جماعة الويدان بين الجرار والسنبلة

جماعة الويدان بين الجرار والسنبلة

- ‎فيرأي
477
6

 

عبد الله بلفقيه
ينظر الكثيرون إلى جماعة الويدان على أنها متنفس حاضرة مراكش، نظرا لمحاذاتها إياها، فأقدام المرء تطأ ترابها بمجرد مغادرته المدار الحضري، زد على ذلك مجاورتها لمدينة الشويطر الجديدة، التي لم تلق بعد النجاح الذي كان منتظرا منها، شأنها شأن تامنصورت. وقد تربع الرشيد بن الدرويش على رئاسة الجماعة من سنة 2003 باسم حزب الإتحاد الدستوري، قبل أن يغير هندام الفارس بهندام الحصاد ويلتحق بصفوف الحركة الشعبية سنة 2007 بعد خلاف بينه وبين عبد الله رفوش (ولد العروسية) حول وكالة اللائحة الدستورية في الإنتخابات التشريعية، حيث إن جماعة الويدان جزء من الدائرة الإنتخابية جيليز-النخيل، ولأن ولد العروسية بقي متمسكا بتصدر اللائحة فقد غادر بن الدرويش “سرب الخيالة” بجهة مراكش ملتحقا “برباعة الحصادة”، وهناك تمكن من الظفر بمقعد في الغرفة الأولى لولايتين متتالين، وتقلد منصب المنسق الجهوي لحزب الحركة واكتسب عضويته في مكتبها السياسي، ويعد لحدود الساعة الأقوى في جماعة الويدان التي أحكم قبضته على انتخاباتها وأصواتها، بعد أن خاض منافسة شرسة مع الدستوريين بقيادة أحمد فريرا سنة 2007 وفي الانتخابات الجماعية 2009 حيث نازله هذا الأخير في دائرته ومعقله بالشويطر وتمكن من حصد أصوات كثيرة، في انتخابات وصفت بأنها “معركة القادسية” حيث كانت صراعا على الدائرة والرئاسة في الآن نفسه، لأن المتنافسين فيها كانا هما الأقوى، وتدخل الدرك الملكي والسلطات المحلية في العديد من المرات لفض النزاعات، نظرا لأن بن الدريوش استعمل كل الأساليب الممكنة حينها ضد أنصار فريرا من تخويف وترهيب ووعيد، موظفا سلطته كرئيس للجماعة من جهة وكبرلماني من جهة ثانية، دون أن ننسى الإمكانات المادية الفاحشة لابن الدريوش المهندس المعماري، والرئيس السابق لقسم التعمير ببلدية مراكش من 2003 إلى 2007، والمتورط في مشكلة عمارة الأطلسي المطلة على الإقامة الملكية، وهو الملف الذي من المحتمل إعادة تحريكه من طرف القضاء في ظل فورة الملفات في القضاء بعد قضية كازينو السعدي وقضايا أخرى لم تلق اهتماما كبيرا من لدن وسائل الإعلام.
تربع بن الدريوش على عرش رئاسة جماعة الويدان لولايتين اثنتين، ومعه الوجوه نفسها من الأعضاء، أغلبهم لا تكوين لهم ولا إمكانات معرفية أو سياسية تؤهلهم لتدبير شئون جماعة الويدان ذات الأهمية الكبيرة، حيث إن اثنتا عشرة عاما من تدبير بن الدريوش ومن معه لم تضف جديدا إلى الجماعة، ولم تستفد من محاذاتها لمدينة مراكش ولا لمدينة الشويطر الجديدة، حيث تحولت الجماعة إلى مايشبه التؤلل في علاقتها بمراكش، لأن تصميم التهيئة لا تنسيق فيه بين المجلس الجماعي لمراكش، رغم الهجرة المكثفة للمراكشيين اتجاه الويدان خصوصا منطقتي السابعة والمحمدية، وكان من المفترض التخطيط لهذا الاستقبال، بل كان من المفترض الاهتمام بالجماعة باعتبارها متنفسا للمدينة ليس سكنيا فقط، وإنما سياحيا وخدماتيا كذلك.
أما في علاقة الجماعة بمدينة الشويطر، فقد استفادت كثيرا من أزبالها ومجاريها، فتحولت الويدان إلى مطرح لنفايات الشويطر، مما يضر بالإنسان وبالفلاحة والماشية، التي وقع الناس ضدها ليجدوا توقيعاتهم قد وظفت لصالحها، في عملية اختطاف تاريخية لتوقيعاتهم تلك، وقد تحدث بعض الساكنة عن شبهات تلف صفقة الواد الحار لمدينة الشويطر؛ دون أن ننسى المهاجرين في اتجاه الجماعة، وإذا أضفنا مهاجري مراكش إلى مهاجري الشويطر أمكن القول إن ربع ساكنة الجماعة هم من الجدد الذين لا يعرفون جيدا بن الدرويش وعصبته من المنتخبين، ومن المحتمل أن يكونوا فيصلا في نهاية سيطرة السنبلة على الويدان، إذا أضفنا إليهم جيش الغاضبين من سوء تدبير بن الدرويش ومن معه، الذي تجاسر على كل شيء، ووظف أبواقه الإنتخابية في الجماعة يتقاضون أجورهم من ماليتها دون أن تكون لهم مهام واضحة ولابد منها.
إن جماعة الويدان في القادم من الأيام ستعرف سلسلة من معارك “ملوك الطوائف” فسنبلة بن الدريوش تأبى الاستسلام للحصاد، وجرار برادة يريد أن يعلن عن موسم الحرث، بينما حصان فريرا- إن بقي هذا الأخير ممتطيا إياه في ظل تواتر أنباء عن إمكانية ركوبه الجرار- يريد بدوره أن يصهل من جديد في دواوير الويدان وبين أهل الويدان مثلما قال شاعرها ذات قصيدة.
بين حسابات الجرار والسنبلة والحصان، هناك حسابات المصباح الذي مازال نوره مشعا في الجماعة، حيث إن ثمة فئة كبيرة من المتعاطفين الذين منحوا أصواتهم للبيجيدي في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ومازالت نبراتها بيجيدية تتناغم مع خطابات بنكيران وصقور حزبه.
ستبدي لنا الأيام ما نحن جاهلون، وسنعلم أي الفرقاء يظفر بالويدان في ظل تراجع شعبية بن الدريوش وتقادم طرائقه في التدبير وتجاوز التاريخ الويداني لمنتخبي سنبلته، وفي ظل دخول البام إلى ساحة النزال وإمكانية استقطابه لقائد الدستوريين هناك أحمد فريرا، وكذا إمكانية اقتطاع البيجيدي لجزء من الأصوات وكسبه بعض المقاعد، أما حزب الإستقلال أحد أكبر الفاعلين في الماضي فلم يبق منه غير صور فوتوغرافية بالأبيض والأسود يصعب أن تدخل معرض التسيير الجماعي هناك.
إلى مقال آخر حيث سنتناول العديد من التفاصيل الصغيرة لتدبير المهندس الرشيد بن الدريوش لجماعة الويدان، وفيها سنوضح كذلك الاختلالات والتجاوزات والتراجعات التي عرفتها جماعة الويدان وبعض الإنجازات التي لا تخلو من أهمية، وسنعرج على تاريخ المنتخبين هناك وعلى مؤهلاتهم التي مكنتهم من الالتفاف حول بن الدريوش والإسهام معه في تحويل الجماعة إلى مستنقع غريب الأطوار.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،