فلتنكحوا ما طاب لكم من النساء، وليستعن شبابنا بالصوم !

فلتنكحوا ما طاب لكم من النساء، وليستعن شبابنا بالصوم !

- ‎فيرأي
230
0

 

خلافا لمن أفاء الله عليهم بواسع رزقه، خاصة منهم المتأسلمين الذين يختزلون الدين في مسألة تعدد الزوجات، معتبرينها أكثر القضايا إلحاحا في حياتهم العامة، ومستنيرين بما اجتزأوه من الآية الثالثة بسورة النساء “فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع”، يقضي خيرة شبابنا من الرجال، أجمل مراحل أعمارهم في دوامة البحث عن عمل شريف يقيهم غدر الزمان. وتقف فتياتنا تندبن حظهن التعس على ذبول زهور شبابهن، في انتظار قدوم فرسان أحلامهن. ترى ما قيمة الشهادات العليا، إن لم تجد نفعا أصحابها وتنقلهم إلى عالم الشغل والظفر بالزوج “ة” السعيد “ة” ؟
فالله سبحانه وتعالى شرع الزواج، لاستمرار النسل وعمران الأرض، وتحصينا للإنسان من إتيان الفاحشة عبر علاقات جنسية غير شرعية. وفي ذلك قال الرسول الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء”. والأصل في الزواج هو الإفراد، مادام المولى سبحانه قد خلق لأبينا آدم عليه السلام أمنا حواء زوجة واحدة. صحيح أن الإسلام أباح التعدد إلى أربع نساء في حالات استثنائية، لكنه اشترط العدل بين الزوجات في المبيت والسكن والرزق، وهو ما لا يستطيع إنسان عادي إحقاقه في زمن طغيان شهوة “الفحولة” على إعمال العقل.
قد نتفهم إقدام بعض كبار الفلاحين وتجار الجملة في الأسواق على تعدد الزوجات قصد التفاخر، جراء ضعف المستوى الفكري أمام سطوة المال والنفوذ، وعدم قدرتهم على استيعاب النصوص الدينية وإدراك أبعادها. لكننا نقف حائرين إزاء تصرفات من ائتمناهم على النهوض بأوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية وحسن تدبير شأننا العام، فإذا بهم يلتفتون إلى حياتهم الخاصة، بعد وضع “عقولهم” في ثلاجة الحكومة وخضوعهم لأهوائهم، محتكمين إلى دقات قلوبهم بدل الإنصات إلى نبض الشارع.
بالله عليكم، كيف يسمح لنفسه من التزم أمام الله والشعب، بالإخلاص في أداء مهامه وترجيح المصلحة العليا للبلاد عن مشاغله الشخصية، وينتمي إلى حزب إسلامي يقود حكومة البلاد، برئاسة أمينه العام السيد: عبد الإله بنكيران، الذي عودنا على مفاجآته “السارة”، بإلهاء المواطنين عن همومهم اليومية وقضاياهم الكبرى، وإثارة ضجة إعلامية وسياسية حول انجرافه المكشوف وراء قصة غرامية عنيفة، مع وزيرة من ذات الحزب حديثة العهد بالطلاق؟ وأي إساءة للمرأة أكبر من إرسالها لخطبة ضرتها تحت أنظار العالم؟ وكيف لمن لا يراعي مشاعر أبنائه، أن يرعى مصالح الآخرين؟
أليس من المخجل أن يسارع بعض وزرائنا “الأجلاء” إلى الاستجابة لخفقان القلب قبل نداء الضمير، بينما شبابنا يلهث وراء سراب، فاقدا طعم العيش الكريم والعدالة الاجتماعية؟ فماذا أعدت الحكومة وولايتها على وشك الانقضاء، لامتصاص الأعداد المتزايدة من جحافل المعطلين ذوي الشهادات والدكاترة؟ فبدل ابتكار حلول ناجعة لمعالجة ملف التشغيل وعديد المشاكل المطروحة، ضاعت بين أمواج أزماتها المتلاحقة، ولم تجد لتدبيرها عدا الهروب إلى الأمام والتقشف ووقف تنفيذ 15 مليار درهم من نفقات الاستثمار العمومي، تجميد الأجور والترقيات، تقليص فرص الشغل، الرفع من أسعار المحروقات ونظام المقايسة، ضرب القدرة الشرائية للبسطاء والطبقة المتوسطة… ثم ما الذي استفاده المواطن مما حصدته من أموال عبر تحرير أثمان البترول وانخفاض سعره في الأسواق العالمية، أموال الصناديق السوداء، الأموال المسترجعة في إطار مبادرة المصالحة، وما “تغتصبه” من أجور المضربين عن العمل؟ فبعجزها عن حل إشكالية البطالة، تسير نحو إغراق البلاد بأطفال الشوارع، كما أغرقتها في مستنقعات المديونية، مادام الزواج لم يعد متاحا إلا لأصحاب “الشكارة” والوزراء، وبفائض الزوجات !
فأمام انسداد آفاق الشغل، صار شبابنا مرغما على صرف نظره عن الزواج، مما ساهم في تفشي ظاهرة العنوسة، إذ كشف تقرير رسمي صادر عن المندوبية السامية للتخطيط، أن 90% من الفتيات البالغات من العمر ما بين 15 و19 سنة مازلن عازبات، وأن متوسط سن الزواج بلغ عند الإناث 28 سنة ولدى الذكور 32 سنة، ما يؤكد على ارتفاع نسبة العزوبة والعنوسة. ويعتبر عدم الزواج أو تأخره، ثمرة فاسدة لسياسة الحكومة في التعاطي مع الملفات الكبرى وذات الطابع الاستعجالي، وهي كذلك من أبرز الظواهر الاجتماعية، التي تنعكس سلبا على المجتمع، من حيث تنامي أعداد الأمهات العازبات، والتحرش الجنسي والاغتصاب وشيوع مختلف مظاهر الرذيلة والدعارة.
والزواج عامل استقرار نفسي واجتماعي، يهدف إلى بناء حياة مشتركة بين رجل وامرأة وتكوين أسرة، باعتبارها لبنة أساسية في بناء صرح المجتمع، ووسطا طبيعيا في القيام بتنشئة حضارية، قوية وسوية. ففي أحضانها وبمساعدة المدرسة، تتشكل شخصية الطفل ويكتسب من المقومات الأخلاقية والفكرية والسلوكية، ما يؤهله لحماية نفسه والاعتزاز بوطنيته والتفاعل المثمر مع محيطه والإسهام في تنمية مجتمعه. ومن العبث الاعتقاد بأن جيل اليوم يرفض الزواج، بدعوى عدم القدرة على تحمل المسؤولية وميوله إلى العيش الحر…
فمن بين العوامل الأساسية التي تعترضه في خوض غمار تجربة الزواج، نجد البطالة تتصدر القائمة، ثم يليها: غلاء المعيشة، ضعف الراتب الشهري وانعدام السكن الشخصي، فضلا عن أسباب أخرى نفسية واجتماعية. وقد ازدادت الظاهرة استفحالا مع تسرب اليأس إلى النفوس، وما أحدثته الثورة التكنولوجية من تحولات اجتماعية عميقة، في ترسيخ أنماط ثقافية واجتماعية واقتصادية جديدة.
والمجتمع المغربي، يرفض أن يظل أفراده من البالغات والبالغين سن الزواج خارج مؤسسته، لما قد يترتب عن ذلك من انحرافات ذات عواقب وخيمة، وتنامي قلق الأسر حول مصير العازبة والمتقدمة في العمر خاصة، حتى لو كان “عدم الزواج” نابعا عن قناعات الفتاة نفسها، حيث مازالت المسألة مرتبطة بالتقاليد والقيم الأخلاقية. ناهيكم عن الاضطرابات النفسية والصحية، المتمثلة أساسا في: الاكتئاب والعزلة والأرق، وقرحة المعدة، والقولون العصبي، وضيق التنفس وآلام المفاصل وضغط الدم…
فعلى رئيس الحكومة، الذي يبتلع لسانه أمام زلات وزرائه المسيئة إلى صورة وسمعة البلاد، تحمل كامل مسؤولياته والتعجيل بمعالجة ملف التشغيل، تحسين أجور العمال والموظفين، توفير السكن اللائق لذوي الدخل المحدود، وإحداث آليات كفيلة بتحفيز الشباب على الزواج. فهل يشمل العروسين التعديل الحكومي المرتقب، ويمنحهما فرصة الاستمتاع بتقاعدهما المريح بعيدا عن عيون المتلصصين؟ وهل يعود الزير “الحبيب الشيباني” إلى رشده والتخلي عن “هوايته” إذا ما تم تجريده من سلاح “القنص”؟ وهل يفلح في إسعاد “للا سمية”، التي آثرت بناء “سعادتها” على أنقاض تعاسة الآخرين وعلى رأسهم الزوجة، بعدما أخفق في تحقيق توافق وطني في ملف حوار المجتمع المدني، ولم يحظ بالرعاية الملكية في ما كان يعتزم تنظيمه من نشاط دولي؟ وبما أن التغيير المأمول لم يحدث، فلنكتف بتغيير الوزراء !
اسماعيل الحلوتي

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت