صدر حديثا عمل جديد للكاتب حامد البشير المكي بلخالفي، يقول الدكتور عبد الوهاب الأزدي في مقتطف من تصديره لهذا الإبداع: .. و”قصة لن تقرئي رسائلي بعد” نص إبداعي سردي، جعله الكاتب الفاضل الألمعي و الأستاذ اللوذعي، حامد البشير المكي بلخالفي، في ست عشرة رسالة. وأصل هذه الرسائل الموزعة خطيا بطريقة عمودية، قصة هي الخبر في العنوان.
على أن الكتابة القصصية في هذا العمل لم تتنكب عن مقومات البناء السردي كما تعلمنا ذلك شعريات السرد الحديثة مع رولان بات وتزفيطان تودوروف وميشال بوتور وميخائيل باختين وغيرهم. وبإمكان الدارس أن يلاحق عناصر هذا البناء على مستويات الشخصيات والزمن والمكان والسرد والوصف دون أن يؤثر ذلك على وظيفتها الرسالية، أو أن يسلبها من جنسيتها الأصلية التي هي القص.
في القصة قصص صغيرة هي الرسائل التي تحضر في إطار من التكثيف الدلالي والإيحائي والإيجاز بمرجعية تناصية تعتمد التضمين والاستشهاد بالقرآن والحديث والشعر. ولهذا لاغرو، أن تستبيح القصة في هذا العمل من الرسالة ثوابتها البنائية العمودية التي هي فواتح وخواتم ولواحق، وبعض أشكالها الكاليغرافية من حيث توزيع الخط عموديا الذي ينطوي على قيم فنية وظيفية ، لتنحت من لغتها ومعانيها ومحيطها المعجمي، نصا متوثبا على مثال الإبداع الأدبي النوعي.
وبهذا السمت البديع، أمكن لصاحب هذا العمل أن يشبهه بمصنع النحل، تصب فيه حلاوة الرحيق وطرافة الإبداع. ولتفكيك هذا المصنع الذي يستثمر تقنيات لغوية هائلة وأشكال نصية متنوعة، لا يمكن لقراءة فريدة أن تحيط بكل تفاصيله ودقائقه.
وإذ أهنئ الأستاذ الكاتب حامد البشير المكي بلخالفي على هذه الدرر الإبداعية النفيسة التي حررها من الصندوق الخشبي الحزين لتأخذ طريقها إلى قارئ حي يرزق، أسأل الله جل وعلا، أن يحيطه بعنايته الربانية الكريمة، وأن يشمله بعفوه وعافيته، وأن يديم عليه نعمة الكتابة ونشر الفضيلة والعلم. إنه سميع مجيب الدعاء.