محمد السعيد مازغ
تفتخر مدينة مراكش في المحافل الدولية والملتقيات الوطنية، بما حققته من طفرة على المستوى العمراني، و البنية التحتية ، ولا يتعب بعض المسؤولين من تعداد المجهودات التي بذلت من أجل التخفيف من دائرة الجهل و الهشاشة
والفقر ، سبيلهم إلى ذلك الاعتماد على إستراتيجية تتوخى تنمية موارد المدينة اقتصاديا عبر تشجيع الاستثمار وترشيد النفقات العمومية، وفتح آفاق التشغيل وغير ذلك من المبادرات الرامية إلى النهوض بمستوى الساكنة المعيشي، والرقي بمراكش لتكون في مصاف المدن السياحية العالمية التي تسحر الزائر، وتبهر بجمالها وروعة بنيانها وما حباها الله به من خصوصيات شعوب العالم، كل هذه الأمور هي حقيقة لا غبار عليها، ولا يمكن لأي كان أن ينكر التحولات الإيجابية التي شهدتها مدينة مراكش وعلى مستويات عدة. إلا أنه وللتاريخ فإن العديد من المظاهر تكشف زيف الشعارات، وتثبت عكس ما يروج إليه أفتراء على مدينة مفعمة دروبها العثيقة بالجراح. مدينة مازالت تضم داخل أسوارها منازل آيلة للسقوط، يعيش تحت جدرانها المتصدعة مواطنون مغلوبون عن أمرهم، نساء وأطفال وعجزة ينتظرون في كل وقت وحين، انهيار حائط أو سقف من فوق رؤوسهم، ليضع حدا لحياتهم التي لم يعد لها طعم ولا معنى.
ما وقع اليوم بدرب “الكبص” بمقاطعة سيدي يوسف بن علي، في مدينة مراكش، خير دليل على أن ناقوس الخطر والتحذيرات الاعلامية السابقة التي تطالب الجهات المسؤولة باتخاذ الاجراءات الضرورية للحد من انهيار المنازل
الآيلة للسقوط، وتجنيب المواطنين الموت تحت أنقاضها، لم يتم الأخذ بها، كما يتأكد بالملموس أن الإجراءات السابقة لم تكن صائبة، حيث خصصت مبالغ مالية لبعض الاسر المتضررة من أجل أصلاح وترميم مساكنها، وفي غياب
المراقبة والتتبع، فإن البعض وجد في ذلك فرصة لسد بعض الاحتياجات التي يعتبرها اولى من إصلاح المسكن. ومع مرور الايام يزداد الأمر تعقيدا وخطورة، وتضيق الحلول الكفيلة بإنقاذ الأرواح من الموت المحقق.
وفاة أم ، وطفليها اللذين لم يتجاوزا عقدهما الأول : (ست وتمان سنوات ) تحت الأنقاض، ونقل مصابين آخرين إلى المستعجلات في حالة خطر بعد اخراجهما من عمق الأتربة بصعوبة من طرف رجال الوقاية المدنية، علما ان حصيلة
الوفيات قابلة للارتفاع نظرا للحالة الصحية الحرجة لبعض الضحايا ، لا يعفينا جميعا من المسؤولية التي على عاتقنا جميها، مجتمع مدني ومسؤولين وهيئات اقتصادية، سياسية وحقوقية ..، أنه التحدي الحقيقي ، والأختبار الأمثل لمعنى المسؤولية والتكافل الاجتماعي وعلاقة ذلك بالكرامة والحق في الحياة والعيش الكريم. إنها الصرخة الحقيقية في وجه الجهات المسؤولة للتفكير والتعجيل بالحلول الواقعية التي تحد من موت المواطن الفقير والمسالم تحت الأنقاض والأتربة، للقطع مع سياسة الواجهات والالتفات إلى دور ” بومسوس ” أو القبور التي يعيش بين جدرانها أبناء هذا الوطن.