أصدرت مؤخرا وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بلاغا صحفيا حول حركة انتقالات وتعيينات واسعة في صفوف النائبات والنواب الإقليميين بقطاع التربية الوطنية، والذي تضمن مغالطات مفضوحة مدعاة للسخرية حسب كثير من المتتبعين المطلعين على خبايا و ما وراء ستار هذه العملية.
وتحصلنا على توضيحات من مسؤولين إداريين تربويين سبق لهم أن عايشوا إخراج سيناريوهات لعمليات مشابهة لانتقاء مدبرين مركزيين أو جهويين أو إقليميين ، مفادها أن ما دبج به البلاغ المشار إليه سلفا من قبيل :
الأخذ بعين الاعتبار عامل المردودية وحسن التدبير والاقدمية في المنصب ،عار تماما من الصحة ،و المصالح المركزية للوزارة لا تتوفر على أي تقرير يثبت ذلك بالنسبة للعديد من المترشحين ،كما أنه لم يسبق لهذه الأخيرة أن قامت بتقييم الأداء الإداري التربوي أو افتحاص لهؤلاء باستثناء النقطة العددية الخاصة بالترقية في الدرجة أو الرتبة التي من اختصاص الرؤساء المباشرين الذين معظمهم ذيلوا طلبات الترشيح بملاحظات تنوه بمجهودات وعمل المترشحين، وتؤكد على أهليتهم لهذه المهمة.
تفعيل المساطر القانونية والتنظيمية للتعيين في مناصب المسؤولية ، في حين أن العكس الذي حصل ،حيث تم خرق سافر لما جاء في المواد 7 ، 9 ، و10 من المرسوم رقم 2.11.681 الصادر بتاريخ 25 نونبر 2011 .
عدم اقتراح أي مترشح لشغل ستة(6) مناصب المتبقية ،وذلك لعدم توفر المترشحين لهذه المناصب على المؤهلات التي تتناسب مع طبيعتها وخصوصيتها ،فهل تفضلت وزارتنا الموقرة وأفصحت للرأي العام عن هذه الطبيعة والخصوصيات من باب الحق في الحصول على المعلومة كما ينص على ذلك دستور 2011 ؟ فمن المفروض أن كل منصب من بين هذه المناصب (6) ،اقترح إليها ثلاثة (3 ) مترشحين مرتبين ، بالإضافة إلى أن هناك من المترشيحن الذي رتب هذه المناصب من الرتبة (2) إلى (5).
إعمال مبادئ تكافؤ الفرص والشفافية في إسناد المناصب ، مرة أخرى أغلقت الوزارة الباب أمام هذه الفرصة ، حيث أنه لا يقبل بتاتا أن تكون لجنة من أربعين (40) عضوا ، وتنتقي مترشحين تم إعفاؤهم من مناصب المسؤولية، و قد حررت في حقهم تقارير سوداء من طرف المفتشية العامة للوزارة تستوجب إحالتهم على القضاء ، بينما زملاؤهم ومن نفس الجهة تم إقصاؤهم ، علما أن إعفاؤهم كان بطلب منهم ،لتحفظهم على مقاربات تدبيرية لملفات شائكة تصد مداخل الإصلاح التربوي ،بالإضافة إلى تعدد اللجان التي أشرفت على هذه العملية “المهزلة” ، والتي انطلقت بلجنة من أربعين (عضوا ) ( لجنة لدراسة الترشيحات والانتقاء الأولي ، لجن للمقابلة الانتقائية ، لجنة لترتيب المترشحين الأولين ، لجنة للتشطيب على المغضوب عليهم ، لجنة …… ).
إعمال مبدأ الاستحقاق ( السيرة الذاتية ، المشروع الشخصي ، الأخذ بعين المقابلة مع اللجنة )، و إن أخذنا بهذا المبدأ على علته ، و الذي يشكل أحد السياسات المحاسبية الهامة ، وقد تم إسقاطه على العمل الإداري التربوي ، فهناك من له سيرة ذاتية جد موفقة على الكثير ، بما فيهم أعضاء اللجنة المذكورة ، وتم إقصاؤه منذ البداية ،نفس الأمر بالنسبة للمشروع الشخصي . أما المقابلة مع اللجنة ، فيكفي الإشارة
إلى مترشحين أجريت لهم المقابلة مع لجن من بين أعضاءها من تربطهم بهم علاقات وطيدة.
إعمال مبدأ النزاهة والشفافية ( المسار الإداري والمهني )، هنا مرة أخرى “حق أريد به باطل” ، ولا يسعنا إلا نذكر أن مهام كثيرة سابقة لمترشحين تقارب عشرة مهام ( محلية ، إقليمية ، جهوية ) ،تم إقصاؤهم ، في حين تم انتقاء من استفاد من توظيف مباشر كأستاذ ، تم مدير مؤسسة تعليمية مباشرة ، فأي مسار إداري ومهني هذا ؟
من جهة أخرى ،أن ما مفاده أن الوزارة تلقت تقارير سيئة من قبل وزارة الداخلية عن العديد من المشطب عليهم ،ما العلم أنهم يتوفرون على جل المواصفات لشغل منصب نائب إقليمي ، غير مؤسس دستوريا و لا قانونيا ، حيث أن من له تقريرا سيئا لا يحق له أن يكون موظفا حكوميا عاديا، وبالأحرى أن يشغل منصب المسؤولية . مع الإشارة أننا نعلم جيدا أن العديد من رجال السلطة الترابية يتدخلون لمآرب غير مشروعة، (صفقة، تعيين، انتقال، تكليف، و…)، والحال أن هناك نواب إقليميون من بين اثنان وعشرين (22) المعفيين من المنصب الذين لم يسجل عليهم أي تقصير في تدبيرهم للشأن التربوي الإقليمي ،سوى أنهم قالوا لا للتدخل غير القانوني للمسؤول الأول عن الادراة الترابية عن الإقليم .
وفي السياق ذاته وجب التأكيد على أنه مازال القطاع أسيرا للصراع بين استبداد بعض المسؤولين على القطاع والواقع المأساوي لهذا الأخير، كما يعمل البعض من نساء ورجال التربية والتكوين على الخروج من عنق الزجاجة والقيام بدورهم ليؤسسوا لقطاع بعيد عن مقص الزبونية والمحسوبية الذي لا ينصف أبدا .
وعكس ما يتم الإعلان له، فقطاعنا لا يملك الشروط الضرورية لتنزيل الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015 -2030، وحلقة هامة وضرورية ما زالت مفقودة ومغيبة لاكتمال دائرة شروط الإصلاح.
العربي بن المعلم