باسم الله الرحمان الرحيم،
السيدات والسادة أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي،
ندخل اليوم، ونحن نجتمع في الدورة الخامسة للمجلس، منعطفا حاسما في سيرورة التحضير للتقرير الاستراتيجي، الذي انكبت اللجان الدائمة على إعداده بوتيرة مكثفة.
كما لم يذخر رؤساء ورئيستا اللجان الدائمة جهدا لتيسير شروط إنضاج التفكير داخل كل مجموعة عمل، مع الحرص في الآن ذاته، على ضمان التشاور والتنسيق الضروريين، لكي تصب مساهمات مختلف اللجان في نفس الاتجاه، وتكون على أعلى مستوى ممكن من التكامل والتمفصل فيما بينها.
وبفضل الجهود المتضافرة للجميع، استطاعت اللجان الدائمة أن تمضي قدما في التفكير والاقتراح. وهي تتوفر اليوم على رؤية واضحة عما ينبغي القيام به من أجل إصلاح منظومتنا التربوية، على نحو يجعلها قادرة على الاستجابة الناجعة لمتطلبات الارتقاء بشبابنا وتكوينه الجيد، ولحاجات تنمية المجتمع وتحديثه، وكذا لما يتطلبه العصر من معارف وعلوم.
لقد بلغنا إذن، مرحلة حاسمة؛ مرحلة التقاسم والتملك المشترك للرؤية المستقبلية للإصلاح التربوي. وهذا هو الشعار الناظم لأشغال هذه الدورة. من ثم، فنحن مدعوون إلى تقاسم ثمار اشتغال اللجان الدائمة، من خلال مناقشة الاقتراحات التي ستعرض علينا، قصد تعميقها وإغنائها.
كما أننا مدعوون إلى التملك الجماعي للأفكار التي ستقترحها كافة اللجان، من خلال جعلها موضوع تحليل نقدي بناء ومستشرف للمستقبل.
حضرات السيدات والسادة،
لا تكتسي هذه الدورة، التي تنكب على مناقشة مساهمات اللجان الدائمة في إعداد التقرير الاستراتيجي، أي طابع تداولي؛ ذلك أننا لن ننتهي إلى أي بت أو حسم أو قرار في هذا الشأن، علما بأن العمل التقريري سنباشره في نهاية شهر فبراير، أو بداية شهر مارس بعد الانتهاء من صياغة مشروع التقرير، حيث سنكون مدعوين للتداول والمصادقة على مضمون هذا المشروع وعلى الخيارات الاستراتيجية التي سينتهي إليها المجلس.
وحتى تحقق هذه الدورة أهدافها، وتضمن إسهاما جماعيا في مشروع التقرير الاستراتيجي، علينا أن نعتمد منهجية قوامها الدقة والتركيز، من أجل تفادي كل نقاش جانبي، والحرص على الانكباب مباشرة على الأهم.
من هذا المنطلق، وبالنظر لأهمية الرهانات المطروحة، فإن مكتب المجلس تدارس مطولا، خلال اجتماعه الأخير، الجوانب التنظيمية والمنهجية لهذه الدورة، وحدد بعض القواعد التي من شأنها تيسير النقاش المعمق وتنظيمه وإنضاجه في استحضار للعناصر التالية:
أولا: تركيز رؤساء اللجان على تقديم الاقتراحات التي انتهت إليها فيما يتعلق برافعات التغيير والإصلاح، مع التأكيد على التغييرات المهيكلة والإصلاحات المجددة، وذلك حتى ينصب النقاش على ما هو جديد وذو أهمية استراتيجية. وهذا يعني تجنب تقديم مختلف مضامين أعمال اللجان، وما عرفته من أخذ ورد طبيعي على مدى أزيد من 3 أشهر من العمل المتواصل.
ثانيا: إن مناقشة قضايا ومقترحات بهذه الدرجة من الأهمية الاستراتيجية، يستلزم استحضار الأسس والمرتكزات التي تنبني عليها وتعللها؛ لذلك سنستهل أشغال هذه الدورة ب “عرض تقديمي عام”، يتناول كافة العناصر التأسيسية المشتركة بين العروض الموالية والمتعلقة بالسياق، والمنهجية، والمرجعيات، والرؤية العامة، والغايات.
ثالثا: يتعلق الأمر أيضا بالاستخلاص الأمثل لحصيلة المناقشات التي ستجري حول كل عرض على حدة، مع تمكين كل من يرغب في تقديم مساهمته من المشاركة والمساهمة الفعالة؛ مما يستلزم الاقتصار على تقديم ومناقشة ثلاثة عروض في اليوم على الأكثر، مع حرصنا جميعا على حصر مدة كل تدخل في خمس دقائق خلال المناقشة. وهذا ما يفتح على احتمال تمديد أشغال هذه الدورة إلى يوم ثالث.
رابعا: انكباب السيد عبد الحميد عقار، المقرر العام المكلف بصياغة مشروع التقرير الاستراتيجي، ورؤساء اللجان الدائمة ومقرريها، والأمين العام للمجلس، وأطر البنية التقنية، على التتبع المتمعن واليقظ للمناقشات، وتدوين الملاحظات في اتجاه الاستثمار الأمثل لمختلف مضامين النقاش وتبادل الرأي والأفكار خلال هذه الدورة.
تلكم بعض الأفكار التي أقترح عليكم أخذها بعين الاعتبار في مناقشة مساهمات اللجان في التقرير الاستراتيجي.
في الختام، أتمنى لدورة مجلسنا هذه كامل التوفيق والسداد، مع تذكيركم بأننا سنخصص الجزء الأخير من أشغالها للتداول في مشروع النظام الأساسي لموظفي المجلس، قصد عرضه على المصادقة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
4