التكوينات الخصوصية في مهن التربية: تجارة بالأحلام

التكوينات الخصوصية في مهن التربية: تجارة بالأحلام

- ‎فيرأي
268
0

 
ذ.عزيز بلمعلم
نبتت العديد من مراكز التكوين الخاصة في مهن التربية بمدينة مراكش، وتعرف إقبالا كبيرا من طرف المجازين وطلبة السنة الثالثة في مختلف التخصصات وبأسعار تتفاوت من هذا إلى المركز إلى ذاك، دون حسيب ولا رقيب، ودون احترام التخصص. ويهيمن على هذه المراكز مفتشو التعليم، منهم المتقاعدون ومنهم من مازال يمارس المهنة.
يرجع تكاثر هذه المراكز والإقبال عليها إلى اعتمادها من طرف الوزارة في السنة الماضية لإعفاء حامليها من الإنتقاء الأولي، خصوصا وأن النقطة تعوق الكثيرين عن اجتياز مباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، مما جعل تجار المعرفة يتاجرون هذه المرة بأحلام العاطلين في الحصول على وظيفة ويملأون جيوبهم رغم ضحالة ما يقدمونه وبعده عن متطلبات مهنة التدريس، ورغم أنه لا وجود لأي ضمانة لاعتماد هذه الدبلومات لإعفاء حامليها من مسطرة الإنتقاء الأولي هذه السنة على غرار السنة الماضية، بل هناك أنباء عن عدول الوزارة عليها، بعدما تعرضت لانتقادات واسعة، إذ اعتبرها الكثيرون ضربا لمبدأ تكافؤ الفرص، وأنها مجرد رشوة مقنعة، تدفع بطريقة ملتبسة لأناس كل همهم هو الربح ومراكمة الثروات على حساب الفقراء والمقهورين من خريجي الجامعات، والجميع يعلم من هم الفئات الذين يلجون جامعات الدولة، وأن ما تم تثبيته في التعليم الخصوصي المدرسي من امتصاص لدماء المعوزين، قد تم تمديده في اتجاه التعليم العالي والتوظيف، ليفتح الباب على مصراعيه أمام من ألفوا التجارة بحاجة الناس وخوفهم من المستقبل.
وقد عبر أحد أساتذة علوم التربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمراكش عن أسفه لما آلت إليه الأمور، معتبرا أن ما يتم تدريسه رديء جدا وبعيد كل البعد عن المعرفة الرصينة، وعن حاجيات معنيي التربية والتعليم، وأن معظم من يقدم تلك الدروس هم مفتشون اعتادوا تلك الأساليب الملتوية في الكسب ومراكمة الثروة، ومعظمهم بعيد كل البعد عن مستجدات التربية ولا علاقة له بالمراكز الجهوية وبمتطلباتها وما يدرس فيها، وأضاف قائلا: ” أصبت بالذهول حينما اطلعت على بعض الوثائق التي تقدم لطلبة تلك المراكز، حيث عمد صاحبها إلى جمع ما يكتب في المنتديات وفي مواقع إلكترونية غير معتمدة، ولم يكلف نفسه حتى عناء التصويب اللغوي، مما يهدد أولئك الطلبة بالإخفاق في المباراة، لأن حامل تلك المعارف لا يمكن أن يكون مدرسا، لكن المسئولية يتحملها الطالب ويتحملها أولئك التجار الذين يترامون على كل التخصصات، وتتحملها الوزارة التي ترخص لتلك المراكز دون مراقبة ولا محاسبة، رغم أن دفاتر التحملات تفرض عليهم عددا معينا من الساعات في المواد، والإعتماد على أطر متخصصة وذات كفاءة، وليس على كل من هب ودب”
أما أحد الناشطين النقابيين فقد قال: ” إن هناك صراعا خفيا بين أساتذة المراكز الجهوية وبين المفتشين، وسيكون المرشحون لاجتياز مباراة التعليم هم الضحية، فمن جهة يهيمن المفتشون على تلك التكوينات، ومن جهة أخرى فالمباريات تتكلف بها المراكز، ولأن أساتذة المراكز مقصيون من تلك التكوينات ولا يستفيدون مما تدره على أصحابها من المفتشين، فإنهم سيشددون الخناق في الإمتحانات الشفوية على حاملي دبلومات تلك المراكز الخاصة انتقاما من أصحابها. وزاد قائلا: “إن هذا الأمر منتظر إذا لم تلغ الوزارة اعتماد تلك الدبلومات، والنتيجة أنها ستكون وبالا على حامليها، فإن أعفتهم من الإنتقاء ستكون عائقا أمامهم في الإختبارات الشفوية بسبب الصراع الذي ذكرته، وقد عبر عدد من الأساتذة المكونين عن ذلك بطريقة أو بأخرى”.
وفي انتظار مذكرة الوزارة المنظمة لمباراة ولوج مهنة التربية والتعليم، تستمر المراكز الخاصة لمهن التربية في استنزاف جيوب المحتاجين، بمسميات مختلفة كدورة في البيداغوجيا وأخرى في كيفية اجتياز المباراة، ومن طرف أشخاص لا يشاركون في لجن المباريات ولا علاقة لهم بالتخصصات التي يقدمون فيها تلك التكوينات…

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت