الوردي يليق بكم : عن اليسار نتحدث

الوردي يليق بكم : عن اليسار نتحدث

- ‎فيرأي
359
0

هشام بوطيب

اعتاد العرب في أمثالهم الخالدة أن يقولوا أن العودة إلى الأصل فضيلة، ولعل واقع حال من يسمي نفسه يسارا في المغرب يجعلنا نستحضر هذه الحكمة العربية “الجاهلية” بقوة هذه الأيام. اليسار بمعنى الفكر الماركسي الاشتراكي و في قمة المعنى اليسار هو الفكر الشيوعي. عدا أن المغرب الذي عودنا أن يتصف بالخصوصية حتى صارت عادة لديه، أعطانا يسارا أقل ما يقال عنه أنه استثناء يساري في العالم … يسار بمواقف مختلفة عن اليسار نفسه، وتصورات بعيدة عن الفكر الاشتراكي ذاته، وبينه وبين الشيوعية تلك المسافة التي تفصل بين الأرض وكيبلر رغم تشابه الأخيرين إلى درجة التماهي . يسار المغرب لبس كل ألوان الفكر، و ارتدى كافة أزياء السياسة، حتى غدونا معه حيارى كلما تسربل في لون ما .. تارة يصم آذاننا بزعيق شعاراته الثورية حتى خلناه يرتدي الأحمر، وحينا آخر فاجأنا بسلمية تظاهراته حتى حسبناه لبس بياضا، وغير بعيد جدا ألفيناه يخطب علينا بمزيج من الراديكالية والاستكان؛ فلم نجد بدا من أن نعتبره اختار زرقة الأفق لونا سياسيا له . حيرنا يسار المغرب، واحتار هو في اختياراته ومواقفه . فيوما يخرج علينا قادته يدعوننا للعصيان، ومرة ينادون فينا بتحكيم العقل والسباحة مع التيار.
حينما تقصف فلسطين يخرج اليساريون أحمرهم وأبيضهم وأزرقهم وحتى أخضرهم إن وجد ليذكرونا أن فلسطين قضيتنا الوطنية، وأن ثوريتهم ومبادئهم الاشتراكية تدفعهم للدفاع عن أطفال الحجارة … وعندما فجرت تشارلي ابيدو تحولوا كلهم بقدرة قادر لارتداء اللون الوردي ـ الوردي لون الفلانتين ـ كلون سياسي جديد قديم يفضحوا حقيقتهم، الوردي هو نفسه اللون الذي ستكتسيه مواقفهم في حادثة انزكان وفي خضم فلم سينمائي بين ما لا نهاية من الأقواس كان اسمه زين لي فيك . وفي خضم الأحداث الدراماتيكية التي يعيشها يسار المغرب، جاءت قضية اعتراف السويد بحق الصحراء في الاستقلال، قضية وضعت اليسار الوردي بين مطرقة موقف يردده ولا يستطيع تفعيله أو الدفاع عنه، وبين سندان أطروحة لدى الدولة المغربية تجعل من يخرج عنها خائنا للمغرب . في قضية الصحراء والسويد والأمم المتحدة ويسارية فكر اشتراكي يلبسه كل من أراد تقمص دور الوطني، وقع يسار المغرب الوردي في ورطة ما لها مخرج، يسار ظل سنينا يرفض المشاركة في اللعبة السياسية الرسمية، ودخلها من أضيق أبوابها، يسار سجل وقوفه مع المعارضة حينما اعتبر نفسه أحد قادة الحراك الفبرايري بالمغرب، يسار تاه فلم يعد يعرف أهو ليبرالي الممارسة أم ماركسي النظرية. غير أن كل شيء يفهم حينما يلقي المرء نظرة عن أعضاء وفد المغرب لاقناع السويد عن التراجع عن موقفها الداعم للبوليزاريو .. تظهر الأمور كلها بوضوح، الاتحاد الاشتراكي أصبح ليبراليا منذ توليه رئاسة حكومة التناوب، والتقدم والاشتراكية تحول للبرالية منذ الثمانينات، والاشتراكي الموحد والطليعة أصباح ليبراليان منذ دخولهما المعترك السياسي بحثا عن الوصول إلى رئاسة الحكومة. هنا تتجلى الرؤية للكل، يسارنا الراديكالي في ما مضى أصبح ليبراليا منذ زمن مضى، والأهم من كل هذا هو أن اليسار الوردي بالمغرب لم يكن يوما راديكاليا، وإنما كان يتحدث بخطاب الراديكالية، وشتان بين القول والفعل. عفوا يا قادة اليسار الوردي أيا كان الحزب، أنتم وأحزابكم لستم مطالبين بأن تكونوا ثوريين، يكفي أن تقول أنكم ليبراليون … وتيقنوا أن أحدا لن ينتقدكم لا سواء كنظرية أو كممارسة .. فقط تبنوا الوضوح في الخطابات .

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت