الحظر العملي والتقني للجمعية المغربية لحقوق الانسان

الحظر العملي والتقني للجمعية المغربية لحقوق الانسان

- ‎فيرأي
283
0

عمر أربيب

تُمارس الدولة حظرا عمليا وتقنيا عن الجمعية، شبيه بما مارسته منذ عام 1983 والى حدود مارس 1989.
وبذلك الممارس ايضا في حق الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ المؤتمر . المؤتمر 17 المنعقد سنة 1981.
ان التاريخ لا يعيد نفسه الا بشكل مشوه ، والعودة للحظر العملي في ظل الطفرة المعلوماتية وتسارع انتقال المعلومة وعدم القدرة على التحكم فيها وتوجيهها حسب رغبات المسؤولين، سيجعلهم غير قادرين على الاستيضاح والإقناع بممارساتهم الخرقاء ، عبر دفوعاتهم الشكلية وفي الجوهر بصحة مقاربتهم.سيستمرون في المراوغة او الصمت او التغليف المفضوح لانه ببساطة تعوزهم الحجة والسند القانونني.
كما انها ليست المرة الاولى التي تلجأ فيها الدولة الى ممارسة التضييق والخناق على الجمعية، فبعد إصدار الظهير المنظم للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان توجه المستشار السيد المعتصم الى مقر الجمعية المغربية لحقوق الانسان قصد حثها على الانخراط في المجلس، وبعد الرفض صرح السيد المعتصم به “Laisser mourir l’ Amdh “. وفي عهد حكومة السيد عبد الرحمان اليوسفي حاولت بعض الأجهزة دفع الحكومة الى حل الجمعية بع د توجيه رسالتها لوزير العدل والبرلمان للمطالبة بفتح تحقيق حول المشتبه فيهم بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان. واليوم تُعود الدولة عبر اساليبهاغير القانوني والمخالف لابسط قواعد الشرعية والمشروعية لنفس سلوكات الماضي، بدل الرد عن تقارير المنظمات الحقوقية والدولية، والتعاطي وفق منظور يستهدف تقويم اعوجاجات المسؤولين ووضع حد للانتهاكات حقوق الانسان والإنصات للمجتمع واحترام حقوقه الاساسية في الحرية، الكرامة ، العدالة ، المساواة والديمقراطية. فالواقع الحقوقي عنيد ولا يمكن حجبه بالمنع والحظر والتمادي في انتهاك ابسط الشرعة الدولية لحقوق الانسان، وليس بمثل هذه الأساليب يمكن ازاحة الحركة الحقوقية من المعادلة ، خاصة وانه حتى في اتساع دائرة بيكار المنع والحظر او حتى الحل والتفكيك فلا يمكن إطلاقا التستر وطمر الانتهاكات والاهتمام بها ،لان المواطنات والمواطنين تدفعهم الحركة والتسلط وعدم توفير ابسط الحقوق للاحتجاج واثارة مطالبهم، لقد اصبح الشأن الحقوقي مشاعا والاهتمام به معمّما ،وأول من يثيره المكوون بالانتهاكات والمقهورين والمقصرين والمهمشين والمقموعين، فحجب الشمس بالغربال غير ممكن والمنع والحصار لن يحل معطلة عدم احترام حقوق الانسان .

هذا الحظر تتجلى معالمه في منع المخيمات الحقوقية الموجة للدبابات واليافعين، تجميد العمل باتفاقية الشراكة المتعلقة بالتربية على حقوق الانسان في الوسط التعليمي، منع ما يقارب 110 نشاط بالقطاعات العمومية ضدا على قانون التجمعات، حرمان 60 فرعا من وصولات الإيداع النهائية ما بين رفض تسلم الملفات او تسلمها بدون إعطاء وصل كما ينص على ذلك. ظهير ١٩٥٨ كما تم تعديله وتتميمه ،او من خلال تسليم وصل مؤقت دون النهائي رغم انصرام الآجال القانونية مما يعد انتهاكا صريحا للحق في التنظيم وإجهازها على حرية تأسيس الجمعيات، وهذا ما ذهب اليه القضاء الاداري بالحكم ضد إلغاء قرارات السلطة لانها مشوبة بالشطط ومخالفة لاحكام القانون والمواثيق الدولية لحقوق الانسان ذات الصِّلة.
كما عملت السلطات على توجيه اعتذارات للجمعية كمحاولة لنزع صفة المنفعة العامة عنها ، وفي تطور غير مسبوق اقتحمت القوات العمومية المقر المركزي للجمعية واعتقال صحفيين فرنسيين وطردها خارج التراب الوطني.
كما يرفض العديد من المسؤولين الحكوميين التجاوب مع مبادرات الجمعية والداعية لعقد لقاءات .
شن هجوم إعلامي غير مسبوق مليئ بالمغالطات والادعاءات الزائفة التي تحاول اثارة الرأي العام ضد الجمعية، والتأثير على عملها وثنيها عن القيام بمهامها في مجال حماية حقوق الانسان والنهوض بها.
اما هذا الهجوم الذي يؤكد ان وضعية حقوق الانسان هشة و، وان ما تحقق من انفراج وتقدم لا يشكل سوى هامشا يمكن الارتداد عليه، قامت الجمعية بالرد حسب امكانياتها وما تخوله لها القوانين الدولية والوطنية والاليات المعتمدة بذلك وذلكم :
التوجه للقضاء ضد الشطط وعدم احترام القانون، وقد تمكنت الجمعية من ربح عدة دعاوى سواء في مجال الحرمان من الحق في التجمع او الحق في التنظيم.
التوجه للاليات الدولية لحقوق الانسان سواء المقررين الأمميين الخاصين أساسا بالحق في التنظيم، حرية تأسي الجمعيات، حرية التعبير ، حماية النشطاء الحقوقيين. كما توجهت الجمعية للمجلس الدولي لحقوق الانسان الذي يعتبر المغرب عضوا فيه وايضاً للمفوضية السامية لحقوق الانسان. وقد أثمرت تحركاتنا تدخلا لهذه الاليات .
التواصل مع جل المنظمات والشبكات الدولية العاملة في مجال حقوق الانسان والتي ابدت تضمنا مع الحركة الحقوقية الوطنية وخاصة مع الجمعية
عقد لقاءات مع المكونات الحقوقية الوطنية والعديد من الهيئات السياسية والنقابة الوطنية والتي عبرت عن دعمها للجمعية واعتبرت ما يصدر عن المسؤولين عملا منافيا لحقوق الانسان وانتهاكا صارخا لالتزامات الدولة .
كل تحركات الجمعية الممتدة منذ يوليوس 2014 وان حشدت الدعم المحلي والدولي للحركة الحقوقية فإنها لم تجد اي اثر لدى المسؤولين، بل سجلت الجمعية تصلب الجهات التي تستهدف وجود الجمعية واجتثاثها واقتلاعها بعد 37 سنة من خدمة قضايا حقوق الانسان، فالدولة تعي جيدا الدور الهام للجمعية في مساندة ومؤازرة ضحايا الانتهاكات على طول خارطة الوطن، وتعرف ان الجمعية العين الراصدة والمراقبة حتى في مناطق نائية، والدولة تعرف ان للجمعية مصداقية لدى الهيئات والمنظمات الدولية نظرا لاحترافيتها واعتمادها على الوقائع والاحداث والتؤكد من المعطيات، كما ان الدولة تعي انه لا يمكن الحديث عن حقوق الانسان والعاملين في المجال دون ذكر الجمعية المغربية لحقوق الانسان هذا الجسم الغير مرغوب فيه من طرفها.
اذان كانت الجمعية نالت القسط الوافر من المنع والتضييق والحصار الممنهج فان باقي المكونات الحقوقية وبعض القوى الديمقراطية وصلتها يد المنع ، مما يدل على ان الدولة ماضية في التراجع عن المكتسبات
لقد وصلت الدولة بحصرها للجمعية الى درجة تراجعه مؤسساتها عن التزامات بعض المسؤولين والترخيص باستعمال فضاءات عمومية كمسرح محمد الخامس ومركز الشباب ببوزنيقة لتنظيم المؤتمر 11 للجمعية ، ويبدو ان جهات معينة تضغط بقوة وبكل الوسائل لحرمان الجمعية المغربية لحقوق الانسان من عقد موؤتمرها 11 .
الحظر العملي قائم والحظر التقني مستمر ، ومنع المؤتمر من الانعقاد في فضاء عمومي ساري المفعول، كل هذا يتم دون اي مسوغات او مبررات قانونية. انها الانتهاكات الكاشفة لشعارات دولة القانون، انها ممارسات تعكس عدم قدرة الدولة على تبرير سلوكياتها واعتماد بالاعتماد على التعليمات بدل اللجوء والاحتكام للقانون.
متؤكد انه غدا ستثور الدولة ويصرح الناطق الرسمي باسم الحكومة ومعه وزير العدل والحريات والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان ،بعد صدور تقارير لمنظمات وهيئات دولية او وطنية تقف وتفضح هذ للانتهاكات الخرقاء للقانون الدولي والوطني ، أقول سيصرحون وبأعلى صوت بان تلك التقارير غير منصفة وفيها تجني على الدولة وغيرها من عبارات التباكي، التي لا تزيد الا من تعميق التراجعات ومن حجم الانتقادات الموجة للدولة، التي عليها الكف عن الانتهاكات واحترام التزاماتها وتعهداتنا الدولية في مجال حقوق الانسان.
بعد سبعة وثلاثون سنة من الوجود الفعلي للجمعية بفضل وضوح مرجعيتها الحقوقية القائمة على كونية وشمولية حقوق الانسان، وما راكمته نضالات الشعب المغربي من تضحيات من اجل المجتمع الديمقراطي وسيادة حقوق الانسان .
وبعد تجاوز مراحل القمع الشرس وعواصف الاقتلاع وتكذيب مقولة السيد محمدالمعتصم ، والعزل عن محيطها وركنا في الزاوية الضيقة للانقضاض عليها. هل بعد كل هذه الممارسات التي تجاوزتها الجمعية بفضل مصداقيتها واحتضانها من طرف ضحايا الانتهاكات والقوى الديمقراطية الحقيقة بالداخل والخارج
هل تتجه الدولة لوئد Amdh ؟

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت