الموارد المائية بالمغرب موضوع كتاب في الجغرافيا الطبيعية

الموارد المائية بالمغرب موضوع كتاب في الجغرافيا الطبيعية

- ‎فيآخر ساعة
2778
0

عبد الرحيم الضاقية

تعززت المكتبة الجغرافية الوطنية بكتاب قيم أصدره الباحث د. ادريس الحافيظ خلال هذه السنة ويطرح الكتاب الذي اختار له الباحث عنوان”الموارد المائية بالمغرب، الإمكانات والتدبير والتحديات” إشكالية التوزيع الجغرافي للموارد المائية بالمغرب، وتحديد الإمكانات المائية المتاحة حسب الأحواض المائية والجهات ويعرض لتأثير التغايرية التي يعرفها مناخ المغرب على الحصيلة المائية السنوية. ويناقش مسألة تدبير قطاع الماء بالمغرب، ودور مختلف المتدخلين في تثمين التراث المائي ويعمل على تحديد مختلف التحديات والإكراهات التي تساهم في تراجع المخزون المائي الذي يعول عليه في المشاريع الاقتصادية وفي المخططات التنموية.
يتوفر المغرب الذي يقع ضمن المجال المتوسطي على موارد مائية مهمة، ويوجد في وضعية مريحة مقارنة ببعض الدول العربية الأخرى، لكن مياهه غير كافية، وتتوزع بشكل غير متكافئ بين مختلف الجهات والأحواض المائية داخل المملكة. ويعتبر الماء في المغرب محورا أساسيا في عمليات التنمية والأنشطة الاقتصادية رهينة به حيث تتعدد استعمالات الماء في الفلاحة لأجل تحقيق الأمن الغذائي، ويستهلك هذا القطاع أزيد من 80% من حجم الموارد المائية الوطنية والكميات المتبقية تستغل في الأنشطة الصناعية والسياحية والاستعمالات المنزلية. ويزداد الضغط على الموارد المائية، ويعود الطلب المتزايد إلى النمو الديمغرافي التي تعرفه المملكة، وإلى النمو الاقتصادي والتطور الحضري الواسع الذي ينجم عنه الزيادة في إنجاز المنشآت السكنية وكذلك إلى ارتفاع المستوى المعيشي للفرد والذي يتطلب استهلاك أوسع للماء. وتقدر مجموع الموارد المائية السطحية والباطنية بحوالي 22 مليار متر مكعب منها 18% مياه باطنية و82% مياه سطحية.
يتزايد الطلب على الماء في المغرب بوثيرة سريعة بسب النمو الديموغرافي، والتوسع الحضري، والتحسين المستمر لمستوى عيش الساكنة، ولحاجة هذا المورد الحيوي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وينتظر أن يبلغ الطلب على الماء 16,2 مليار متر مكعب في أفق 2030، وسيصل العجز المائي مستقبلا إلى 5 مليارات من الأمتار المكعبة. وتفرض هذه الوضعية ضرورة ترشيد استعمال الماء في وسط يتميز بتردد حالات الجفاف، ويستوجب الحكامة الجيدة في تدبير هذا القطاع على الصعيد الوطني والمحلي، بالنظر لما يشكله الخصاص المائي من اكراهات اجتماعية واقتصادية، وقد يساهم في خلق اضطرابات اجتماعية في المناطق التي تعاني من ندرة الماء.
ويتحكم في وضعية الموارد المائية بالمغرب عنصر المناخ، ففي المناطق التي يسود بها المناخ المتوسطي تعرف تساقطات مطرية مهمة وجريان مائي منتظم نسبيا لأودية تنحدر من الأطلسين المتوسط والكبير والريف، بينما المناطق التي تخضع لمناخ صحراوي تقل بها التساقطات المطرية عن 150 ملم، وبالتالي يسجل بها عجز مائي كبير. ويتميز مناخ المغرب بعدم انتظام التساقطات المطرية في الزمان حيث تعاقب لسنوات جافة وأخرى رطبة مما يجعل الاختلاف والتباين في الحصيلة المائية من سنة لأخرى.
يواجه المغرب، مثل العديد من الدول النامية، تحديات كبيرة في إدارة واستخدام موارده المائية بصورة أكثر استدامة، وعمل المغرب منذ استقلاله سنة 1956 على وضع استراتيجيات وطنية ومخططات لتدبير أحسن لموارده المائية، ومواجهة التغيرات المناخية وانعكاسها على حجم التساقطات المطرية، والقيام بعدة بإصلاحات مؤسساتية وتقنية في قطاع الماء. وفرضت تحديات تقلص المخزون المائي على المستوى الوطني بفعل توالي سنوات الجفاف، وتزايد الطلب على الماء بفعل النمو الديمغرافي، وتراجع جودة الموارد المائية بفعل التلوث، وضع مخططات واستراتيجيات للحكومات المتعاقبة قصد الحفاظ على الموارد المائية وحمايتها، عن طريق سن تشريعات ووضع أجهزة تنظيمية وتقنية مناسبة لتحقيق تدبير أفضل للموارد المائية.
ويمكن اعتبار سنة 1967 الانطلاقة الحقيقية للسياسة المائية بالمغرب عقب خطاب أرفود الذي أعلن خلاله الملك الراحل الحسن الثاني عن انطلاق سياسة بناء السدود لسقي المليون هكتار في أفق سنة 2000. ودعم هذا التوجه المخطط الخماسي 1968-1972 الذي ركز على بناء السدود والقيام بالتجهيز الهيدروفلاحي للأراضي الزراعية. ويعتبر المغرب من البلدان التي راكمت تجارب مهمة في مجال السياسة المائية، من حيث تعبئة موارده المائية، عبر تبني سياسة إنشاء السدود والتجهيز الهيدروفلاحي لسقي أزيد من 1,5 مليون هكتار. ووضع مخططات إستراتيجية وطنية للتدبير المندمج لموارده المائية على المدى المتوسط والبعيد.
ويقوم المغرب بجهود جبارة لتعميم التزويد بالماء الصالح للشرب على ساكنة الأحياء الهامشية، وفي المجالات شبه الحضرية وفي المناطق الريفية من خلال برنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب الذي انطلق سنة 1995. وستتفاقم إشكالية الخصاص المائي في السنوات المقبلة بفعل زيادة الطلب على الماء الناتج عن النمو السكاني والحاجة لاستعمالاته في القطاعات الإنتاجية. وسيصل العجز المائي حسب المخطط الوطني للماء (2009) إلى 5 مليار متر مكعب في أفق 2030. وتفرض هذه الوضعية ضرورة تعبئة موارد مائية جديدة بعضها غير تقليدية كتحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العديمة في سقي المجالات الخضراء في المدن والمساحات الزراعية خارج المدارات الحضرية وترشيد استعمال الماء والتحسيس بأهميته ودوره في التنمية المستدامة.ومن الجدير بالإشارة أن الكتاب يتألف من 18 فصلا ويقع في 448 صفحة ويضم 132 جدولا و180 شكلا و38صورة . أما المؤلف فهو أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي لكهن التربية والتكوين بوجدة ، له عدة إسهامات أكاديمية جامعية في عدة ملتقيات وطنية ودولية ، وشارك في ندوات علمية حول الماء وتدبير المخاطر البيئية .

‎تعليق واحد

  1. ذ.ع.الغني لزرك

    جميل جدا..أتمنى أن يلقى هذا المنتوج إقبالا..ومزيدا من العطاء والتألق..مع خالص مودتي وتقديري

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت