إشكالية المادة 16 من مدونة الأسرة

إشكالية المادة 16 من مدونة الأسرة

- ‎فيرأي
1576
0

 
بقلم : يـــــــــوسف لكلـيلـــي / طـــــالـب بـــاحــث ماستر قانون خاص .

 

 

جاء قانون رقم 03/70 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5184 يوم الخميس 5 فبراير 2004 ظهير شريف رقم 1-04-22 الصادر في 12 من ذي الحجة 1224 ( 3فبراير 2004 )، المتعلق بمدونة الأسرة ، بمجموعة من المستجدات ، من بينها المادة 16 المتعلقة بثبوت الزوجية ، و التي خلقت جدلا واسعا ، وقد تم التنصيص عليها لفترة انتقالية ابتداءا من خروج المدونة إلى حيز التنفيذ لمدة خمس سنوات ، وبعد إنتهاء هده الفترة الإنتقالية تم رفع العمل بها إلى حدود 13 يناير 2015 حيث تم تصويت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين على مقترح قانون يقضي بتعديل المادة 16 من القانون رقم 03/70 بمثابة مدونة الأسرة المتعلق بثبوت الزوجية لمدة مماثلة مدتها خمس سنوات .
مما يطرح التساؤل حول فلسفة المشرع من تمديده للمادة 16 ؟ وما غايته من ذلك ؟
1- إثبات الزواج بين الأصل والاسثتناء :
*الأصل
هو أن عقد الزواج يعتبر الوسيلة الوحيدة لإثبات الزواج ، وهذا ما نصت عليه المادة 16 من مدونة الأسرة في فقرتها الأولى :
“تعتبر وثيقة الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج .. ”
*الاستثناء
إذا كان الأصل هو اعتبار عقد الزواج هو الوسيلة الوحيدة والمقبولة لإثبات الزواج كما هو منصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 16 ، فإنه إستثناءا خرج المشرع على القاعدة ليفتح المجال لإثبات الزواج بكل وسائل الإثبات وكذا الخبرة وهدا ما تم النص عليه في نفس الفقرة بقوله :
.. إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته ، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة .”
إلا أن هذا الاستثناء خلق جدلا كببرا في أوساط الحقوقيون والمهتمين بالشأن القانوني وأيضاً أثار مجموعة من الإشكالات على المستوى العملي ، مما ينبغي طرح مجموعة من التساؤلات حول طبيعة الأسباب القاهرة التي تحول دون توثيق الزواج في وقته؟ ثم أيضا التساؤل الذي يطرح فيما يتعلق بالاثبات ، لماذا عمد المشرع عند إدراجه لوسائل الإثبات إضافة الخبرة بشكل مستقل ، بقوله “وكذا الخبرة” ؟ مما يطرح التساؤل عن غاية المشرع من هذه الصياغة ؟
إن غموض هده المادة دفع كثيراً من المواطنين بالتحايل على هده المادة ، خصوصاً فيما يتعلق بزواج القاصر إذ بموجب هذه المادة أصبحت المادة 19 من مدونة الأسرة ، التي تحدد سن الزواج في 18 سنة بدون محتوى ؛ فأصبح الكثير يلجأون إلى المادة 16 من أجل تزويج القاصر ونحن نعلم الآثار السلبية المترتبة عن هذا الزواج ..
وكذلك فتحت هذه المادة الباب على مصرعيه بالتحايل ، بخصوص مريدي التعدد ( الذي أصبح مقيداً بمجموعة من الشروط والمبررات ، الإستثنائية والموضوعية ) خصوصاً من رفض طلبهم ، فأصبح يتم ربط علاقات دون إبرام عقد الزواج ، ودون إخبار الزوجة الأولى وبعد إنجاب أطفال يقيمون دعوى إثبات الزوجية استناداً إلى المادة 16 ، سبماً وأن بعض المحاكم شهدت تساهلا في تفسير السبب القاهر (بعض الأحكام إعتبرت أن وجود أطفال سببا قاهرا يبرر ثبوت الزواج)، وهذا يعتبر خرقا سافرا للمواد 41 و43 من مدونة الأسرة .
أمام غموض المادة 16 من مدونة الأسرة ، تطرح الكثير من علامات الاستفهام ، عن غاية المشرع من هده المادة ” الفريدة ” هل فعلاً كانت غايته هو الحد من زواج الفاتحة ” الزواج الغير موثق” أم تتخطى ذلك ؟؟
2- غاية المشرع منغ المادة 16 :
أمام كل هذا الغموض صارت المادة 16 من مدونة الأسرة مرتعاً لتحايلات وتلاعبات كثيرة ، مما يدفع إلى تساؤلات عديدة من بينها غاية المشرع من سن هذا المقتضى وتمديده للمرة الثالثة على التوالي .
وفي إعتقادنا المتواضع أن هذا النص لا يعدو أن يكون نصا “مفبركا” كانت غاية المشرع من خلاله حماية حقوق الأطفال الناتجين في إطار علاقات خارجة عن مؤسسة الزواج ، بحكم مصادقة المغرب على الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل من جهة ومن جهة أخرى وحتى لا يتم إثارة الإتجاه المحافظ فقد إعتبره المشرع زواج شرعي “زواج الفاتحة” تنقصه شكلية الكتابة نظراً لاستحالة توثيقه لأسباب قاهرة التي لم يبين طبيعتها !
وهذا ينسج خيوط التقاطع مع المادة 156 المتعلقة بإثبات النسب للشبهة في فترة الخطبة لظروف قاهرة حالت دون توثيق عقد الزواج ؟
هذا ما يجعل الأمر يطرح أكثر من تساؤلا ً ، وكأن هده المادة أباحث الإتصال بين الخطيببن قبل الزواج ، وفي ذلك مخالفة للشرع الإسلامي فمن شروط الخطبة عدم الخلو بالمخطوبة .
ثم عن أية شبهة يتحدث المشرع التي بموجبها يثبت النسب !
كما سبقت الإشارة إليه’، فإن المتمعن في هده المواد سيكتشف أن الأمر لا يغدو أن يكون “مراوغة “من المشرع الذي ظل هاجس حماية حقوق الطفل حاضرا لديه في كل بنود المدونة .
وأمام كل هذه الإشكالات والغموض الذي يكتنف هده المادة يجب على المشرع – وحتى لا يتهم بالتشجيع على الفساد – أن يتدخل بصورة أكثر جرأة من أجل رفع الغموض ، والتعامل مع حالة الاستثناء بحزم حتى لا تستغل لإضفاء الشرعية على العلاقات المشبوهة .

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت