عبد السلام الصديقي: الصناعة المغربية ستؤمن نصف مليون وظيف

عبد السلام الصديقي: الصناعة المغربية ستؤمن نصف مليون وظيف

- ‎فيسياسة
364
0

 

الرباط _ أحمد مدياني

انخفضت أسعار المحروقات وتراجعت معها نفقات دعم المواد الأساسية وتحسن مناخ الاستثمار في المغرب، هل
ستفيد الحكومة من كل هذا لدعم سوق العمل؟
المؤشرات المتعلقة بسوق العمل في المغرب ليست سيئة في حد ذاتها. ورغم الصعوبات التي عرفها الاقتصاد العالمي، ومست بشكل أو بآخر الاقتصاد الوطني، فقد تمكنا من التحكم بمعدل البطالة في حدود ما بين 9 و10% ولم يرتفع. وحددنا في الحكومة هدف إنهاء الولاية التشريعية مع تحقيق معدل البطالة نسبة 8 % وهذا تحد كبير.
ما زلنا نؤكد أن هذا الهدف قابل للتحقيق. ونظرا للعوامل العديدة التي طرحتم في سؤالكم، خاصة الانتعاش الاقتصادي الطفيف في البلاد الشريكة للمغرب، سنتمكن من تحسين النمو الاقتصادي، وتوفير فرص عمل مهمة، خاصة أن جميع التوقعات تفيد بقدرة الاقتصاد المغربي على تجاوز نسبة 4 % من النمو، وبإمكانه أن يحقق نسبة 5 %.
إذ إن التنافسية الاقتصادية في المغرب ستفيد كثيراً من انخفاض أسعار المحروقات عالمياً، ما سيساهم في انخفاض العجز التجاري، وهذا الأخير يساهم تلقائياً في طرح فرص عمل داخل القطاعين العام والخاص. وكما تعلمون فإن الحكومة أطلقت تدابير جديدة لتشجيع توفير فرص العمل، ومن بينها تدبيران أساسيان، غايتهما محاربة الهشاشة، وحث الشركات عبر طرح برامج التكوين والتدريب من أجل تعزيز الإنتاج. وسيفيد الشباب المغاربة، بنسبة 60 % على الأقل من هذا التدبير. وسنقدم حوافز مهمة للشركات التي توظف نحو خمسة أجراء، لحثها على تشغيل المزيد.

*لا ترتبط سوق العمل بالدرجة الأولى بالوظيفة العمومية، في نظركم، ما هي أهم القطاعات الخاصة التي ستستقطب اليد العاملة في الفترة المقبلة؟
عهد البحث عن الوظيفة داخل القطاع العام ولّى، ويجب ألا يكون هو الأساس بالنسبة إلى الباحثين عن فرص التوظيف. ويجب أن نعرف أن الوظيفة العمومية في المغرب تساهم فقط بنسبة 8% من مجموع تشغيل اليد العاملة. وحين نتحدث عن فرص العمل، فنحن نقصد بالأساس القطاع الخاص. لذلك المغرب طرح خططاً قانونية وتشريعية ومالية قوية. ويجب التشديد على أن الاستثمار هو قاطرة التشغيل، مع الأخذ بالاعتبار أن المغرب يعرف نمواً ديمغرافياً مستمراً، لذلك لا نستوعب جميع الباحثين عن العمل، ونبحث عن شراكات في الخارج لتسهيل ولوج الشباب المغاربة إلى وظائف في مجموعة من الدول على رأسها بلدان الخليج.
وأهم القطاعات التي تسهم في استيعاب اليد العاملة، القطاع الصناعي. ونتوقع أن يوفر هذا القطاع، من خلال الاستراتيجية التي أطلقناها لتسريع نموه، نحو 500 ألف فرصة عمل ابتداء من هذه السنة، وحتى سنة 2020، بمعدل 80 ألف فرصة عمل كل سنة. وهناك برامج قطاعية أخرى ستؤمن الوظائف، كبرنامج مخطط المغرب الأخضر (القطاع الفلاحي). وسوف يعزز المغرب كذلك، قطاع الخدمات، وصناعة الآلات الصغيرة والتجارة كذلك. ثم قطاع البناء والأشغال العمومية، الذي شهد في السنوات الأخيرة نوعاً من الركود، لكن خلال هذه السنة عدنا إلى التوازن، وسوف يسترجع حيويته بشكل قوي. بالإضافة إلى مساهمة الاقتصاد الاجتماعي والتعاوني والصناعة التقليدية في توفير فرص للشغل. ولا أنسى قطاعي صناعة وتركيب السيارات والطائرات، إذ استقطب المغرب أخيراً مشاريعهما، واستطاع هذا القطاع استيعاب قرابة 100 ألف فرصة عمل.

*يُرفع في وجه الدول الراغبة في استقطاب المشاريع الأجنبية تحدي توفير الكفاءات المهنية. ماذا أعدت وماذا ستعد الحكومة في هذا الإطار؟
في ما يخص الاختصاصات المهنية، أشدد على أن المغرب قطع أشواطاً كبيرة، رغم بعض النقص الحاصل في بعض الأحيان، ولكننا تقدمنا كمّاً كيفاً. هنا أنقل لكم شهادة جاءت على لسان المسؤولين عن شركة صناعة السيارات “رونو” التي تتوفر على مصنع في مدينة طنجة، والذين قالوا علناً، إن جودة اليد العاملة المغربية عالية ومحترفة، وتفوق بكثير ما هو موجود في دول أخرى. الشيء نفسه بالنسبة للشباب الذين تم تدريبهم للاشتغال في مصانع تركيب الطائرات، والذين أظهروا خلال عملهم احترافية عالية.
لدينا استراتيجية واسعة في مجال التكوين المهني، وهذه السنة تسجل 500 ألف شاب في مختلف المعاهد، ومع حلول عام 2020 سوف نصل إلى مليون منتسب. نعترف أننا لم نوفق كلياً في معالجة مشاكل التكوين، لكن قريباً سوف نخرج بمقاربة شاملة، أساسها أن العالم يتحرك، والتكوين المهني يجب أن يجدد كل سنة خدمة للابتكار.

*يعتقد كثيرون أن وزارة الشغل هي من توفر فرص العمل. ما هو دوركم الفعلي؟
داخل كل دولة هناك برنامج حكومي، وأنا كوزير أشتغل ضمن برنامج حكومة المغرب. ورغم أن الوزارة ليست من تُشغِّل، لكنها تعمل على الحد من البطالة، ومحاربة الهشاشة في سوق العمل، عبر الرفع من الحماية الاجتماعية، وإعداد استراتيجية وطنية للتشغيل، وتأهيل التشريعات المرتبطة بها. وكل هذه القضايا أنجزنا الكثير منها، وهناك مشروعان أساسيان تقدمنا بهما، أولا مسألة الضمان الاجتماعي، فقد انتقلنا من 1.5 مليون مصرح عنهم في سنة 2005 إلى أكثر من ثلاثة ملايين موظف مصرح عنه حالياً. وربحنا خلال الولاية الحكومية 500 ألف مسجل، وكل سنة نضيف ما بين 60 و70 ألف مسجل جديد. والمشروع الثاني، هو التعويض عن فقدان العمل، والمغرب من الدول النامية القليلة جداً التي اعتمدت هذا النظام. وفي جميع الحالات أؤكد أن هذا يبقى بعيداً عن الطموح، وسنعمل على أن نحقق كافة الالتزامات التي ينتظرها المغاربة من الوزارة.

*كيف سيتم التعويض عن فقدان الشغل؟
لا بد من الإشارة في البداية إلى أن هذا التعويض جاء تفعيلاً للبرنامج الحكومي الذي يهدف إلى تعزيز وتطوير آليات الحماية الاجتماعية للأجراء. وأخذنا في الاعتبار مقتضيات اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 حول الضمان الاجتماعي.
إن الهدف الاجتماعي الأساسي لهذا التعويض هو ضمان حد أدنى من الدخل للعامل الذي فقد شغله بطريقة مفاجئة، ووجد نفسه محروماً من أي مورد، مما سيجنبه الوقوع في الهشاشة والفقر. كما أن القانون ينص على عدم حرمان الأجير المستفيد من هذا التعويض من التغطية الصحية. فقبل وجود هذا القانون كان الشخص الذي يفقد عمله، يحرم بالإضافة إلى الأجر من التغطية الصحية. كما أن هذا النظام يهدف إلى مرافقة فاقد العمل من أجل إعادة إدماجه في سوق الشغل، وذلك عن طريق خضوعه للتكوين من طرف الوكالة الوطنية لإنعاشا التشغيل والكفاءات، ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، مما سيحد من تفاقم نسبة البطالة.
لقد تمت مناقشة ودراسة المشروع من طرف لجنة التسيير والدراسات للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأسفرت عن تحديد نسبة الاشتراكات بـ 0.57 % من الأجر الإجمالي (3/2 يدفعها المشغل و3/1 يدفعها الأجير) إضافة الى مساهمة الدولة.

*أثار موضوع إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب الكثير من الجدل. هل اقترب موعد تنفيذه؟
في ما يخص إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب، فإن السيناريوهات المقترحة من طرف الحكومة ورد فعل النقابات حول هذه الاقتراحات، تم عرضها خلال انعقاد اللجنة الوطنية بتاريخ 18 يونيو/حزيران 2014، تحت رئاسة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران.
وبعد التطرق إلى الحالة المالية المقلقة لنظام المعاشات المدنية الذي تتم إدارته من طرف الصندوق المغربي للتقاعد، والذي عرف عجزاً تقنياً، عرض رئيس الحكومة سيناريوهات الإصلاح المقياسي من أجل إصلاح عاجل لهذا النظام، والمتمثلة في الرفع من سن الإحالة على التقاعد، وحساب الراتب على أساس القيمة المحققة في السنوات الثماني الأخيرة من العمل، ومراجعة نسبة الاشتراكات.
من جانبها، عبّرت النقابات عن أنها مع إصلاح مستعجل لإنقاذ الصندوق المغربي للتقاعد، لكن شريطة ألا يكون ذلك على حساب الموظفين. وقد تم الاتفاق على موافاة النقابات رئيس الحكومة باقتراحاتها ووجهة نظرها المتعلقة بالإصلاح المقياسي لهذا النظام في مدة أقصاها شهر، وإدماج ملف الإصلاح الشامل لأنظمة التقاعد في المغرب في إطار الحوار الاجتماعي.

