دار الحكمة بايطاليا..مركز ثقافي لترسيخ القيم الكونية والحضارية

دار الحكمة بايطاليا..مركز ثقافي لترسيخ القيم الكونية والحضارية

- ‎فيفن و ثقافة
658
0

 

يعتبر المركز الثقافي الايطالي العربي دار الحكمة ببورطا بلاتصو بمدينة طورينو الايطالية، ابرز واهم الفضاءات الثقافية والفنية، والمعالم العربية والإسلامية، والتي شكلت محطة مهمة لإشاعة ثقافة الحوار والتواصل الايطالي والعربي خاصة، والتواصل الدول والكوني عامة، وترسيخ قيم والتعايش والتسامح بين مختلف الديانات والحوار بين الثقافات والحضارات.

ولعل الداخل إلى مركز دار الحكمة الذي يقع ب(فيا فيوشاطو رقم 5)، يلامس عن قرب الحس العربي والإسلامي الجميل والممتع والانيق، في مختلف مرافق هذا الفضاء المعماري الاصيل والجميل، وذلك بالنظر إلى التركيبة الفنية والفسيفسائية، التي تتأسس عليها جماليات المكان وشاعريته، ما يجعل منه، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، منارة عربية وإسلامية، تفتخر بها الجالية العربية والإسلامية والمغربية على حد سواء، ومحط تقدير وإعجاب للعديد من المتتبعين والمهتمين بالشأن الثقافي والفني، والحوار الحضاري والثقافي بين الشرق الغرب بشكل عام بايطاليا وخارجها.

وبالنظر الى تاريخ هذا المركز الذي تأسس منذ 1985، يتأكد جليا ان هذا الفضاء، راكم تجربة مهمة وراقية، على مستوى، الأنشطة التي قام ويقوم بها، وهي أنشطة خصبة وثرية، وتخدم الجالية العربية والإسلامية والمغربية بالخصوص، وتكرس لروح التعاون والتضامن، والحوار، وتمجيد المبادئ الإنسانية، بعيدا عن كل عنصرية وتطرف وما الى ذلك.

والملاحظ للعيان ان تجربة دار الحكمة في هذا السياق أثمرت فيضا من الانشطة المتنوعة والمتميزة، من محاضرات، وندوات، ولقاءات، ومهرجانات، وتوقيع كتب جديدة ومؤلفات واصدارات، فضلا عن استقبال نخبة من الضيوف من مختلف أنحاء العالم، ما جعل من دار الحكمة دارا للثقافة والسلام، ومحطة رحبة للتلاقي والمحبة، وتقاسم اللحظات بين مختلف افراد الجالية كيفما كانت، وذلك بهدف، جعل الثقافة سبيلا حقيقيا لتذويب هموم الهجرة والغربة، وجعل المهاجرين يشكلون معادلة مهمة، في تنمية البلدان، ووسيلة راقية للاندماج في بلد الاستقبال، حتى تبقى الثقافية نوعا من الدبلوماسية الموازية لخدمة مختلف القضايا التي تهم الجالية، وتحقيق رهاناتها.

بالمناسبة سلط رئيس جمعية مركز دار الحكمة الدكتور يونس توفيق وهو من اصل عراقي ومحب للمغرب، في تصريح صحافي الضوء على تاريخ المركز، الذي أسس في منتصف الثمانينات من القرن الماضي كما أسلفنا، وعلى اهم الانشطة التي يقوم بها، مبرزا انه في 1999 مكنت بلدية المدينة الجمعية من مقر مركزي لها، بعد ان كان المكان عبارة عن فضاء مهجور، وحولته الجمعية بدعم وتعاون مع عدد من المنخرطين والشركاء الى تحفة فنية نادرة.

وقال الدكتور توفيق ان الرهان كان هو تأسيس مركز على شاكلة معهد العالم العربي بالعاصمة باريس لكن الظرف لم تساعد على ذلك، لعدة اعتبارات، موضحا ان المركز الحالي، يتوفر على ثلاث طوابق وعلى ثماني دوشات، كإرث تاريخي واجتماعي ايطالي، ثم الحفاظ عليه، وحمام تركي، فضلا عن مقهى ادبي، وقسم لتعليم اللغات كالعربية والايطالية، وصالون محاضرات وندوات ومكتبة، تحضن كثيرا من كنوز الكتب والمؤلفات المتنوعة، وهذا ما يجعل من المركز، بتركيبته المتعددة، دارا عائلة، وتحفة فنية وثقافية بواصفات اجتماعية وإنسانية، وثقافية، وتربوية واكاديمية، وإبداعية قل نظيرها في شمال ايطاليا، تحضن احلام وثقافة وهوية المهاجرين.

