رشيد لزرق
نظم مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة يوم الجمعة الماضي، مناظرة وطنية بمقر الجهة بطنجة، تحت شعار “لنتحاور بهدوء كي ننطلق بقوة” حول الوضع القائم بإقليم الحسيمة، ما تقييمكم لمضمون وأجواء المناظرة ؟
إرساء حوار اجتماعي حقيقي يعتبر الوسيلة الأسلم والطريقة المثلى من أجل تحسين المناخ الاجتماعي وإيجاد تسوية متوازنة بين الأطراف، وبالتالي تعزيز تنافسية المؤسسات ودعم الاستقرار.
في مقابل ذلك، نجاح الحوار يتطلّب ترسيخ مناخ ديمقراطي يمكن جميع الأطراف من المشاركة فيه والانخراط في مسار يدفع بالمؤسسة إلى النجاح ويعود بالنفع على العاملين فيها.
إنّ ذلك يعني بصفة أوضح أنّ نجاح أي مبادرة من هذا النوع، تفترض بروز ثقافة الانتماء إلى المؤسسة والإلتحام معها من خلال تحفيز جو الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ الدولة مطالبة بلعب دور أساسي في هذا الحوار المجتمعي بين مختلف الأطراف، كل يتحمل فيه مسؤوليته بعيدا عن أسلوب التلاعب، أو المنطق السياسوي ذو مصالح اللحظية والأنانية التي تولد مشاعر عدم الثقة بين أطراف في المؤسسات وتراكم هذا الإحساس هو ما يفسّر الاعتصامات اللامحدودة التي شهدتها الحسيمة.
2 بماذا تفسرون الحضور الضعيف للأحزاب وأسر المعتقلين بمناظرة إلياس العماري ؟
يجب الاعتراف أننا لا زلنا لم نتحرر من ثقافة الشخصنة، والتحرر منها وحده الكفيل تكريس مناخ جديد، يقوم على أساس البناء التدريجي للديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية والمجالية، في اتجاه تهيئ الأرضية الملائمة لمرحلة جديدة من التوافق والمصالحة بين مختلف الجهات، وبين الحكومة المركزية، بهدف التعاون عبر دراسة دقيقة للأوضاع وتنزيل المطالب وفق خطة واضحة لتحديد جدولة زمنية لتنزيلها في شكل إصلاحات ضرورية على المدى القصير والمتوسط والطويل.
فالحوار مسألة ضرورية لأنّ غيابه لا يؤدي فقط إلى تفاقم النزاعات والتوترات بل قد تكون له تداعيات سلبية على أداء المخططات التنموية وعلى جو الاستقرار، فانعدام الحوار الاجتماعي له تكلفة اقتصادية واجتماعية مرتفعة لأنّ أي غياب أو فشل لمنطق التحاور سيضطر الدولة إلى التدخل من أجل تسوية كلّ التّفاصيل المتعلقة بالجهات.
من جهتها، على الأحزاب أن تتخلى عن النزعة المصلحية الضيقة وتساهم في بناء حوار جاد و مسؤول، لأن الصراعات الضيقة فيما بينها، يعرقل مسار الإصلاحات الكبرى. لذلك، من الضروري تجاوز مفهوم الحوار السياسوي الذي تطغى عليه الصراعات، وتكريس حوار مسؤول يشارك فيه المجتمع في تحديد السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الديمقراطية داخل المجتمع، بغية تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المجالية العادلة والتوزيع المنصف لثروات النمو.
باعتقادكم، هل سيتم الاستجابة إلى مختلف المطالب التي نادى بها منظمو المناظرة، و الافراج عن المعتقلين تحت ضغط الشارع؟
رغم حالة الغضب السائدة بين الشباب المعتصم في الحسيمة ، بسبب عدم ثقتهم في استجابة السلطة لمطالبهم، وفق منظورهم، إلا أن من شأن الاستجابة للمطالب أن يعيد روح الثقة بين الطرفين، ويبدأ الأمر بالإفراج عن المعتقلين على خلفية ما يجري كمطلب ملح في الوقت الراهن ، ثم بعد ذلك البدء في تنزيل المخططات التنموية، كبوابة رئيسية نحو المصالحة الشاملة.