منتصر دوما
“كشف تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن 60 في المائة من المغاربة يعيشون الفقر والحرمان، وأن 44.3 منهم يعانون الفقر الشديد ولازالوا محرومين من حقوقهم الأساسية من سكن وصحة وتعليم. وقد خلص التقرير إلى أن ليبيا والجزائر وتونس، التي يعوزها الاستقرار السياسي تصنف في عداد الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، بينما يقبع المغرب في مراتب متأخرة الى جوار دول تعيش فقرا مدقعا مثل الصومال وزيمبابوي ومالي والغابون، وهو ما جعل المغرب يحتل المرتبة 126 في مؤشر التنمية البشرية”.
أرقام صادمة مفزعة؛ تبدد كل الشعارات الزائفة لما يسمى ببرامج وسياسات محاربة الفقر والهشاشة وبرامج التنمية البشرية، التي تستعمل منذ سنوات، في محاولة لتغطية الشمس بالغربال.
الثروة في المغرب يحتكرها الناهبون الكبار وخدمهم وسدنتهم ومن يدورون في محيطهم ويوالونهم، وسنوات من الضياع والخراب توالت على البلاد باطلاق اليد للفاسدين (موظفين عموميين ومنتخبين..) لنهب الميزانيات العمومية، ولملاك واقطاعيين لخلق دولة الريع، فيما يمكن أن يعتبر جزاء الدولة للذين يسدون خدمات الولاء للحكم حتى يواصل مسلسله القهري التحكمي، الجشع والبادي للعيان تارة، والمستتر بشكل ناعم تارة أخرى.
عقود من الزمن تم خلالها قهر العباد وتركيعهم وادخال الشعب في زمن التطبيع مع الفقر وفرض الرضى بالقضاء والقدر وحمد الله على نعمة السلطان والآمان، فيما الناهبون يواصلون تهريب الثروة خارج أرض الوطن، واحتكارها داخليا، وخنق كل ارادة للتغيير:
– سياسيا، بالتحكم في اللعبة السياسية وجعلها طوع البنان، بفبركة الأحزاب وصناعتها وجعلها تخدم أجندة استدامة التحكم، وضرب الأحزاب الوطنية بشراء النخب الناعمة وادخالها للحكم لانهاكها وتشويه ومطاردة الممانعة والصامدة منها، وادخال الحساسيات الايديولوجية في صراعات الغرض منها اضعاف الطبقة السياسية والنقابية الحاملة لممكنات التغيير؛
– اقتصاديا بالتحكم في مناخ الاقتصاد، عبر احتكار سوق المال والأعمال، وخنق التنافسية وضرب المبادرات الاقتصادية الناشئة، وذلك بخلق نخب اقتصادية موالية يتم دعمها بتسهيل ولوج واحتكار السوق والاستفادة من الصفقات العمومية؛
– اجتماعيا، بضرب التعليم واضعاف القدرة الشرائية للمواطنين، وتهميش العالم القروي وخلق هوامش مدن لمزيد التهميش، تنعدم فيها شروط العيش الكريم، وجعل المواطن منشغلا بلقمة عيشه، غير مبال بما يحدث حوله ولا بآليات تغييره..
الأرقام المتواترة تكذب السياسيات الرسمية في محاربة الفقر وتفضح زيفها، وتعري مرة أخرى صورتنا أمام المرآة..وفي كل مرة سنبقى نردد مع المُردّد: أين الثروة !