استقبلت جماعة اليوسفية السنة الجديدة بخبر صادم يتعلق بسحب رخصة الذبح من المجزرة البلدية لـ”تفريطها” في المعايير والمواصفات التي أهلتها سابقا لدخول نادي “المجازر المغربية الأكثر سلامة”. القرار سيكون له ما بعده اجتماعيا واقتصاديا وماليا على مدينة ستتكبد خسارة سنوية بـ216 مليون سنتيم.
وبمجرد تلقي المهنيين خبر سحب رخصة الذبح من المجزرة، تعالت الأصوات المستنكرة لهذا القرار الذي يهدد بتشريد أكثر من 400 شخص ضمنهم جزارون ومربو المواشي و”سلايخية” و”كرايشية” وحمالون وغيرهم من الأشخاص الذين يجعلون من المجزرة مصدر رزقهم الوحيد.
وهدد المتضررون بتنظيم وقفات احتجاجية بمناطق متفرقة من المدينة، فيما دعا عامل الإقليم إلى عقد اجتماع طارئ مع رئيس الجماعة وتحركت الهواتف، ليتلقى الجميع خبرا مطمئنا ولو مؤقتا، وذلك بمنح المجزرة مهلة إضافية إلى حين استجابتها من جديد لشروط دفتر التحملات.
وقالت نوال الجوهري، مستشارة بالمجلس الجماعي إن “قرار سحب الرخصة نزل كالصاعقة علينا جميعا، سواء أعضاء بالمجلس، أو مهنيي الجزارة وكذا جميع مكونات المجتمع المدني، لأن السحب يعني تشريد عائلات يعتمد أربابها على الاشتغال بالمجزرة لإعالة أسرهم، ناهيك عن حرمان مالية الجماعة من مداخيل مهمة”.
وتابعت المستشارة “ما حصل في حيثيات السحب يتحمل مسؤوليته المجلس البلدي لليوسفية إلى جانب بعض الموظفين، نتيجة تقاعسهم في تنفيذ الالتزامات المنوطة بهم في هذا الشأن. وللأسف رئاسة المجلس ترتكن إلى التساهل في هذا الجانب، لا يخفى على أحد وجود لوبيات داخل المدينة تعمل جاهدة على إقبار المجزرة. وفشل المجلس في الامتثال للشروط والضوابط المنصوص عليها في كناش التحملات، يعني فسح المجال لتحقيق مسعى هؤلاء المتربصين”.
ويطرح سؤال أين الخلل من قبل المهتمين، خصوصا بعد التهليل، سابقا، لخبر تصنيف المجزرة ضمن أفضل المجازر وطنيا من قبل وزارة الفلاحة والمكتب الوطني للسلامة الغذائية “أونسا”.
مصدر من المجلس الجماعي لليوسفية أكد أن قرار سحب الرخصة من قبل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بني على تبريرات منطقية في مقدمتها غياب جهاز تبريد “فريكو” وعدم توفر المجزرة على باب لخروج الشاحنات، إذ تتوفر على باب وحيد للدخول، وعدم التزام الجزارين ومساعديهم بارتداء بذلة موحدة إضافة إلى غياب شاحنة لنقل اللحوم.
واستنادا إلى معطيات وفرتها جمعية الجزارين، فإن مجزرة اليوسفية تعتبر رائدة وطنيا، إذ يذبح بقاعاتها الوحيدة حوالي 400 عجل أسبوعيا، وأكثر من 900 خروف في المدة نفسها، ويتم نقل تلك اللحوم إلى عدد من المدن المغربية ضمنها البيضاء وأكادير ومراكش وطنجة والجديدة وتارودانت وغيرها.
وقال المهنيون إن استمرار مفعول الإغلاق المؤقت لمدة طويلة لن يقف عند تشريد العمال، بل سيكبد الجماعة الحضرية باليوسفية خسائر كبيرة، إذ ستضيع عليها مداخيل تقدر بأكثر من 18 مليون سنتيم شهريا، ما يوازي 216 مليون سنويا.
ولن يقف أثر الخسائر عند هذا الحد، بل سيتعداه إلى حرمان الجمعية الخيرية بالمدينة من مداخيل تقدر ب30 مليون سنتيم، بحكم أنها تستفيد من مداخيل المجزرة بدورها.
ورصد المجلس الجماعي غلافا ماليا بقيمة 95 مليون سنتيم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان وسحب الرخصة بصفة نهائية. وسيخصص المبلغ لبعض الإصلاحات داخل المجزرة بهدف الاستجابة إلى بعض من شروط دفتر التحملات، الذي تصر الجهات المسؤولة على تنفيذه. وسبق للمجلس البلدي لليوسفية رصد مبالغ أخرى اتضح في ما بعد أنه لا طائل منها.
وذهب عدد من مهنيي القطاع في اتجاه تفويت المجزرة إلى شركة خاصة، مقابل سومة كراء شهرية، أو سنوية تستفيد منها الجماعة. وأكد بعض المهتمين أن الوضع الحالي لن يساهم في تطويرها وستظل المشاكل عالقة دون حل، مطالبين أعضاء المجلس بالتحلي بالشجاعة والجرأة لإيجاد حلول بديلة سواء بتفويت المجزرة الحالية، أو العمل على إحداث مجزرة جديدة بمواصفات حديثة.
عن الصباح