د محمد فخرالدين
قال الراوي :
أجاب معروف الأميرة في الحال :
ـ ليس المجال للحكايات يا أميرة ، فعندي أسرار خطيرة أريد أن أسرها لك وحدك دون غيرك ..
قالت مندهشة كل الاندهاش:
ـ حسنا ما هي هذه الاسرار ؟
معروف :
ـ استمعي الي جيدا يا اميرة الأحرار، أخبرني جدك الصحصاح و كنت رفيقه و أمين سره طول عمره ، أن اسمك سيكون هو الاميرة ذات الهمة، و أنك ستكونين قائدة لجند المسلمين على الثغور و صاحبة الأمر المشهور على مر الدهور ..
و قد ترك لك جدك وديعة هي عبارة عن صندوق من حديد، و أوصاني ان اسلم لك صكها عندما تكبرين بالتحديد ، و أكون دليلك حتى العثور عليها كما يريد ، و ها أنت قد اصبحت فارسة من الفرسان الصناديد ، فقد آن الاوان لنيل المقصود و التوكل على المعبود ..
و الان هاكي التقييد الذي تركه لك جدك الصحصاح ،و الذي يدلك على مغارة الصندوق ،و عندما تصلين الى المكان بالتحديد اذكري نسبك السديد،فسينفتح لك المكان، و انا سأكون معك لأساعدك في تحصيله و التوكل في ذلك على القدير المجيد ..
أما ما كان من أمر الأمير ذات الهمة فقد انشغل بالها باسمها الجديد كما شغلها امر الصندوق و ما فيه بالتحديد ، فلم يكن يهمها ان تحصل الاموال فقد ندرت نفسها للحرب و القتال ، و صارت تطرح السؤال لم تركه لها جدها الصندوق دون غيرها ، و صارت تتأمل أقوال الشيخ معروف الذي تكتنفه الكثير من الأسرار، فيا ترى ماذا يوجد في الصندوق ،هل هو ذهب ومرجان ، أم قنديل جان .. أم ماذا ؟ ..
و في الغد قرب الفجر قررت التسلل في السر الى خارج القبيلة ، وحملت معها لوازم الترحال على ظهور الجياد و البغال ، و خرجت رفقة بعض من فرسانها المقربين ، و كان معها طبعا خادمها الامين المخلص مرزوق ابن مرضعتها ، و الشيخ معروف ليرشدها الى الطريق المألوف ..
و سارت الأميرة سبع أيام بليلها و نهارها ، تتبع الشيخ معروف حتى وصلا الى المكان التي ظهرت فيه المغارة لجدها الصحصاح ، وهنا تراجع الشيخ معروف و من كان برفقتهما إلى الوراء، و طلب منها أن تذكر نسبها للصحصاح بن جندبة بن الحارث ، و ما أتمت كلامها حتى ظهرت مغارة غريبة الشكل على وجه الأرض ، فدخلت اليها الاميرة ذات الهمة ، فوجدت الصندوق في وسط المغارة ، وحملته في الحال رغم أنه كان ثقيل الوزن في ثقل الجبال ، و خرجت به مسرعة ، و مباشرة رجعت الأرض الى سابق عهدها و وزال كل أثر للمغارة ..
عادت الأاميرة ذات الهمة الى حيث الشيخ معروف ،ووضعت الصندوق أمامه مندهشة وهي لا تعلم ما فيه ، فقال لها الشيخ :
ـ اعلمي أن في الصندوق ما هو أغلى من الذهب و اللؤلؤ و الياقوت ..
ازدادت دهشة الاميرة ذات الهمة :
ـ و هل هناك ما هو أثمن من اللِؤلؤ و المرجان و غالي كريم الأحجار..
قال الشيخ :
ـ نعم أيتها الاميرة ستجدين فيه كتب و خرائط جدك لحماية الوطن والثغور من كل أنواع الشرور ..
فرحت الأميرة ذات الهمة فرحا شديدا و انكبت على يد الشيخ معروف تقبلها و شكرته غاية الشكر، و دعت بالرحمة و الغفران لجدها الصحصاح ..
وبعد ذلك طلبت من مرزوق الاستعداد للعودة الى الديار في الحال و شد حبال الترحال ، وعادت الأميرة مسرعة الى مضاربها في القبيلة، و انفردت مع الصندوق في غرفتها الخاصة، و لم تطق الاميرة صبرا على أمر الصندوق ، فأسرعت الى فتحه في الحال،فأول ما رأته هو قلادة منقوش عليها اسمها ، قائدة الشجعان و فارسة الفرسان الاميرة ذات الهمة بنت الصحصاح بن جندبة ،و عدة حربية كاملة ، و كتب نفيسة وخرائط جلدية مطوية بعناية، ووجدت بينها خطاب :
إلى الاميرة ذات الهمة :
من جدك الصحصاح الى الأميرة ذات الهمة حاملة السلاح وقائدة الكفاح، اعلمي انك ستواصلين السير على دربي في الحرب و الكفاح ضد الروم بالثخوم ،حتى الوصول الى تطهير ثغور لبلاد المسلمين ، و هذا عهد عليك و ميثاق ، و الله يهديك لسبل الفلاح و السلام ،جدك الصحصاح ابن جمدبة ابن الحارث.
ووجدت كتبا كثيرة مخطوطة بيد جدها ، و خرائط مرسومه للثخوم وبلاد الروم..
..