ولفت الى ان المركز، قام بالكثير من المبادرات التي خدمت وتخدم الجالية العربية والإسلامية منذ سنة 2001، وذلك في مواجهة الإرهاب والتطرف، وتمحو تلك الصورة الدونية والسيئة للاسلام والمسلمين، والدفاع عن الاسلام كعقيدة سمحة مسالمة، تنبذ كل أشكال العنف والتطرف، فضلا عن الكثير من المعارض الفنية والمهرجانات وعرض الأفلام السينمائية والمسرحيات، والكثير من المحاضرات الفكرية شارك فيها اكاديميون ومفكرون وباحثون وجامعيون، وهي ندوات تسعى في العمق، الى ترسيخ روح التسامح والحوار، والتعايش بين الديانات والحضارات والثقافات الكونية والانسانية.

وعرج الدكتور توفيق على الكثير من الشخصيات البارزة والوجوه الفنية والفكرية والثقافية التي زارت المركز واحتضنتها دار الحكمة، ومنها الروائي المغربي والعربي الكبير الطاهر بنجلون، الذي وقع إحدى كبته بعين المكان شابقا، حيث يرتقب خلال ال 27 من شهرشتنبر الجاري ان يلقي محاضرة قيمة حول الاسلام بمدينة بادوفا، هذا اضافة الى المفكرة المصرية نوال السعداوي ويوسف زيدان، والشاعرين الفلسطينيين الراحلين سميح القاسم ومحمود درويش، وعازف الكمان ضمن فرقة الفنان العراقي كاظم الساهر خالد محمد علي، وعازف القانون حسن فالح، والمغربي احمد عبادي، والمسرحي عبد الاله عاجل، والمخرج المسرحي عبد الكبير الركاكنة، الذي عرض مؤخرا مسرحيته(الهياتة)، ضمن جولة اوربية شملت فرنسا وايطاليا والمانيا، فضلا عن الكثير من الشخصيات التي بصمت تجربتها بالتميز عبر هذا المركز، الذي يظل محطة كونية يبسط فيها المبدعون والمفكرون أجنحتهم الثقافية والفكرية بسلام.

كما اضاف الى ان مهرجان الصداقة الرباط طورينو الذي نظمته دار الحكمة بالتعاون مع جمعية رباط الفتح مؤخرا، شكل إحدى الكرنفالات الفنية والثقافية الكبيرة والمهمة، والتي كرست في العمق قيمة العمل الفني والثقافي في تعزيز سبل التعاون والحوار المغربي الايطالي، والتقريب بين الثقافات والحضارات، والفرجة الراقية للجمهور، وخلق احتفالات جماعية للجالية تسعد الروح والخاطر.

وعلى صعيد الأنشطة والبرامج المقبلة أكد الدكتور توفيق ان دار الحكمة مقبلة انشاء الله على استضافة الفنان الفوتوغرافي مرادجي، لتقديم مؤلفه الجديد، وتنظيم اسبوع مصري خلال شهر اكتوبر المقبل، تحت شعار”من مصر الفرعونية الى مصر الحديثة والمعاصرة”، فضلا عن معرض للفنون التشكيلية لمبدعين مغاربة محترفين كشكل من اشكال الحوار الفني والابداعي، بين ضفتي المتوسطي الجنوبية والشمالية، ومحاضرات الخميس من كل شهر، وهي محاضرات فكرية متنوعة.

وخلص الدكتور توفيق الى ان دار الحكمة التي نظمت اول احتفال بعيد العرش المجيد، منذ افتتاح اول قنصلية للمملكة المغربية بطورينو الايطالية في عهد القنصل السابق بنشمسي، تهدف الى ان تكون واجهة ثقافية وحضارية للمغرب، وللجالية المغربية والعربية والإسلامية والدفاع عن حقوقهم، وإبراز هوياتهم وثقافاتهم وحضارتهم الى جاب باقي الحضارات الكونية، داعيا بالمناسبة الى تضافر الجهود بين الجمعيات وأفراد الجالية من اجل تحقيق هذه الرهانات المشتركة والمزيد من المكتسبات، التي تخدم الجالية بشكل عام

 

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت