موقع دويتشه فيله
يخيّل للبعض أن الجنس في الغرب سلعة سهلة يمكن الحصول عليها في الشارع لا بل مع مئات الشركاء بسهولة.
صحيفة الغارديان طرحت سؤالا حول عدد شركاء الجنس فكانت الإجابات مثيرة، وأثبتت أن ممارسة الجنس تحكمها عوامل كثيرة. هناك حكم مسبق مفاده أن الغربيين يمارسون الجنس مع العشرات، بل المئات خلال حياتهم دون أي قيود أو حدود. هذا الحكم مبني على اعتبار أن الحصول على شريك في الفراش أمر سهل في هذه المجتمعات، وكأنه ما على المرء إلا الخروج إلى الشارع واصطياد امرأة، أو العكس أيضا. أنه حكم مسبق غير دقيق إطلاقا، فثقافة الجنس تحكمها عوامل كثيرة.
صحيفة الغارديان البريطانية طرحت سؤالا على موقعها الالكتروني تقول فيه: كم عدد الأشخاص الذين مارست الجنس معهم؟. الأجوبة جاءت مختلفة وغير متوقعة أحيانا. سيدة في الثمانين من العمر تدعى جاين، كتبت تقول “جدتي كانت من العصر الفيكتوري، كانت ممارسة الجنس بالنسبة لها، أمر يبعث على الألم أكثر مما يبعث على المتعة”. وحين جاءت جاين إلى لندن منتصف خمسينات القرن الماضي تقول إنها بدأت تكتشف الحياة. تقول إنها لم تكن تذهب بعيدا في العلاقات مع الرجال، لم تكن تخطو الخطوة الأخيرة، فالأمر كان خطيرا بالنسبة لثقافة الشباب في ذلك الحين. كما أنه خطير بالنسبة للنساء بالذات. فعدم توفر وسائل منع الحمل حينها، كان أمرا يدفع الفتيات إلى الرعب من حدوث حمل، وهذا يعني، كما تقول جاين عن جيلها، دمار كامل بالنسبة للفتاة.
جاين تزوجت في الرابعة والعشرين من عمرها، ومارست الجنس مع ثلاثة رجال فقط خلال حياتها أحدهم زوجها. لعل جيل جاين مختلف عن الأجيال اللاحقة. فبعد توفر وسائل منع الحمل ووسائل الوقاية من الأمراض المنتقلة عن طريق ممارسة الجنس أصبح الأمر أسهل بالنسبة للأجيال الجديدة. بيد أن للأمر أبعاد أخرى لا تنحصر بطرق منع الحمل فقط. فهناك أبعاد شخصية، ففهم الجنس أمر شخصي جدا، كما يقول علماء النفس، ولا يمكن تعميمه على الإطلاق.
فصحيح أن الحديث عن الجنس أمر متاح للجميع وممارسته أو البحث عن شريك أو شريكة أمر لا يعاقب عليه القانون على شرط موافقة الطرفين – مع التذكير أن القوانين في أوروبا تعاقب على ممارسة الجنس مع أشخاص لم يبلغوا السن القانونية – لكن الأمر لا يعتمد على العدد، بل نوعية الجنس، كما تقول هاتي. هاتي في الأربعين من العمر، تقول إن الأمر ليس ماراثون أو سباق على عدد الشركاء بل هو ذوق. هاتي التي مارست الجنس مع عدد من الرجال يتراوح بين 10 إلى 20 رجلا تشرح أكثر قائلة إن خبرتها في سن المراهقة لم تكن أمرا مميزا وأن فهمها ووصولها لحالة النشوة (الأورجازم) تطور مع مرور الزمن. فهي تفهم الآن أن الجنس بالنسبة لها ليس رقما بل نوعية تعتمد على الشريك نفسه.
الرقم التالي مخيف، ساره البالغة من العمر 57 عاما مارست الجنس مع أكثر من ألف شخص، كما قالت. لكن هل هذا أمر طبيعي؟. سارة مرت منذ طفولتها بمشاكل نفسية، بعد فقدانها لعذريتها وهي في سن صغيرة . تقول سارة إن الأمر كان بالنسبة لها إدمان، لم أكن اعرف من أنا وماذا أريد وكنت أحاول اكتشاف نفسي من خلال ممارسة الجنس. سارة مرت بظروف نفسية عصيبة دفعت بها للتوجه لمعالج نفسي. أما تيري (67 عاما) فإنه تزوج في الأربعين. تيري لم تكن له خبرة حتى اليوم سوى مع زوجته التي يعرفها.
انجيلا (61 عاما) تقول نفس الشيء، فهي لم تعرف رجلا في حياتها سوى زوجها الذي ارتبطت به في الثامنة والثلاثين من العمر. أمثلة طبيعية ربما في ثقافات محافظة أخرى كالثقافة العربية، لكن الأرقام الأخرى السابقة حاضرة أيضا في مثل هذه المجتمعات أيضا. فالأمر لا يعتمد إذن على الثقافة نفسها بل على الشخص وما يريد بالضبط.