الحكاية 5 من السيرة الظاهرية: عقد شجرة الدر

الحكاية 5 من السيرة الظاهرية: عقد شجرة الدر

- ‎فيفن و ثقافة
254
0

 

 

د محمد فخر الدين

 

و كان لهذا العقد سبب عجيب بعد الصلاة على النبي الحبيب و ذلك ان الخليفة المقتدر بالله كان عديم الخلفة من ذرية البنات،و كان يفضلهن على الصبيان ثم انه في ليلة من الليالي بعد ان صلى ركعتين في جوف الليل .. سأل الله تعالى أن يعطيه خلفة من البنات ، فوهبه الله بنتا بديعة الجمال ،كأنها فلقة القمر و الضوء منه إذا انتشر، فسماها فاطمة الزهراء ،و كان يحبها حبا شديدا ما عليه من مزيد ، حتى أنه صنع لها حلة رائعة منسوجة كلها من الدر فاتخذت منه اسمها شجرة الدر و منحها عقدا من الدر النفيس.. و قد نشأت طيبة الخصال كريمة الأخلاق تحب الصدقة و فعل الخير ..

فحدث أنه في يوم من الأيام مر سائل من أهل الخير من تحت قصرها ، و يقول :

ـ يا أهل الخير ..جودوا على هذا الفقير و لو بقطمير..

فلما سمعت شجرة الدر كلام السائل ، نزعت عقد الدر من عنقها في الحال و رمته إليه دون سؤال ،فشكرها السائل غاية الشكر ، و دعا لها بكل الخير .

ثم إن السائل أخذ العقد ، و سار به إلى السوق و نادى عليه بين التجار ، فرآه جواهرجي السوق فتأمله فأعجبه و علم أنه غالي الثمن ، فسأل الرجل :

ـ من اين جئت بهذا العقد ؟

فقال له السائل :

ـ من بعض أهل الخير ..

فاشتراه منه بخمسمائة درهم فأخذها الرجل مسرورا ، و اما التاجر فقد سار و هو في منتهى الفرح بما حققه من بيع و شراء مشتهر و ما سيجنيه من يسار .. و حمله الجواهرجي الى دكانه و عرضه على الجمهور..

فلما راه المقتدر معلقا على باب الدكان علم في الحال انه عقد ابنته شجرة الدر، فسأل الجواهرجي عن مصدره فاخبره بالأمر و كيف اشتراه من السائل ، فقال المقتدر :

ـ ربما سقط من عنق ابنتي و عثر عليه السائل فاخده ..

فاشتراه من الجواهرجي بعشرة آلاف درهم ، ثم أنه سار حتى وصل إلى القصر و هو ممسك بالعقد في يده ، و نادى ابنته شجرة الدر ، فلما تقدمت بين يديه سألها عن مكان العقد ، فأ خبرته انه في خزنتها في مكانه لم يتغير ..

ثم إنها أسرعت إلى جناحها وهي في غاية الخوف و الخجل من أبيها ، أن يغضب من فعلها ، ثم إنها فتحت خزنتها فإذا برجل خرج لها من المكان و هو يقول :

ـ يا كريم يا منان ياكريم يا منان يا رافع الأحزان ..

فخافت منه خوفا شديدا و ارتعبت لكنها استجمعت جأشها و سألته :

ـ من تكون و كيف وصلت إلى هذا المكان و هل انت من الإنس أو من الجان ..

فقال لها :

أنا السائل الفقير إلى الله ، الذي وهبته اليوم عقد الجوهر ، فلا تخافي و لا تحزني وافتحي خزنتك ترين العجب ، و لا تنسي أن تتمني على أبيك أن يهبك ارض مصر ..

فشكرته كل الشكر ووعدته بأنها ستتمنى على أبيها أرض مصر ، ثم إن السائل ودعها و انصرف الى حاله ..

ثم إن فاطمة شجرة الدر فتحت الربعة التي في الخزنة فوجدت العقد هناك و كأنه لم يتحرك من مكانه ، فتعجبت غاية العجب ، و أدركت أن الرجل صاحب كرامات ، فصارت في غاية الطرب ، ثم إنها أخذت العقد ولبسته ووضعته في جيدها فأضاء سناه ، و خرجت إلى أبيها في الحال ، فلما رآها و العقد في عنقها … بحث عن الذي كان في يده فلم يجد شيئا ، فوقف مشدوها بعض الوقت لا يدري ما سيقول و كيف اخد العقد من يده او سرق دون ان يفطن او يشعر بشيئ ..

ثم ظن أن ما وقع هو من فعل السحر ، و ان ابنته تمارس الشعوذة و فعل الدجل ، فغضب غضبا شديدا و صاح بها أن تخبره الحقيقة دون وجل ، فأخبرته ما كان من أمر العقد من البداية الى النهاية ، و عن حكاية السائل و كيف سلمها العقد بعد ان اعاده الى خزنتها .. ..

فتعجب المقتدر غاية العجب من أخلاق ابنته و خصالها ، واعتذر لها عن سوء الظن ، و طلب منها أن تتمنى عليه أي شيئ تتمنى و تريد ، فقالت شجرة الدر :

ـ أرض مصر المحروسة تكون لي و باسمي..

فلما سمع الخليفة مقالها أجابها إلى مرادها تم أنه كتب حجة بذلك من وقته و ساعته …

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت