تستهل فرقة جرائم الأموال التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، تحقيقاتها في شأن فضيحة 28 مليار سنتيم، بالاستماع إلى عدد من المهندسين والتقنيين وكبار الموظفين بالمجلس الجماعي قبل أن تنهيها مع العمدة ونائبه الأول الذي أشرف على حوالي 50 صفقة تفاوضية في ظرف لا يتعدى شهرا واحدا.
ومن المقرر أن يمثل، صباح يوم غد الاثنين، أمام فرقة جرائم الأموال، المهندس البلدي “م. ط. س”، رئيس قسم الأشغال، الذي أشر إلى جانب كل من العمدة ونائبه الأول على الصفقات التفاوضية المذكورة، على أن يتم الاستماع تباعا إلى كل من رئيس مصلحة الإنارة والتشوير، رئيس مصلحة البنايات، رئيس مصلحة التدخل السريع، رئيس مصلحة الأغراس ورئيس مصلحة المستودع البلدي، إضافة إلى تقني بمصلحة الطرقات، الذي أشر على جميع الصفقات التفاوضية الخاصة بالتزفيت والتبليط، بعدما رفض رئيس هذه المصلحة التأشير عليها.
وبحسب مصادر عليمة، فإنه من المقرر أن تستدعي الشرطة القضائية رئيسة مصلحة الصفقات العمومية، التي تم إقصائها من لجنة الإشراف على الملفات التقنية والإدارية الخاصة بهذه الصفقات، علما أن مصلحة الصفقات هي المعنية مباشرة بجميع أنواع الصفقات، أكانت تفاوضية أم تنافسية بالنظر إلى توفر المصلحة على جميع المراجع الخاصة بالأثمنة وكذا الملفات الخاصة بجميع المقاولات التي يتعامل مع المجلس الجماعي.
وإلى ذلك، فقد سبق للوكيل العام المكلف بجرائم الأموال أن راسل عمدة مراكش في شان جميع الملفات الخاصة بالصفقات التفاوضية، خلال شهر يوليوز الماضي، وهو الأمر الذي استجاب له العمدة حيث أمده بجميع الوثائق الخاصة بهذه الصفقات، قبل أن يعطي الوكيل العام تعليماته للشرطة القضائية لمباشرة التحقيق مع جميع المهندسين والتقنيين وكبار الموظفين بالمجلس الجماعي الذين لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهذه الصفقات، قبل أن يجري استدعاء البرلماني يونس بنسليمان عن حزب العدالة والتنمية، والذي يشغل مهام النائب الأول للعمدة و المسؤول المباشر عن هذه الصفقات، بالإضافة إلى محمد العربي بلقايد، رئيس المجلس الجماعي بصفقته الأمر بالصرف، والذي أشر بالموافقة على جميع الصفقات التي أشرف عليها نائبه الأول.
هذا، ومن المنتظر أيضا أن يتم استدعاء نائبه العمدة المكلفة بالصفقات العمومية، والتي تم إقصاءها من الإشراف على الصفقات التفاوضية، قبل أن يمنح العمدة تفويضا استثنائيا لنائبه الأول للإشراف على هذه الصفقات، إضافة إلى جميع الممثلين القانونيين للمقاولات التي استفادت من هذه الصفقات التفاوضية.
وكانت فرقة جرائم الأموال التابعة لمصلحة الشرطة القضائية قد استمعت في وقت سابق إلى عبد الإله طاطوش، رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، والذي أكد جميع ما ورد في الشكاية التي سبق وأن تقدمت بها الجمعية المذكورة أمام الوكيل العام، متهمة العمدة ونائبه الأول بتبديد أموال عمومية.
وبحسب ذات الشكاية فإن المبررات التي استند إليها مسؤولو المجلس الجماعي في إبرام صفقات تفاوضية مباشرة مع مجموعة من المقاولات بدل اللجوء إلى صفقات تنافسية، هو استعداد المدينة لاحتضان أشغال مؤتمر التغييرات المناخية (كوب22)، ونظرا لضيق الوقت فقد تم اللجوء إلى إبرام صفقات تفاوضية مع المقاولات المعنية.
وأضافت الشكاية أن ما لا يقل عن 14 صفقة تفاوضية من أصل 49 التي أشرف عليها النائب الأول للعمدة لم يتم الشروع في بعضها إلا بعد انتهاء كوب22، وأخرى تم إبرامها بعد انتهاء كوب22، ما يعني أن المبرر الذي تذرع به مسؤولو المجلس الجماعي غير صحيح، وبالتالي فإن هذه الصفقات تمت خارج القانون.
وبالعودة إلى الكلفة المالية لهذه الصفقات التفاوضية فقد ضاعفت مثيلاتها في الصفقات العادية، حيث انتقلت، على سبيل المثال، من 450 درهم للطن الواحد من الزفت إلى 800 درهم للطن الواحد، مع نفس الشركة وبفارق 48 ساعة بين الصفقة الأولى والثانية، وهو ما يعني:” إمعان مسؤولي المجلس الجماعي في تبديد المال العام” بحسب ما جاء في شكاية الجمعية الحقوقية السالف ذكرها.
من جهة أخرى، فقد علمت “الأخبار” من مصادر جيدة الإطلاع أن مسؤولي المجلس الجماعي وجدوا صعوبة في إيجاد مهندس بلدي يؤشر على تسليم الأشغال الخاصة بتجهيز الطريق الخاص بالحافلات الكهربائية بالنظر إلى أن جميع من تم الاستنجاد به للتوقيع على محضر تسليم الأشغال رفض ذلك، بدعوى أنه لم يشرف ولم يتتبع سير هذه الأشغال.
وبحسب ذات المصادر فإن بعض الأطراف ضغطت على المديرة المسؤولة عن شركة التنمية المحلية المكلفة بإدارة الحافلات الكهربائية إلا أنها رفضت بدورها بدعوى أنها لا تعرف أي شيء عن هذه الصفقة ولم يسبق لها أن تتبعت الأشغال الخاصة بها.
المصدر: يومية الاخبار (عزيز باطراح)