مراكش: عزيز باطراح عن الأخبار
كشفت أرقام ميزانية المجلس الجماعي لمراكش، عن الوجه الحقيقي لحزب العدالة والتنمية الذي يدير شؤون مدينة الرجال السبعة، حيث فضل عمدة “البيجيدي” إلغاء جزء من المشاريع الملكية المهيكلة الخاصة بـ”مراكش.. الحاضرة المتجددة”، مقابل تمسكه بمشاريع أخرى طمعا في أصوات الناخبين.
فخلال دورته العادية لشهر فبراير الأخيرة، صادق المجلس الجماعي لمراكش، على مشروع عمل المجلس للفترة الممتدة ما بين 2017-2022، وهو البرنامج الذي وعد من خلاله حزب العدالة والتنمية الذي يسير المجلس، بإنجاز 297 مشروعا بشراكة مع متدخلين آخرين، قدرت كلفتها بأزيد من 12.415 مليون درهم.
ووعد عمدة “البيجيدي” المراكشيات والمراكشيين بتوفير أزيد 1.101 مليون درهم، أي 110 مليار سنتيم، حصة الجماعة في إنجاز هذه المشاريع خلال الثلاث سنوات الأولى فقط، وهي الأرقام التي تكذبها الوضعية الحقيقية للميزانية، في ظل ضخامة حجم المصاريف التي تلهف 85 بالمائة من المداخيل، ومحدودية حجم ميزانية التجهيز، وهو ما يعني أن المشاريع المسطرة التي وعد بها عمدة مراكش ساكنة المدينة، لا تعدو أن تكون شبيهة بنظيرتها في الحملة الانتخابية لحزب “البيجيدي”، أي أنها ستبقى حبرا على ورق.
وبالعودة إلى ميزانية سنة 2016، فإن عمدة مراكش الذي كان يتباهى أمام أعضاء المجلس مؤكدا تحقيق زيادة قدرها 02 بالمائة بالمقارنة مع ميزانية سنة 2015، أي الانتقال من 90 مليار سنتيم إلى حوالي 92 مليار، فإن المقارنة الحقيقية وجب إجرائها مع الميزانية التقديرية التي وعد بها المراكشيين، والتي حددها في 102 مليار، وهو ما يعني وجود عجز مقدر بحوالي 10 ملايير، وليس زيادة.
وبحسب مصادر من المعارضة فإن المقارنة التي قام بها العمدة ويتباهى بتحقيق زيادة نسبة 02 بالمائة مقارنة مع سنة 2015، فإنه بمثل هذه المقارنة سنجد أن المجلس السابق تمكن من تحقيق زيادة بنسبة 05 بالمائة، ما بين سنة 2013 و2014، ونسبة أخرى قياسية بلغت 21 بالمائة ما بين 2012 و2013 أي من 70 مليار إلى 85 مليار، أي بزايدة 15 مليار سنتيم.
وأضاف ذات المصدر أن مداخيل المجلس خلال سنة 2016 لم تتجاوز 92 مليار سنتيم في الوقت الذي حددت الميزانية التوقعية 102 مليار كمداخيل، ونظرا للعجز المسجل في المداخيل، فقد اختار عمدة “البيجيدي” إلغاء العديد من المشاريع، خاصة تلك المتعلقة بالمشروع الملكي (مراكش.. الحاضرة المتجددة)، و لعل من بين أبرزها الطريق المداري (الدار البيضاء فاس)، والطريق المحوري الداخلي للمدينة العتيقة، والمقدرة حصة المجلس فيهما بمليارين من السنتيمات.
هذا، واضطر العمدة أيضا ، مع العجز المسجل في الميزانية، إلى إلغاء جزء من فاتورة الكهرباء العمومية والمحددة في 02 مليار سنتيم، كما ألغى جزء من فاتورة الأزبال والمقدر أيضا بـ02 مليارين من السنتيمات، علما أن مجموع الفاتورة السنوية للأزبال هو 26 مليار سنتيم.
وبالعودة أيضا إلى المشاريع الملغاة، والتي سكت عنها العمدة وأغلبيته عند مناقشة الميزانية، خاصة الطريق المحوري (الدار البيضاء فاس)، وهو جزء من المشروع الملكي: مراكش الحاضرة المتجددة، فإن وزارة الداخلية أوفت بالتزاماتها و انتهت من إنجاز أشغال هذا الطريق ، وتنتظر من المجلس الجماعي إتمام الجزء الذي التزم به، والمتمثل في إنشاء قنطرة على وادي تانسيفت، وهي القنطرة التي التزم المجلس بتخصيص 02 مليارين من السنتيمات للمساهمة في المشروع، حيث سبق للرئيسة السابقة فاطمة الزهراء المنصوري أن خصصت غلافا ماليا قدره 01 مليار سنتيم، عن السنة الأولى من برنامج مراكش الحاضرة المتجددة، إلا أن العمدة الحالي لم يتمكن من الوفاء بالتزامات المجلس عبر تخصيص مليار سنتيم آخر لاستكمال المشروع، علما أن المشروع الملكي مراكش: الحاضرة المتجددة دخل سنته الثالثة والأخيرة، كما أن الطريق المذكور، لا قيمة له دون بناء القنطرة المذكورة.
