إن القراءة الأولية لنتائج الغرف المهنية حسب النتائج المعلن عليها من طرف وزارة الداخلية تؤشر على أن الانتخابات المقبلة بما فيها الجماعية و الجهوية لن تحيد على الترتيب التي عرفته هذه الإنتخابات، فالمقارنة مابين إنتخابات 2009 و 2015 تؤكد على أن هناك تقدم لحزب العدالة و التنمية على مستوى النتائج رغم تبوئه المرتبة السادسة بحصوله على 172 مقعدا عضو 81 في الإنتخابات الأخيرة برسم سنة 2009,
فصعود الإسلاميين في سبورة المقاعد لم يكن له تأثير على مستوى النتائج لكون حزب الأصالة و المعاصرة حافظ على المرتبة الأولى بحصوله على 345 مقعدا عوض 392 في سنة 2009 و هذا مؤشر أخر على أن هذا الحزب سيكون له السبق في الإنتخابات المقبلة و سيتصدر المراتب الأولى.
إن المنطق الانتخابي قد احترم في المراتب الثلاثة الأولى رغم تراجع كل من حزب الاستقلال ب 57 مقعدا عن 2009 حيث حصل هذا الأخير على 322 هذه السنة واحتل رتبته الثانية كما كان في السابق.
و لقد حل حزب الحمامة ثالثا ب 286 مقعدا عوض 331 برسم سنة 2009 كما سجل حزب الحركة الشعبية الرتبة الرابعة بحصوله على 182 مقعدا.
فالصف السادس كما ذكرت في البداية هو لحزب العدالة و التنمية الذي تقدم عن الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية حيث احتل هذا الأخير الرتبة الرابعة ب 275 في سنة 2009 عوض 163 برسم سنة 2015 فاقدا حصة كبيرة من المقاعد” 112″ لصالح الأحزاب الأخرى.
و يظهر جليا بأن الأحزاب الممثلة في الحكومة قد استفادت من تموقعها في الجهاز التنفيذي حيث حصل حزب التقدم و الإشتراكية على 100 مقعدا بفارق 41 مقعد عن نتائج 2009.
ومن خلال هذه النتائج يتضح جيدا بأن المسار الإنتخابي للغرف المهنية يؤشر على أن الإنتخابات الجماعية و الجهوية لن تعرف تغييرا مهما في المراتب رغم أن هناك منطق مغاير و أن دائرة التنافس سيكون كبيرا مابين الأحزاب التي منها من يعتمد على المال كعصب أساسي في هذه المحطات.
و من هنا يجب أن نتحدث عن الواقع الحقيقي للسياسة بالمغرب التي لابد أن نربطها بمجموع من العوامل تأتي في مقدمتها عدم وضوح الرؤيا السياسية لكون إنتظارات المواطنين كبيرة جدا و لا سيما وأن ثلة المغاربة يعيشون في الفقركما أن الإنتخابات تعرف منطق آخر غير الذي يبني عليه جل الأحزاب إيديولوجيتهم، فإذا رجعنا إلى هذا المنطق فإننا سنكتشف بأن الواقع في واد و أغلب المرشحين في واد أخر همهم الواحد هو المرور إلى المجالس أو القبة.
و لقد كانت الأمثلة واضحة حينما يتقدم بعض الوجوه البارزة في السياسة و منهم امناء أحزاب يسارية و يحصلون على أصوات ضعيفة و شهدنا هذا في انتخابات 2009 و 2011.
و على ذكر الانتخابات الجماعية لسنة 2009 فإن ما يمكن قوله هو أن الأحزاب الثلاتة الأولى التي تموقعت في الإنتخابات المهنية لسنة 2015 هي نفسها التي حضيت بالمراتب الثلاتة الأولى ” حزب الجرار و حزب الميزان و حزب الحمامة” الأول ب 6015 مقعدا و الثاني ب 5992 مقعدا و الثالت ب 4112 مقعدا أما الحزب الأغلبي فلقد حافظ على ترتيبه أي المرتبة السادسة ب 1513 مقعدا مقارنة مع انتخابات الغرف المهنية ؛ وهذا يطرح سؤالا عريضا كيف أصبح حزب العدالة و التنمية في مدة سنتين أقوى حزب في البرلمان ب 107 مقعدا؟
في حين كان منطقيا أن يكون حزب الجرار هو الأكثر عدديا في مجلس النواب؛ و هل سيعاود حزب العدالة و التنمية الكرة بتموقعه في الإنتخابات التشريعية المقبلة؟
و من الممكن أن يرتفع رصيد حزب المصباح في الإنتخابات الجماعية و الجهوية بفضل تموقعه في مركز القرار و تمركزه في مواقع المسؤولية، كذلك هذا يسري على حزب التقدم و الإشتراكية الذي يتقدم من الناحية العددية.
أما منطق الأشياء فإن المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية المقبلة يجب أن يتبوئها حزب الجرار أما ان يراهن حزب العدالة و التنمية على المرتبة الأولى فهذا صعب جدا لكون مؤشرات المشهد السياسي الحالي تؤكد على أن هناك متغيرات سياسية و أن ورقة حزب العدالة قد استنفذت و أن واقع الحال يؤشر على أن الانتخابات المقبلة مقرونة بمدى قدرة الأحزاب على إختيار المرشحين الذين لهم نفوذ قوي في المجتمع و علاقات واسعة و إمكاينات مالية ضخمة لأن المعركة الإنتخابية في ظل نمط الإنتخابات الحالي و اتساع رقع الجماعات و الدوائر التشريعية تريد أحزابا قوية فعلا على المستوى اللوجيستيكي و البشري و هنا يطرح سؤال التنظيمات الموازية كالشبيبات الحزبية التي بدأ دورها يتقلص تدريجيا حيث كان من المفروض أن تتقوى و ان تستقطب الشباب إلى العمل السياسي و أن تلعب دور المحرك في الحملات الإنتخابية عوض ما تشهده الحملات من توظيف لشريحة من الشباب مقابل مقدار زهيد من المال.
فيا ترى من له القدرة على تأطير حملاته الإنتخابية اعتمادا على مناضليه فقط ؟
كما يجب التساؤل على من رشح من الأحزاب مرشحين من العيار الثقيل؟
من يستعمل الآليات غير المشروعة في حملاته الإنتخابية؟
كيف يمكن محاربة الفساد الإنتخابي و بأي وسيلة؟
هذه الأسئلة و غيرها ستجيب عليها في البداية الانتخابات الجماعية و الجهوية و إن كانت المؤشرات تدل على أن حزب الجرار سيحافظ على موقعه في الصف الأول و ربما قد تتدحرج بعض الأحزاب إلى الوراء تاركين حزب المصباح و التقدم و الإشتراكية التموقع احسن في المشهد الإنتخابي المحلي و الجهوي,
كما قد يصدق القول بأن المنطق الإنتخابي في الجماعات المحلية هو نفسه في انتخابات الغرف المهنية وليس نفسه في الانتخابات التشريعية و هذا يبتعد عن الصواب و منطق الانتخابات في شموليتها.
عبدالله علالي