اجتمع يوم الجمعة فاتح ماي 2015 بمدينة الرباط مجموعة من مناضلات ومناضلي الشبيبة الاتحادية من أجل نقاش مستقبلها والتداول في صيغ تجاوز واقعها المأزوم، وقد خلص الإجتماع إلى تأسيس ” مجموعة الوفاء للشبيبة الإتحادية ” كمجموعة داخلية قادرة على تعبئة الطاقات الشبيبية باختلاف مسؤولياتها التنظيمية من أجل المساهمة في إيجاد حلول لأزمة الشبيبة الإتحادية.
وهذا نص الأرضية التأسيسية ممهورا بتوقيعات أعضاها.
مجموعة الوفاء للشبيبة الاتحادية
لقد أصبح لزاما على كل من أراد المساهمة في تحليل الواقع السياسي المغربي اليوم أن ينطلق في تحليلاته من نواتج الدينامية الاجتماعية والسياسية والتي عرفت توهجا لافتا مع حركة 20 فبراير وما حملته من تطلعات جدّدت النفس التقدمي والديمقراطي بالبلاد و من آمال بهوامش مديدة سرعان ما تقلصت أمام توجهات الردّة والنكوص التي أصبح يعرفها المغرب اليوم وعلى جميع المستويات جرّاء تحالف واضح بين الاستبداد بنوعيه السياسي والديني ضد الديمقراطية وما يستتبعها من قيم ومن مبادئ.
هذا التحالف ضد الديمقراطية اليوم ما هو إلا استمرار وتجديد لصورته حينما كان موجها بشكل دامي ضد اليساريين الديمقراطيين في القرن الماضي ما يستوجب استمرارا في النضال ضدّ تمثلاته وبالتالي إستمرارا في النضال من أجل الديمقراطية ومن أجل تعميق وتجدير وترسيخ استراتيجية النضال الديمقراطي كمكسب سياسي حققته القوى الديمقراطية في البلاد ، وكل خطاب يحمل في طيّاته التصريح المطلق بانتهاء الورش الديمقراطي المغربي فهو إما خطاب قاصر في الفهم وعاجز عن التوصيف وإما خطاب انتهازي متواطئ متحالف مع خصوم الديمقراطية والتغيير.
فإن كانت الدينامية السياسية والاجتماعية التي عرفها المغرب على الأقل قد استطاعت فتح نقاش حول ضرورة اعتبار تحقيق التغيير رهين بتعديلات دستورية أسفرت عن دستور جديد حتى وإن تقدم عن سابقيه فهو لم يرقى لمنزلة الدساتير الديمقراطية الحقيقية فهي لم تستطع أن تتبلور كفكرة ملحّة على التغيير من داخل الأحزاب اليسارية الديمقراطية لكي تكون صمّاما وضامنا على تحصين المكتسبات في أفق دمقرطة الدولة، كل مؤسسات الدولة، وهذا واضح من خلال واقعها التنظيمي وانحصار إشعاعها وعدم قدرتها على إنتاج خطاب واقعي ليس بالمستسلم ولا بالطوباوي . وهذا ما يجعلها اليوم وأكثر من أي وقت مضى ملزمة على تجديد هياكلها وإعادة صياغة خطابها بشكل ينطلق من قراءة واقعية وموضوعية للواقع المغربي حتى تتميّز عن جوقة الرّاكبين على القضايا ورافعي شعارات التغيير زورا.
وهذا بالضبط ما هو مطروح على حزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والذي لعب منذ نشأته دور المدافع عن دمقرطة الدولة والمجتمع ، هذا الدور الذي لا يمكن إتقانه إلا مع حضور قناعة راسخة لدى مناضليه قواعدا وقيادات بأن كل مستفيد من الوضع اللاديمقراطي الحالي هو بالضرورة ضد أي توجه نحو الديمقراطية وأن التغيير لا مداخل عديدة له غير المدخل المجتمعي ووحده تأهيل المجتمع وتحديثه من يضمن رقيه وتقدمه ، وأن كل تأهيل وتحديث لقوانين ولمساطر و لمؤسسات الدولة في غياب مجتمع قادر على احتواء ما وجّه هذا التأهيل من قيم ومن مبادئ هو بالضرورة عمل مجانّي وخدمة لخصوم التغيير والديمقراطية.
هكذا فإن ربح معركة النضال من أجل الديمقراطية رهين بربح معركة تحديث المجتمع ودمقرطته ما يفرض علينا التواجد في كل جيب من جيوبه ولعل هذه القناعة ليست مرتبطة بشروط الظرفية السياسية الحالية فقط بل كانت مرتبطة دائما بالنضال من أجل الديمقراطية كفكرة وهذا ما يفسر عمل حزبنا في مراحل سابقة من تاريخه على خلق تنظيمات موازية عديدة بتعدد فئات المجتمع المغربي . تنظيمات كانت على رأسها الشبيبة الإتحادية كمنظمة تقدمية وطنية ناضلت إلى جانب الشبيبة المغربية كفضاء قادر على فهم انشغالاتها والتفكير معها ولأجلها في صلب اهتماماتها وكذراع حزبي حيوي مجند لخدمة مشروعه المجتمعي. الشبيبة الاتحادية و بالموازاة مع دورها كأداة للتواصل بين حزب القوات الشعبية ومستقبل البلاد المتمثل في أكبر فئة عمرية فيها جسدت منذ تأسيسها إطارا تقدميا له و شكلت مدرسة لتعبئته و تأطيره نقابيا وسياسيا وهذا ما كان يميّزها كإطار يفكر ويبادر وينتج، إطار افتقد لروح المبادرة والقدرة على التفكير بعدما كان يتميز بها، إطار غاب عنه الفعل لسنوات فأصبح تابعا ثم متتبعا اليوم بعد أن غاب عنه رد الفعل أيضا ، إطار أصبح قاصرا وعاجزا عن أداء وظائفه وبلوغ أهدافه التي أنشئ من أجلها، قاصر حتى على احتواء نقاشات مناضلاته ومناضليه، بعدما تخلى عنها – أي أدواره – كميزة ليحتفظ بكونه أداة تواصلية حزبية كصفة . ممّا يجعلنا ملزمين اليوم على تحديد المداخل الرئيسية القادرة على تأهيل منظمتنا من جديد، وذلك عبر وضع تصور مرحلي وهادف لإخراجها من أزمة أصبحت تهدد كيانها ووجودها كفكرة وكرأسمال نضالي مغربي. تصور يجب أن يجيب على كل الإشكالات السياسية والتنظيمية التي أثرت في مسارها وأدائها ولكن ليس بنوع من الحنين إلى الماضي وعن طريق توصيفات تتسم بالنوستالجيا ولكن بتشخيص سليم وموضوعي للواقع الشبيبي و المغربي وبمحاولة لتحيين ليس فقط أجوبتنا ولكن حتى الأسئلة المطروحة علينا كشبيبة اتحادية، تصور يجب أن يكون مرتبطا بفكرة التأسيس لمرحلة جديدة تدخلها منظمتنا، مرحلة هويتها تاريخنا النضالي، مضمونها التعبئة والمبادرة، هدفها الانطلاق بشكل جدي نحو انشغالات الشباب المغربي للتفكير معه ولأجله .
إن نجاح هذه المهمة حتى وإن كان ينبني بشكل مباشر على مدى اقتناعنا بتأزم وضع الشبيبة الاتحادية كإطار نشتغل من داخله على المساهمة في تغيير الوطن ، فالاقتناع وحده لا يكفي مهما بلغت درجاته إن لم تتم مصاحبته برغبة وقناعة حقيقية في التصحيح ،الأمر الذي لا يمكن إداركه إلا بالتحلّي بالجرأة في سرد مجموع التأثيرات السلبية التي أثرت فيها وأدّت إلى أفولها كفكرة وكتنظيم. ولعل أول ما يمكننا طرحه كمدخل لنقاش واقع منظمتنا وبالتالي بناء مستقبلها هو طبيعة العلاقة التي تربط الشبيبي بالحزبي والتي تم تأطيرها بعد نقاشات وتجاذبات عديدة بمفهوم المصاحبة ، هذا المفهوم الذي أدّى سوء فهمه وتأطيره سياسيا وتنظيميا إلى تداخل في الأدوار و الصلاحيات بين الأجهزة الحزبية والشبيبية ما أضحى يشكل تهديدا لاستقلالية منظمتنا بدلالاتها التدبيرية والوظيفية والمالية ، هذه العلاقة التي تفرض علينا معاودة التفكير في طبيعة وهوية الشبيبة الإتحادية كمنظمة عاقلة قادرة على التفكير في مصلحتها ومؤثرة في الحياة السياسية وبشكل مستقل بعيدا عن كل أشكال التقويض والتوجيه ولا نقصد هنا بالإستقلالية تلك العلاقة الضيقة والمختزلة التي تنبني على أي شكل من أشكال التنافر أو القطيعة بل نقصد بها علاقة مفتوحة مبنية على الإيخاء والتشارك والإستقلالية المتبادلة. هذا النقاش الذي غاب عن مقررات مؤتمرنا الثامن نظرا للظرفية التي جاء فيها والتي تحكمت خصوصيتها في طبيعة إختيارات المناضلات والمناضلين الذين كان همهم الوحيد هو إنجاح مرور منظمتهم عبر مؤتمر ثامن كان قد تعذر عليهم إنجاحه طوال ست سنوات من المحاولة، والذي أصبح ضرورة اليوم خصوصا وأن الوضع لا يزال جامدا كما كان عليه قبل المؤتمر بالرغم من الشروع في تجربة جديدة بطاقات جديدة ،مع تجلّي واضح للإرادة في إستمرار تكريس غياب السياسي وتعطيل التنظيمي كإمتداد للتجارب السابقة التي جعلت الشبيبة الإتحادية ملحقة حزبية وفقط محكومة بهاجس التخوف من إشتغالها العادي والمستقل والمأطر بعلاقة واضحة بينها وبين الشأن الحزبي عبر نهج إقصاء الطاقات وتعطيل الأجهزة الشبيبية وإعتماد أسلوب الحلقيات التنظيمية الهامشية المبنية على مبدأ الترغيب والمكافئة كألية لتسهيل تدبير شؤون المنظمة. ما يؤكد أننا أمام مشكل بنيوي موضوعي أكثر منه داتي مرتبط بنزوات أفراد تتحقق مصالحها في تغييب مصالح المنظمة والتي لا يمكن الحديث عنها إلا بالحديث عن مدى الإستقلالية التي تتمتع بها.
ومما سبق من تشخيص ومن ربط بين النضال من أجل الديمقراطية وما يفرضه من تواجد داخل المجتمع وبين أحزاب سياسية في مقدمتها حزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومدى قدرته على لعب هذا الدور و مواجهة كل ما من شأنه أن يهدد مسار التطور الديمقراطي بالبلاد وما يستلزمه من تأهيل لأدواته ، ولأن الشبيبة الإتحادية كانت دائما أنجع أداة تساعده في خوض معاركه وتصريف خطابه من خلال إحتواء نقاش القضايا السياسية المطروحة عليه بوعي والإسهام معه في التفكير فيها ، وبكل مسؤولية وأخذا بعين الإعتبار جسامة المهام المطروحة علينا كمناضلين بالحزب أولا وأخيرا ومن أجل العمل على إرجاع الشبيبة الاتحادية لمكانتها الأصلية داخل المجتمع المغربي وبإيمان خالص بضرورة العمل الجاد والمنظم وفق رؤية جماعية ، قرر الإخوة أعضاء المكتب الوطني وأعضاء اللجنة المركزية وكل المناضلين الموقعين أسفله تأسيس مجموعة “الوفاء للشبيبة الإتحادية ” ، التي لا تعتقد بامتلاكها التصور الوحيد ولا تبغي التأسيس للفكر الأحادي ولا تعلن عن نفسها كمجموعة تنظيمية وفقط بل تحتفظ بحقها الكامل في محاولة تصحيح أوضاع الشبيبة عبر الدفع بفتح نقاش حقيقي يهم مستقبلها وعلى الواجهتين الشبيبية والحزبية ، ” الوفاء للشبيبة الاتحادية ” مجموعة تبغي تحمل مسؤولياتها و التأسيس إلى تجربة داخلية هدفها تصحيح الوضع الشبيبي من خلال عملية إنضاج حقيقية لنقاش واقع الشبيبية الإتحادية ومستقبلها وعبر إشراك كل الطاقات الشبيبية من أجل وضع تصور واقعي وعملي يهدف إلى الوفاء لتاريخها. ” الوفاء للشبيبة الاتحادية ” تجربة جماعية تطمح إلى العمل على جعل المنظمة تعود إلى لعب أدوارها الحقيقية كقاطرة سياسية وكهيئة تأطيرية يستطيع من خلالها الاتحاد تعبئة الشباب المغربي وتوجيهه لترسيخ قيم المشروع التقدمي الديمقراطي والحداثي بشكل يحترم إستقلاليتها .
ويدعو أعضاء المجموعة كل مناضلات ومناضلي الشبيبة الإتحادية إلى التفاعل الإيجابي مع هذه المبادرة، والعمل على إغنائها على المستوى المحلي والإقليمي بعيدا عن منطق المركزية الذي يكرس لمركزة وتركيز الصراع والنقاش وجعله نقاشا فوقيا قياديا وهو في الأصل صراع ونقاش قاعدي يهم كل المناضلات والمناضلين حتى نستطيع بلورة تصور واقعي وعملي ناتج عن الإرادة الحرة للمناضلات والمناضلين و كفيل بجعل الشبيبة الاتحادية قادرة على تجاوز هذا الوضع المعطوب .
.
عاش الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
عاشت الشبيبة الاتحادية
المجد والخلود لكل شهداء الوطن
الموقعون :
فتح الله رمضاني – عضو المكتب الوطني
عباد إبراهيم – عضو المكتب الوطني
عبد الخالق بومصلوحي – عضو المكتب الوطني
منية عياش – عضو المكتب الوطني
شريفة لموير – عضو المكتب الوطني
عماد لغداس – عضو المكتب الوطني
رشيد أمزيل – عضو المكتب الوطني
صلحي محمد – عضو المكتب الوطني
يونس الدحماني – عضو المكتب الوطني
ليلى بديلي – عضو المكتب الوطني
إبراهيم الصافي – عضو اللجنة المركزية
سلمى أزرور – عضو اللجنة المركزية
مهدي ودياني – عضو اللجنة المركزية
مطيع توفيق – عضو اللجنة المركزية
زهير ماعزي – عضو اللجنة المركزية
مريم حسون – عضو اللجنة المركزية
كمال عطار – عضو اللجنة المركزية
محمد الكنفاوي – عضو اللجنة المركزية
عادل الحسني – عضو اللجنة المركزية
جهاد بدادي – عضو اللجنة المركزية
يوسف بوشيح – عضو اللجنة المركزية
أحمد حموش – عضو اللجنة المركزية
عاطف يشو – عضو اللجنة المركزية