتضامن والتكامل، مع باقي مكونات محيطه الإفريقي الواسع و المتنوع.
وأبرز أن “المملكة المغربية أكدت وبالملموس، أن قرار جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، القاضي بعودة المغرب، للعمل ضمن مؤسسات الإتحاد الإفريقي، بعد سنوات من الغياب عنها، وليس عن إفريقيا ودولها وشعوبها و رهاناتها ، إنما هو قرار لتأكيد هذا الإنتماء المغربي العميق لإفريقيا، واستئناف متجدد، لعمل مؤسساتي إيجابي متنوع الأبعاد والمستويات ، بناء في مسعاه، نافع ومجدي في نتائجه، ينقل المغرب من خلاله خبرته إلى أشقائه الأفارقة ، في مجالات حيوية وأساسية، ترتبط بالتنمية، والحكامة، والتكوين، والتربية، والتعليم ، والإستثمار، ومتطلبات الأمن والإستقرار والتصدي الفعال للإرهاب والتطرف والجريمة المنظمـة، و الإلتزام بنشر قيم الإعتدال من خلال الدعوة لإسلام السماحة و الوسطية، دون إغفال ما يتصل ببقية الجوانب الروحية، و التبادل الثقافي و الفني، وتعزيز الهوية الثقافية لشعوب إفريقيا”.
وأضاف التهاني أن “في السياسة هناك دائما خيارات كبرى، يتعين اتخاذها في وقتها وفي سياقها. ولقد اختار ملكنا الشهم، بشجاعة وحكمة وتبصر، أن يعلن بوضوح في القمة الإفريقية المنعقدة بأديس ابابا خلال العام الماضي، حاجة المغرب لإفريقيا وحاجة إفريقيا للمغرب، مؤكدا جلالته في نفس السياق، أن المغرب اختار تقاسم خبرته، ونقلها إلى أشقائه الأفارقة، وأنه يدعو بصفة ملموسة إلى بناء مستقبل تضامني وآمن”. ولكي يضفــي جلالتــه طابــع الفضيلـــــة والتواضـــع على التوجــه الإفريقــي للمغرب، وما يتســـم صــدق و إيجابية، قال جلالة الملك أمام الرؤساء الأفارقة في نفس القمة: “إن منظورنا للتعاون جنوب جنوب، واضح وثابت: فبلدي يتقاسم ما لديه ، دون مباهاة أو تفاخر.” مؤكدا أنه علينا اليوم أن نجدد اعتزازنا وتشبثنا، بهذا النهج الذي رسمه ملكنا، بإيمان راسخ، وأن نواصله بكل ما يتطلبه ذلك، من أمانة ومسؤولية، وعمل دؤوب”.
وأستطرد التهاني ” وأنا أتشرف بالحديث أمامكم اليوم ، باسم المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، هذه المؤسسة العلمية الرفيعة التي تعتبر من معالم وإنجازات و ثمرات عهد جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، لابد أن نستحضر البعد الثقافي في توجهاتنا، و أن نسعى جاهدين، من أجل إرساء أسس متينة، وجسور متعددة، للتبادل والتواصل والتعارف والحوار، في الواجهات الثقافية والإبداعية لاسيما وأن المغرب ظل، عبر ملتقياته ومهرجاناته، ومنتدياته الفكرية والموسيقية والسينمائية، حاضنا لمختلف المشاركات الثقافية والفنية لمثقفين ومبدعين أفارقة، جرى تتويج العديد منهم فوق تراب المملكة المغربية، في مناسبات ثقافية عديدة، على غرار أفواج وأجيال من النخب الأفريقية الوازنة، التي تخرجت بكفاءة واقتدار، من الجامعات والأكاديميات والمعاهد العليا المغربية، وبتاطير مغربي”.
وأكد ، أنه إذا كانت الثقافة والفنون هي ما يتبقى، عندما تتأرجح السياسة أو تتعرض للهزات والارتجاجات، فإنه يتعين علينا من اليوم، أن نضع المحور الثقافي، في صلب برامج التعاون الثنائي، و كذا التعاون المتعدد الأطراف بين أقطارنا الإفريقية، خاصة وأن الرؤية الشاملة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، تنطلق من فهم عميق للمسألة الثقافية، وعلاقتها بصيانة الهوية والموروث الثقافي للشعوب، وهي الرؤية التي أبرزها جلالته، حين قال في خطاب العودة إلى الأسرة الإفريقية :
“ألم يحن الوقت بعد لمعالجة هذا الخلل في الرؤية؟ ألم يحن الوقت لنتوجه نحو قارتنا، وأن نأخذ بعين الاعتبار رصيدها الثقافي وإمكاناتها البشرية؟
يحق لإفريقيا اليوم أن تعتز بمواردها، وبتراثها الثقافي وقيمها الروحية. والمستقبل كفيل بتزكية هذا الاعتزاز الطبيعي من طرف قارتنا”، حسب تعبير عبد الإله التهاني.
و للإشارة فقد أكد المدير بالنيابة للمكتبة الوطنية عبد الإله التهاني، انخراط المكتبة الوطنية للمملكة المغربية في هذا المنظور الطموح للتبادل، والتعاون، على المستوى الثقافي و العلمي، من خلال التحضير لاتفاقيات شراكة وتعاون بين المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، و باقي المكتبات الوطنية الإفريقية، ملتزمين بنقل خبرتنا المتميزة إلى الأشقاء الأفارقة، في كل ما يتعلق بتدبير المكتبات، وحفظ الرصيد الوثائقي ورقمنته، وصيانة المخطوطات، ووضع برامج التكوين المستمر في مختلف المجالات ذات الصلة”.