عبد الله بلفقيه
اثنتا عشرة سنة قضاها المهندس الرشيد بن الدريوش رئيسا لجماعة الويدان، ومعه ثلة من الأعضاء ممن لم يتزحزحوا عن مناصبهم، وعايشوا رئيسهم ذي الحصيلة الفارغة في هذه المدة الطويلة، لا نستثني منها غير نتف يسيرة هنا وهناك، نتف لا ترقى إلى مستوى انتظارات ساكنة الويدان من ابن جماعتهم الذي توسموا فيها خيرا، وظنوه بارا بهم وبمنطقتهم، خصوصا وأنه نشأ بين ظهرانيهم هناك في دوار الدريوش وعاش معهم شظف العيش في طفولته، وكان بالنسبة لهم أنموذجا في النجاح والدراسة، ومن الطبيعي جدا أن تهفوا إليه النفوس وتسعى إلى تنصيبه رئيسا وتقليده أمور الجماعة، وهو الجامع بين الإنتماء للتراب والتكوين العلمي والخبرة اللازمين، لكن لسان حالهم اليوم يقول: رب يوم بكينا منه فلما انقضى بكينا عليه، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة.
هذا ما تم فعلا، فقد تجند معظم أهل الويدان وحملوا المهندس بن الدريوش إلى كرسي الرئاسة منذ أول انتخاب، لكن الجماعة لم تنجز شيئا ذا قيمة في التجهيز، فالطرق المنجزة كانت بفضل وزارة التجهيز وضمن مشاريعها، وليست من إنجاز الجماعة، زد على ذلك أنها كانت مكهربة حينما تولى المهندس الرئاسة وأنجزت الجمعيات جزءا مهما من الصهاريج وشبكة الماء، وكل ما أضافته الجماعة هو ترسانة من السيارات التي تستهلك بنزينها من ميزانية الجماعة دون أن تكون هناك خاجة ماسة لها، ولربما لها مآرب أخرى ستكون موضوع “سكوب” مقال آخر ضمن سلسلتنا عن جماعة الويدان الغنية-الفقيرة: غنية بإمكانياتها، فقيرة في حالها بسبب سوء تسييرها وغلبة المصالح الشخصية على المصلحة العامة، فقد يلاحظ الأعمى قبل البصير كيف اغتنى كثير من الأعضاء بشكل مثير للإنتباه، ولهم في ذلك موارد شتى، فجماعة الويدان دجاجة من بيضها الثمين يأكلون، ومنهم من كان لا يلوي على شيء.
عبدت الوزارة طريقين ثانويين كبيرين في الجماعة، وأنجز مستثمران اثنان طريقين آخرين بكل من دوار العظم والمحمدية، بينما ينسب الرئيس هذا الإنجاز للمجلس الجماعي. والحقيقة المرة أن حصيلة الرئيس لاثنتي عشرة سنة حصيلة فارغة، وكل التجهيز الذي يذكر هو إصلاح بعض الطرق ببقايا الرمال التي تجود بها المقالع المستغلة لثروات وادي أغمات بالجماعة، استغلال حرم العديد من أصحاب الشاحنات الفقراء وعمالهم من أبناء المنطقة من رزقهم في الوادي، بسبب الطوق الذي تضربه تلك المقالع على ثروات الحجارة والرمال، ناهيك عن المخاطر الصحية التي تسببها تلك المقالع للسكان، والتي تشتغل ماكيناتها على مرمى حجر من التجمعات السكانية. وعمد الرئيس إلى اقتناء جرافتين اثنين وثلاث شاحنات للجماعة، لكن العديد من السكان يتحدثون منذ مدة عن استغلال سائقي تلك الشاحنات لها خارج القانون، بحيث حولوها لشاحنات النقل العمومي ويتلقون مقابلا لخدماتهم غير المشروعة بها، وطبعا فالغازوال والمصاريف تدفعها الجماعة.
يفترض في جماعة الويدان وضع أحسن في التجهيز، بدل ماهي عليه الآن، إذ لم يستثمر الرئيس حتى الخدمات التي تقدمها للمدينة الجديدة الشويطر، والمتمثلة في الوادي الحار لإصلاح الممرات وتحسين الشبكة الطرقية وغيرها من التجهيزات الأساسية، مكتفيا بإهدائها كمزبلة لفضلات المدينة الجديدة، بل إنه لم يجتهد في إصلاح واجهة الجماعة المحاذية لتلك المدينة الجديدة حتى تبدو في مظهر يليق بها، فالعبث واللامبالاة صارا عنوانا عريضا للتدبير في الجماعة، وهو الأمر الذي تلوكه ألسنة الويدانيين صباح مساء معبرين عن تذمرهم لما آل إليه حال جماعتهم في عهد المهندس بن الدريوش مقارنة مع الجماعات المجاورة ذات الإمكانيات القليلة مقارنة بالويدان. وقد قال أحد الويدانيين أن الموقع الإستراتيجي وحده للجماعة كفيل بأن يبوئها مكانة أفضل ووضعا أحسن دون الحديث عن باقي الإمكانيات والموارد الأخرى. ولعل مرور الزائر من الطريق الوطنية رقم 9 متجها إلى أيت أورير وهو ينظر يسارا يجعله يكتشف بشاعة الويدان المسكينة، وهول مآلها مقارنة بجارتها يمينا، رغم أن الجارة واحدة من أفقر الجماعات على الصعيد الوطني.
لا تجد من التجهيز ما تذكره لابن الدريوش غير إنجاز يتيم يتمثل في ملعب الجماعة، ملعب له حكاية أخرى يلفها من الغموض ما يلف قصص “كليلة ودمنة” وسيكون بدوره هو والفريق الويداني لكرة القدم موضوع مقال قادم عن جماعة بؤس التسيير و سوء التدبير من رئيس مهنته التجهيز ومعرفته به واسعة قضى ردحا من الزمن على كرسي الرئاسة في الجماتة.