*يعلم قليلون أنكم من الأطر التي ساهمت في إعداد البرنامج الحكومي (البيان الوزاري) قبل تعيينكم كوزير في التعديل الحكومي الأخير. هل ما وضعتموه حُقق على أرض الواقع؟
سوف أتحدث عن مجال التشغيل. نحن على السكة الصحيحة، مع ذلك أتأسف لأن الوضعية الاقتصادية الصعبة لم تسعف المغرب للتخفيض بشكل كبير من معدل البطالة. علماً أن الجهة الوحيدة التي يخول لها إصدار الإحصائية في المغرب هي “المندوبية السامية للتخطيط” ونحن نحترمها ونأخذ بأرقامها. لم نصل إلى ما سطرناه، لكن هناك أمل كبير لتحقيق ذلك. وأود هنا الإشارة إلى مسألة مهمة، وهي أن المغرب حقق ثورة في مجال البنية التحتية، وأموال طائلة صرفت، وبرامج قوية وكبيرة حققت وأخرى في طور الإنجاز، وهذه المشاريع تدخل في إطار ما يسميه المفكر الاقتصادي “كينز”: بـ “المفاعيل الاستدراجية”، والتي تظهر نتائجها على المدى المتوسط والبعيد. وأنا مقتنع بأن كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وغيرها مشروطة بالعمل الكريم واللائق.

*ماذا يمكن أن يقول الوزير عبد السلام الصديقي، للشباب العربي والمغربي لتسهيل الحصول على فرصة عمل؟
ليست هنالك وصفة سحرية، والتحديات اليوم تفرض المزيد من الجهد، خاصة أمام المنافسة القوية التي أصبحت تشهدها سوق العمل. لكن أنصح الشباب في المغرب وجميع الدول العربية بتنويع التخصص الدراسي، وأنصحهم بتعلم اللغات والاجتهاد أكثر في التحصيل العلمي. الأكيد أن الجميع يبحث عن الكفاءات، والإدراك الجيد وامتلاك وسائل التخصص بوابة التوظيف.

سياسة التشغيل في المغرب 2015
يتضمن مخطط العمل لسنة 2015، فضلاً عن الشروع في تنفيذ الاستراتيجية الجديدة للتشغيل، مواصلة تنفيذ أهم البرامج لدعم سوق العمل التي تم إطلاقها في السنوات الأخيرة. حيث من المتوقع الوصول إلى 60 ألف مستفيد في إطار برنامج “إدماج”، و18 ألف مستفيد من برنامج “تأهيل”، ومواكبة 1500 حامل مشروع في إطار التشغيل الذاتي. وستتميز هذه السنة بإطلاق مرحلة تجريبية لبرنامج “مبادرة” الذي يفيد منه 200 شخص. وعرض القانون رقم 93-16 بشأن عقود التكوين- الإدماج للمصادقة. إضافة إلى تأهيل الإطار المعياري المتعلق بالصحة والسلامة في الشغل، طبقا للمعايير الدولية. فضلاً عن تفعيل مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية (مجلس يعنى بالسلامة الطبية والمهنية في مكان العمل)، وتعزيز الحقوق الأساسية والحوار الاجتماعي. وبالإضافة إلى ذلك ستتم مواصلة الجهود في مجال تطوير الضمان الاجتماعي، من خلال تعزيز الحكامة وتتبع منظومته. وكذا تنفيذ المخطط التشريعي المتعلق به، وبحوادث الشغل، وتوسيع التغطية الاجتماعية لفائدة فئات أخرى من العمال، وأيضاً تعزيز التغطية الاجتماعية للمغاربة المقيمين في الخارج. وسيواصل قانون المالية الجهود التي بذلت، خاصة على مستوى تحسين وتعزيز التدابير في إنعاش سوق العمل، وملاءمة التعليم مع متطلبات سوق العمل والشركات.

بطاقة: يشغل عبد السلام الصديقي المنتمي إلى حزب التقدم والاشتراكية، منصب وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية في الحكومة المغربية. من مواليد مدينة تازة سنة 1951. وعمل منذ سنة 1980 أستاذاً في التعليم العالي. حاصل على دكتوراه دولة في العلوم الاقتصادية من جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء سنة 1988

العربي الجديد

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت