نور الدين بازين
يطفو موضوع المثلية الجنسية في المغرب من حين لآخر، مثيرا حالة تجاذبات بين أقلية مدافعة عن ما تعتبرها حقا لها في ممارسة حريتها الجسدية غير منقوصة، وبين أغلبية رافضة لما تعتبرها تسييدا للانحلال وفتحا لأبوابه على مصراعيها. وبين هذا الرأي وذاك تتداخل النصوص والتقديرات الحقوقية والقانونية من جهة، والآراء والمواقف المحافظة، الدينية والمجتمعية من جهة أخرى. وهكذا يعلو صوت التباعد بين الطرفين وتغييب مساحات الانصات. ما هي نظرة المجتمع المغربي والقوى المحافظة لأقلية المثليين، وكيف تستعمل النصوص القانونية للردع وتجريم الفعل تحت ضغط المجتمع، دون مساحات للحوار؟ هل تعتبر هذه الفئة مستفزة للمجتمع بخروجها للعلن؟ أين تنتهي الحرية وأين تبدأ في مواضيع الطابو الشائكة كهاته؟
حقوقيون يدينون..
هيومان رايتس ووتش” المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان أثارت الموضوع في فقرة حول “الحق في الحياة الخاصة” ، لافتة إلى أن المغرب يواصل خرق هذا الحق عبر سجن الأشخاص بتهمة السلوك المثلي بموجب الفصل 489 من القانون الجنائي، الذي يحظر “أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه”. واستحضرت في نفس الفقرة مثالين انتهك فيهما هذا الحق حيث أورد أن ” محكمة في بني ملال قد ادانت مثليَّين بعد قيام مجموعة من الشبان، في 9 مارس/آذار، باقتحام منزل أحدهما ودفع الرجلين، وهما عاريين، إلى الشارع. صوروا الاعتداء، وبعد ذلك نشروا المقطع على الإنترنت. أطلق سراح الرجلين بعد قضائهما شهرا في السجن. وفي أبريل/نيسان، أصدرت المحكمة أحكاما بالسجن على 2 من المعتدين. في 27 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت الشرطة في مراكش فتاتين، أعمارهما 16 و17، تم الإبلاغ عنهما بسبب عناق داخل منزل خاص. تم سجنهما لمدة أسبوع ثم أطلق سراحهما وذلك بموجب الفصل 489.”
واعتمدت المنظمة المذكورة في تقريرها الخاص في الفقرة من وقائع باتت معروفة لدى العامة بالمغرب، حيث مازال المثليون والمثليات يحاكمون في المغرب بسبب ميولهم الجنسي المثلي، وتصل العقوبات السجنية ضدهم إلى 3 سنوات وغرامة مالية، كما يعزز التجريم القانوني لعلاقات مثليي الجنس ما تتعرض له هذه الفئة من المجتمع من عنف مادي ومعنوي واضطهاد وإقصاء مجتمعي.
“لا لاضطهاد الأقليات الجنسية…ألغوا المادة 489”
و تعتبر مسألة الشذوذ الجنسي من احدث المواضيع التي تثير اهتمام الناس على مختلف مشاربهم الدينية والفكرية والاجتماعية ، وذلك بسبب انتشار هذه الظاهرة في العالم العربي، وانتقال دعاتها من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، وتحديّهم للقوانين والشرائع التي تحرم هذا الفعل وتجرمه.
وبحسب مجلة ” أصوات ” الخاصة بالمثليين ، يقول رامي يوسف :” العالم يستخدم المجتمع المثلي. هناك ثمة قرار عالمي أن المثلية الجنسية ستكون موضوع البشرية لهذا القرن، و أنها إضافة تضمن للعالم نوعاً من التلون التافه النوايا، و تعطي المجتمع المحافظ شعورا إن هناك تطورا في المجتمع، يمكنك أن تراه وتلمسه دون أن يؤثر جذرياً على القيم التي تؤمن بها. أن العالم مكان جميل يتطور بإستمرار، و ترى حولك الألوان و الأنواع في الأُطر المخصصة لهم. هنا ترى الملونين المندمجين ذوى البسمات الثاغرة و البذلات الفاخرة، و هناك ترى مجموعات من البشر بملابس متشابهة و شخصيات واحدة تؤدي مناسك “الفخر” بعملية إعادة التدوير المجتمعي للمثلية الجنسية لإستخراج منتج مطابق لمواصفات النظام. ”
من جهته يقول اسمان بو” في نفس المنبر” في القاموس اللّغوي للمجتمع المغربي، احتقار المثليين يأخذ أبعاداً كثيرة، والألقاب القدحية ما أكثرها، حيث يشع الابتكار ويطلق العنان للإبداع الهوموفوبي، قد تختلف بعض المصطلحات حسب الزمكان، مثل : اللوبيا، النقش، Z-men، زماح… ولكن الأكثر انتشارا وتداولا هي ” زامل”.
ويضيف متسائلا : ” لا أعلم على أي أساس يتم نعت المثلي بالزامل، لكنها كلمة متواجدة في القاموس العربي: كلمة زامل في اللغة العربية مشتقة من المزاملة، أي رفيق الدرب أو العمل أو الدراسة (الزميل)، كما أنه يقال للحيوان الذي يتأرجح في مشيته “زملت الدابة”، و في شبه الجزيرة العربية وخاصة جنوبها هناك نوع من الغناء الشعبي التقليدي المسمى “الزامل”، يتميز بترديد الأبيات الشعرية بصوت جماعي. وآل زامل قبائل معروفة في شبه الجزيرة العربية والأردن وسوريا والعراق، وفي مصر توجد مدينة “الزوامل” بالشرقية.
وأكد أن الكلمة بمفهومها المغربي العامي تحمل في طياتها الكثير من الصفات القدحية والاحتقارية وتلك الحمولة من الصفات المجحفة في حق المثليين تساهم بشكل كبير في الصراع الداخلي للمثلي مع نفسه وهذا هو بيت القصيد. هو استقطاب تلك الكلمات وتحويلها الى ألقاب إيجابية تعكس الواقع الحقيقي للمثلي وتكسر الصفات النمطية والمتداولة في صفوف الهوموفوبيين، وذلك يتطلب من الشخص المثلي درجة من التصالح مع الذات وتقبلها، و أيضا التسامح مع تلك الكلمات وهنا أقصد التسامح الإيجابي وليس الانهزامي، التسامح الذي يجعل من شخصيتك مرآة تمتص كل ما هو سلبي لتعكسها صورة إيجابية.”
يقول بنجادا محمد أمين حول مسألة إلغاء تجريم المثلية بالمغرب أيضاً في ذات السياق ” لقد اعترف المغرب ومنذ عقود بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ووقع عليه، كما وقع على البروتوكولات والاتفاقيات المناهضة لكل أشكال التمييز المبني على الجنس، اللون، اللغة، العرق أو الدين. بل إن المغرب جعل من سمو التشريعات الدولية على التشريعات المحلية حجر أساس في دستور 2011 والذي يعد أسمى قانون في البلد”.
وابرز بنجادا ” إذا كان إذن الأمر كذلك فما الذي يجعل الدولة المغربية تتمسك بالقانون الجنائي الحالي والذي يتعارض في عدة مقتضياته مع الدستور وخاصة ما يهمنا في موضوعنا: الفصل 489 الذي يعاقب المثلي بالغرامة والسجن الذي قد يصل إلى 3 سنوات نافذة.
وأضاف أن إلغاء الفصل 489 وإلغاء تجريم المثلية والمثليين إلى الأبد، توجب النظر إلى تطور المجتمعات الإنسانية التي نجحت في بلوغ مراحل متقدمة من الحضارة والسمو الإنساني ورفاه شعوبها هي مجتمعات جعلت من تحرر الإنسان بشكل عام والفرد بشكل خاص حجر الأساس في كل خطوة. فالمنحى الطبيعي والمنطقي لتطور الأمم هو منحى تصاعدي نحو تحرير الفرد وإعطائه المكانة التي يستحقها عبر الحقوق الأساسية من تعليم وصحة وشغل وسكن، وكذلك بشكل أساسي عبر منح الدولة لمواطنيها الحريات الفردية. أي الاعتراف بالسيادة الكاملة للفرد على جسده وعلى عقله وضميره، و هذا الفرد الحر في جسده باعتباره ملكا له لا لغيره وأن السيادة عليه والتصرف فيه هي من حقه وحده ولا يجوز لأي جهة خاصة أو عامة أن تنتهك هذه السيادة، اللهم إذا كان ذلك يشكل خطرا مباشرا، ملموسا ومبررا على الغير، و هو نفس المبدأ الذي ينطبق على حرية التفكير والتعبير والضمير. فإذا كنا اليوم نرفع بشكل واسع مطلب حرية التفكير والتعبير باعتبارها حقا أساسيا من حقوق الإنسان ونستنكر تدخل الدولة أو العائلة أو الفقيه في سيادة الفرد على عقله وضميره، أفليس من التناقض والغباء أن لا نقبل سيادة الفرد على جسده؟”
” الحب من حقوق الانسان”.
على عكس الكثيرين ممن يدافعون عن ميولاتهم الجنسية في الخفاء، اختارت المثلية المغربية هاجر متوكيل، الدفاع عن حقوقها، والظهور بوجه مكشوف في حملة “الحب من حقوق الإنسان” التي أطلقتها مجموعة “أقليات” لمناهضة التجريم والتمييز ضد الأقليات الجنسية والدينية، في نونبر الماضي، وذلك تزامنا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف 10 دجنبر من كل سنة.
ووجهت هاجر المُقيمة خارج الأراضي المغربية، في فيديو نشر على القناة الرسمية لمجلة “أقليات”، رسالة قالت فيها إن “الحب ليس خطيئة، الحب ليس جريمة، حبوا من شئتم، أينما شئتم وانشروا الحب أينما حللتهم”، منهية رسالتها بـ:”تهلاو في بعضياتكم”.
وعرفت الحملة منذ إطلاقها، مشاركة عدد لابأس به من الرسائل والصور، لكن المثلية هاجر متوكيل، خلقت المفاجأة، بظهورها بوجه مكشوف تدافع عن حقوقها وحقوق المثليين في المغرب.
واعتبر الشيخ السلفي حسن الكتاني،” أن ما يطالب به المثليون ليس حقا وإنما “فجور”، و”خروج عن الطريق السوي”، على حد تعبيره، مشددا على أن الحق يعطيه الشرع “نحن المسلمين لنا شريعة تبين الحلال من الحرام، ومن بين الأمور المحرمة، المثلية الجنسية، والشذوذ الجنسي”.
وأضاف الكتاني، أن حملة “الحب من حقوق الإنسان” التي دعت إليها مجموعة “أقليات”، “إفساد للمجتمع”، و”نشر الأمراض الخطيرة الناتجة عن العلاقات الجنسية بين شخصين من الجنس نفسه”، مشددا على أن الحب الذي يتحدث عنه مثليو الجنس “لا يعنينا نحن المسلمين” لأن الهدف منه خلق “الفتنة”.
وأضاف الشيخ السلفي، أن مثل هذه الحملات منتشرة بشكل كبير، منذ زمن بعيد في أوربا، وهي الآن “تصل إلى المغرب لإفساد المجتمع”، على حد تعبيره دائما.
كما أكد لحسن السكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخريات تمارة، أن الحملة دعوة مباشرة إلى مخالفة السنن الكونية، والفطرة، و”الدعوة مرفوضة شرعا وخلقا”، معتبرا أن ما يدعون إليه ليس البحث عن الحب كحق من حقوق الإنسان وإنما “الحب كشعور متبادل بين الرجال والنساء، لكن ليس إلى درجة الممارسة الجنسية، هم لا يدعون إلى الحب وإنما إلى ممارسة الجنس، وهي ممارسات شاذة”، وضرب المثال بعدم بحث الحيوانات عن حيوانات أخرى من الجنس نفسه “الذكر يميل إلى الأنثى والأنثى إلى الذكر”.
وشدد السكنفل، أن من الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الإصابة بالسيدا، هي العلاقات الجنسية الثنائية بين أشخاص من الجنس نفسه.
المفكر والكاتب الأمازيغي العلماني أحمد عصيد أعرب عن رفضه التام لمصطلح “الشذوذ الجنسي”، باعتباره مستعملا من طرف “العدائيين”، موضحا أن المصطلح يشمل الكثير من الجرائم، من بينها اغتصاب الأطفال، كما تعترف منظمات حقوق الإنسان بالدول المتقدمة بهؤلاء المواطنين المثليين الذين لا يختلفون عن البقية إلا في ميولهم الجنسي الذي يعتبر حقا من حقوقهم المشروعة، مستطردا بالقول: “المثليون مواطنون عاديون نجدهم في شتى المجالات، منها مجالات الفن كالتمثيل والغناء والرسم، وكذلك في العلوم الاقتصادية والسياسية والقانونية”.
وأكد عصيد أنه “لا يوجد ضغط فقط على المغرب لإقرار المثلية، بل حتى على الدول التي لا تزال معاملة المثليين فيها معاملة ناقصة”، مرجحا أن تعود الأسباب إلى “ضعف انتشار المعرفة العلمية؛ لأنهم يعتقدون أن المثلي شخص ناقص ومريض، بينما هو في الأصل شخص طبيعي لديه فقط اختلاف بيولوجي، على اعتبار أنه يشعر بالميول إلى جنسه وليس إلى الجنس الآخر. ولهذا لا يمكننا أن نحاسب شخصا عن مثليته. والسبب الآخر هو ضعف الوعي الديمقراطي لدى الأغلبية”، على حد تعبير المتحدث.
الباحث الأمازيغي عبّر عن أسفه على الحالة التي يعيشها المثليون بالمغرب، خصوصا بعد حادثة الاعتداء على مثلي فاس وكذلك الهجوم على مثليين في عقر منزلهم بالقصر الكبير وبني ملال، وإلحاق الأذى والعنف بهم “دون أي سبب يعتبر جريمة في حقهم”.
” قضاء الشارع “.. عنف وتنكيل وتشهير
لا يزال موضوع المثلية الجنسية في المغرب واحدا من التابوهات، ولا يزال المثليون يعانون من نظرة المجتمع الدونية لهم ومن الإحساس بالذنب والنقص. كما أنهم يعاقبون على مثليتهم بموجب القانون وبموجب الأعراف والتقاليد الاجتماعية. وقال بعض المثليين المتطوعين في تصريحات متباينة أنهم يحاولون انتزاع الاعتراف من المجتمع ، باعتبار مثلي الجنس على حد تعبيرهم ، ليس من يمارس الجنس فقط برضاه و انما أيضا من يغتصب قاصرا في سن 3 سنوات .
وفي هذا الاطار أكد عمر أربيب ، عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان :” إنه مع طرح مسودة القانون الجنائي بالمغرب، طفت على السطح النقاشات والسجالات حول الحقوق الفردية، خاصة حرية المعتقد، الميولات الجنسية، العلاقات الجنسية الرضائية خارج مؤسسة الزواج، التحكم في الجسد، اللباس وغيرها .
وبدا التقاطب بين تيار محافظ، وتيار حداثي تمثله الحركة الحقوقية المؤمنة بكونية وشمولية حقوق الانسان”.
ولاحظ الحقوقي عمر أربيب ” أن مشروع القانون الجنائي يسير في اتجاه الضبط والتحكم من خلال ابقائه على العقوبات الزجرية والسالبة للحرية بل وتشديد العقوبات فيما يخص الحريات الفردية. وما نلمسه هو النزوع المخيف لما يسمى ” قضاء الشارع ” والمتسم بالعنف والتنكيل والتشهير بكل فرد مارس حرياته الفردية او يشتبه فيه بممارسة قناعاتة الفردية المخالفة في نظرهم لثوابت المجتمع كما يتصورونها.”
كما لاحظ ” ان بعض المواطنين بدأوا يشهرون ميولاتهم الجنسية ” المثلية ” وينتظمون داخل جمعيات الدفاع عن الحريات الفردية ، ويطالبون إلى جانب جزء من الحركة الحقوقية بإلغاء الفصل 489 من القانون الجنائي الذي يجرم العلاقات المثلية ويعتبرها علاقات جنسية غير طبيعية.
وأكد الحقوقي المذكور أنه ” إجمالا فان الحريات الفردية وممارستها بشكل علني امر جد حساس وصعب ،قد يعرض اصحابه للتنكيل والتشهير، وقد يصل الامر للاضطهاد”.
معاناة واضطهاد للمثليين…
قبل عام من الآن، في مدينة فاس استقل مثلي سيارة أجرة للعودة إلى منزله، وحين علم السائق بأمره طلب منه أجرة مضاعفة وسلب منه هاتفين ذكيين ومبلغا من المال ومزق ملابسه ثم بدأ بالصراخ “خانث خانث” (أي مخنث)، وليهجم عليه الناس في الشارع وينهالوا عليه الضرب والركل، حسب ما يرويه للصحافة. بعد إفلاته توجه إلى الشرطة لتقديم شكوى ضد من اعتدى عليه، لكنها قامت بتوقيفه هو بدل من اعتدوا عليه، وظل محتجزا حتى اليوم التالي.
في بني ملال أيضا هذه السنة، تم الاعتداء على مثليين وإرغامهما على الخروج عاريين إلى الشارع وسط سيل من الشتائم والسباب. ورغم ذلك صدرت أحكام قضائية بإدانتهما.
حادثتان وغيرهما من الحوادث تبين وضع المثليين جنسيا ومدى معاناتهم في المغرب، والقانون الجنائي المغربي ينص في المادة 489 على أن “كل مجامعة بخلاف الطبيعة يُعاقب عليها بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات”، هذا على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أقرت في 17 مايو/ ايار من العام 1992 أن المثلية الجنسية ليست مرضا نفسيا، وهو التاريخ الذي تم فيه إعلان يوم عالمي لمحاربة رهاب المثلية الجنسية.
“مالي” للدفاع عن الأقليات الجنسية بالمغرب
ابتسام لشكر، واحدة من مؤسسي حركة “مالي” للدفاع عن الحريات الفردية، كسرت جدار الصمت في ما يخص النضال من أجل حقوق المثليين في المغرب. فالحركة تناضل ضد رهاب المثلية الجنسية منذ سنة 2012، عن طريق مجموعة من الأنشطة وحملات التوعية داخل أو خارج المغرب “من أجل وضع الإصبع على القوانين التي تعاقب المثلية والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج” تقول ابتسام.
وتشتغل حركة “مالي” بالتعاون مع مجموعة من الجمعيات في فرنسا وبلدان أخرى، عن طريق “عقد شراكات مع جمعيات تساعد المثليين وترافقهم داخل الدول المغاربية، حيث نقوم بعرض صور تندد برهاب المثلية بالمغرب في الكثير من الأنشطة ومنها Pride في باريس أو إنجلترا، وسنقوم هذه السنة بمشاريع ضخمة في هذا الصدد”. تقول لشكر .
“الجمعيات الحقوقية المغربية صامتة ومتواطئة”!
وترى لشكر أن وضعية المثليين بالمغرب لا تتحسن أبدا لا على مستوى القانون ولا المجتمع الذي يعاني من رهاب المثلية، على حد قولها وتعرب عن إحباطها بأنها “متشائمة من هذا الوضع، لأن المغرب لم يتردد في التصويت في يوليو/ تموز ضد خلق مُقرر حول العنف ضد الأقليات الجنسية. المغرب متواطئ وشريك في الجريمة. كيف سنربي الأجيال على حقوق الإنسان والدولة نفسها لا تريد أن تغير العقليات؟” تتساءل لشكر.
هيومان رايتس ووتش تنتقد وزيرالعدل المغربي وتطالب رفع التجريم عن المثلية
وأمام تفشي صور الاعتداء على المثليين في المغرب ، فقد عادت منظمة من جديد هيومان رايتس ووتش، وانتقدت تصريحات وزير العدل والحريات المغربي، مصطفى الرميد في موضوع المثلية، وطالبت بأن يرفع المغرب التجريم عن هذه الممارسات وعن كل أشكال العلاقات الجنسية الرضائية بين البالغين.
وقالت هذه المنظمة غير الحكومية ، إن على مصطفى الرميد التوقف عن الإدلاء بتعليقات تعادي المثلية، وذلك عندما صرّح هذا الأخير إن المثليين مطالبون بعدم استفزاز المجتمع، مؤكدًا أنه يفضل تقديم استقالته على السماح بالمثلية، ومناديًا المثليين بإجراء عمليات جراحية تجعلهم يعيشون جنسهم الحقيقي.
وكرّرت هيومان رايتس ووتش مطلبها بأن يلغي المغرب الفصل 489 من القانون الجنائي الذي يعاقب على المثلية بعقوبة حبسية قد تصل إلى ثلاث سنوات، مبرّرة ذلك بأن المغرب يشهد “نظام عدالة يرفض المحاكمة العادلة”، و”يميز اجتماعيًا بين المثليين”، زيادة على “خرقه لمواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان التي صادق عليها” فضلا عن تعارض هذا التجريم مع “تفسير الدستور المغربي الذي يحث على احترام الحياة الخاصة”.
” كيف كيف” المجتمع المغربي لا يقبلنا
عالم الاجتماع المغربي عبد الصمد الديالمي يفسر الظاهرة بمفهوم علمي ويقول “المثلية كانت دائماً موجودة في المغرب وفي العالم منذ تواجد البشر على وجه الارض”.
وأضاف الديالمي وهو أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط “في الماضي كما في الحاضر هناك رفض للظاهرة مبني على أساس شرعي فقهي. لكن رغم الرفض السلوكيات موجودة بشكل مستمر”.
لكنه تابع بقوله انه لم يكن هناك وجود “لتبني الهوية المثلية في الماضي لا على الصعيد الفردي ولا على الصعيد الجماعي بحيث كانت الممارسات محتشمة متسترة يشعر الممارس فيها بالذنب وبأنه مجرم”.
ومع منتصف السبعينيات من القرن الماضي حصل تطور عندما عرفت منظمة الصحة العالمية الشذوذ بأنه “علاقة جنسية بين راشد وطفل أو علاقة جنسية بين راشدين فيها عنف في حين أصبحت العلاقة الجنسية بين شخصين من نفس الجنس تسمى مثلية جنسية”.
وأضاف الديالمي أن المغرب رغم كونه بلداً مسلماً فانه لا يعيش بمنأى عن هذه الحركات العالمية التي أصبحت تطالب بعدم تجريم المثلية والانتظام في حركات اجتماعية.
وتابع قائلا انه اذا كانت الدولة المغربية تستلهم قوانينها من مصدرين هما الاسلام وحقوق الانسان كما هي متعارف عليها دولياً فهذا “يشكل تعارضاً بين المصدرين. لذا فموقف الدولة موقف حرج..هل تستجيب لحقوق الانسان أم تستجيب الى الشرع الاسلامي”.
واعتبرت بسيمة حقاوي وزيرة المرأة والتضامن من حزب العدالة والتنمية الاسلامي أن “المنطومة القيمية في المغرب تأثرت بما يجري في الغرب” وأرجعت المسؤولية الى “التحفيزات الخارجية والتشجيعات التي تأتي من بعض المنظمات الخارجية التي تعتبر هذا السلوك يدخل في الحرية الشخصية انطلاقا من منظور مغلوط للحرية الفردية”.
وقالت “في كل مرة كان هناك تصد من طرف المجتمع والسلطات للظاهرة لكن تكرار هذه الخرجات الاعلامية هو من استراتيجياتها للتطبيع معها”.
واعتبرت أن النظام المغربي “قام بواجبه من خلال الرد على هذه السلوكات المستفزة لمشاعر المغاربة”.
وقال “هذا تناقض. المغرب يعيش مرحلة انتقالية في مجال حقوق الانسان ويصادر حقنا في الاختلاف”.
واعتبرت بسيمة حقاوي “أن المغرب وصل الى مستوى جيد في مجال الحريات لذلك قد يستغل هذه المناخ في غير محله”.
سمير بركاشي منسق منظمة “كيف كيف” قال : “نحن لا نخطط لهدم القيم في المجتمع..نحن نريد أن نفهم الناس أن المثلية ليست حالة مرضية”.
وأضاف “أنا مثلي. هذا قدري. المجتمع المغربي لا يقبلنا. الاسلاميون يقومون بحملات رهيبة ضدنا والسلطات تسجننا على جريمة لم نخترها”.