هذا، وكان المجلس الجماعي عند وضع الميزانية التقديرية لسنة 2016، خلال شهر أكتوبر من سنة 2015، أي مباشرة بعد رئاسة محمد العربي بلقايد، عن “البيجيدي” للمجلس الحالي، حدد الميزانية التوقعية في شقها المتعلق بالتجهيز (الاستثمار) في حوالي 15 مليار سنتيم، وبالنظر إلى كونه لم يصل إلى الهدف المتوخى والمحدد في 102 مليار، اضطر إلى إلغاء المشاريع السالف ذكرها، بعدما تمت برمجتها في الميزانية (مليارين من السنتيمات)، تضاف إلى أصل الدين المحدد في قرابة 08 ملايير سنتيم، أي عشرة ملايير سنتيم، ليبقى الغلاف المالي الحقيقي الخاص بالاستثمار هو حوالي خمسة ملايير سنتيم.
وبحسب مصادر من المعارضة فإن رئيس المجلس، وبعد عدم وصوله إلى تحقيق الأهداف المسطرة في الميزانية، كان لزاما عليه أن يفي بالتزامات الجماعة في إطار المشروع الملكي الحاضرة المتجددة، لأنه يكتسي أهمية بالغة في إطار المشاريع المهيكلة للمدينة، خاصة أنه هذا المشروع:” يشرف عليه ويتابعه أولا بأول عاهل البلاد الملك محمد السادس” يقول المصدر المذكور في تصريحه للجريدة، قبل أن يضيف أن العمدة كان بإمكانه إلغاء الإعتمادات المالية المخصصة لصيانة الطرق والتي حددتها ميزانية 2016، في أزيد من مليارين من السنتيمات:” خاصة وان صيانة الطرق استفادت من 28 مليار التي صرفت في إطار التحضير لكوب 22″، كما أن صيانة الطرق هي جزء من اختصاص مجالس المقاطعات في إطار القانون التنظيمي الجديد:” حيث تم الرفع من ميزانية المقاطعات الخمسة للمدينة بقرابة ثلاث مرات، أي من مليارين و800 مليون سنتيم، إلى سبعة ملايير و800 مليون سنتيم، وهي ميزانية تضم أيضا صيانة الطرق” يؤكد ذات المصدر للجريدة، ما يعني أن طرقات المدينة استفادت من الصيانة خلال مؤتمر كوب 22، ويمكنها الاستفادة من خلال الميزانية المخصصة للمقاطعات.
وبقراءة لأسباب إلغاء عمدة “البيجيدي” لجزء من المشروع الملكي: الحاضرة المتجددة، والإبقاء على مشاريع صيانة الطرق بالرغم من استفادتها من الدعم المالي بمناسبة كوب22، وأيضا، من خلال الاعتمادات المخصصة للمقاطعات:” يكون العمدة فضل مشاريع مرتبطة بقاعدته الانتخابية على مشاريع مهيكلة للمدينة، والتي لن يجني من ورائها أي صوت انتخابي، خاصة وأن ميزانية 2016، تمت مبرمجتها خلال شهر أكتوبر من سنة 2015، أي أن تنفيذها يسكون خلال سنة 2016، وهي سنة الانتخابات التشريعية التي منحت حزب العدالة والتنمية خمسة مقاعد من أصل 09 المخصصة لعمالة مراكش.
وبالرجوع إلى مشروع عمل المجلس خلال الفترة الممتدة ما بين 2017 و2022، المصادق عليه في دورة فبراير الأخيرة، والذي التزم فيه العمدة بتخصيص أزيد من 110 مليار سنتيم، خلال الثلاث سنوات الأولى من البرنامج، لانجاز حوالي 297 مشروعا، يتضح أن الأمر لا يعدو أن يكون مشاريع على مستوى الورق، إذ أن الإمكانيات الحقيقية للميزانية لا يمكن أن توفر حتى نصف هذا الرقم، بدليل أن العمدة وعد بتحقيق 102 مليار كمداخيل سنة 2016، ولم يصل إلا إلى 92 مليار سنتيم، واتضح أيضا أن ميزانية الاستثمار لم تتعد حقيقة إلا خمسة ملايير سنتيم.
وإذا كانت إمكانيات العمدة لا تتعدى توفير 05 ملايير كل سنة للاستثمار، فإن أقصى ما يمكنه تحقيقه خلال الثلاث سنوات الأولى من هذا البرنامج هو 15 مليار سنتيم، مقابل 110 مليارا التي وعد بها في برنامجه:” ما يعني أن الفارق سيكون هو 95 مليار سنتيم، فمن أين للعمدة بتوفير هذا المبلغ؟” يقول مصدر من المعارضة في قراءته وتعليقه على برنامج المجلس.