الحكاية 17 من حكايات الاميرة ذات الهمة .. زواج ذات الهمة

الحكاية 17 من حكايات الاميرة ذات الهمة .. زواج ذات الهمة

- ‎فيفن و ثقافة
291
0

 

د محمد فخرالدين

أما ما كان من أمر الاميرة ذات الهمة ، فقد سارت الى مالطينة لتكمل ما عزمت عليه من أهداف سامية ، و ذلك بمباركة الرشيد الذي هيأ لها كل سبل الدعم لتصل الى مقصودها و تحقق مرادها .

اما ما كان من أمر الحارث ابن عم الاميرة ذات الهمة فقد عاد الى حقده الدفين ، و احتال على الأميرة حتى قبلت منه الزواج على ان يكون المهر هو مساعدتها على فتح القسطنطينة، و اتفقا أن لا يتم الزواج إلا بعد ذلك ، ثم توافقا على ذلك على رؤوس الأشهاد ، و كتب القاضي عقد الزواج على الشرط الذي ذكرنا .

لكن الحارث لم يكن يرتب إلا لحيلة من الحيل التي دأب عليها واعتاد ، حتى يحصل على المراد ، أن يشغل الأميرة بالزواج و الأولاد و يصير قائدا للجيوش مكانها .

كان الحارث مسئولا عن حراسة العتاد الحربي و تأمين خطوط تموين الحملات القادمة من كل الجهات ، وما يقع في أيدي المسلمين من سبي وغنائم وثروات، ومن هنا اتسعت سلطات الحارث، وعم ثراؤه إلى حد كبير ، لكنه كان لئيم الطبع كثير الطمع .

وما أن انتصرت الاميرة ذات الهمة في دحر الروم، حتى تقاعس عن مهامه التي أوكلت إليه في حراسة السفن والمراكب التي تعج بالمؤن والذخيرة من مختلف الأنواع و الاصناف ..

و اتخذ له قصراً شاهقا تحيط به الاسوار العالية ، واتسعت سلطاته
وصار له أتباع كثر من المتملقين ، و تسابق الجميع إلى خدمته مقابل المال الذي يدفعه لهم .

و كانت ذات الهمة تنصحه بضرورة الاستعداد لمواجهة الأعداء ، وعدم الاستسلام لحياة الرخاء و الرفاهية فكان لا يهتم بأقوالها وتوجيهاتها و يصر في قرارة نفسه على العناد .

أما ذات الهمة فكانت تعرف جيدا أخلاق ابن عمها الحارث بن ظالم ، لكن ما كان يهمها أكثر هو تأمين الثغور من هجوم الروم ،فما حدث من انتصار يمكن أن يصير إلى بوار إذا لم يكن الحرص و الاستمرار ، والهدف كل الهدف كما كانت تأمل هو الوصول الى العاصمة القسطنطينة التي استعادها الروم في غفلة من المسلمين، و من اجل هذا الهدف كانت ترى كل الوسائل ممكنة، حتى و لو كان الزواج من ابن عمها الحارث.

أما الحارث فقد كانت له خطط أخرى ، فهو لم يكن ينشغل عن الأميرة ذات الهمة لحظة واحدة ، فقد بث عيونه و بصاصيه ليأتوا له بأخبارها ، و يراقبوا كل أفعالها و أعمالها ، بل بعث عيونه حتى داخل مخادع نومها .

هذا ما كان من أمر الحارث ،اما ما كان من أمر ذات الهمة فإنه لم يكن يقلقها وجوده وترصده لها، ولا كونها زوجته بالكتاب و السنة إذا ما لم يحصل مهرها المتفق عليه ألا وهو فتح القسطنطينة .

كل هذا كان يحدث وعين الحارث لا تغفل عن التفكير في طريقة يصل بها الى ذات الهمة ليستعيد ثقته في نفسه ، ألم يكن ابن عمها و زوجها بالكتاب ، فهو لم يعد يتحمل الانتظار الى ما بعد فتح القسططينية خاصة و انه لم يكن متحمسا لقتال الروم خوفا على نفسه، بل كان يوثر المهادنة و جني الأرباح كما يفكر كبار التجار .

و ان كان وافق على شرط الاميرة و كثيرا ما تدلل لها حتى يتحقق الزواج ،فإنه في قرارة نفسه كان يلغي الشرط في حين كانت الاميرة كما ذكرنا متمسكة بشرطها الوحيد هو أنه لا زواج إلا بعد القسطنطينة و لعلها في ذلك كانت تسير على خطى جدها الصحصاح و تنفذ وصيته .

قال الراوي :

لقد كان الحارث يحس بالهوَّة العميقة الفاصلة بينه وبين ابنة عمه، ويشعر أنه ليس كفؤا لها، من حيث الطبع و المرتبة ، فهي قائدة لجيوش المسلمين على الثغور معينة من طرف الخليفة ،و هي التي فكت الحصار عن امد و فتحت القلعة و مالطينة .

و حتى في الفروسية و القتال ، كان يعرف انها متفوقة عليه ، فقد نازلته مراراً وتكراراً، وفي كل مرة كانت تتغلب عليه أمام القبائل و عيون الأشهاد..

لذلك صار ينتظر الفرصة السانحة للوصول الى ما يريد ولكن كيف و الأميرة ذات الهمة فطنة كل الفطنة و لا يمكن ان لا تنتبه لم يروج في ذهنه من أشكال اليد و التهديد ، فقط كان يحتاج الى من يعينه على التنفيذ ، فمن سيكون ذاك الشخص ياترى ؟ سؤال كان يؤرقه بكل تأكيد …

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت