حميد حنصالي
تلاسن إعلامي بدأ في أروقة الصحافة والفضائيات المصرية تعرض للمغرب بشكل مسيء غير مهني وغير أخلاقي وصولاً إلى تقارير إخبارية على القنوات التليفزيونية الرسمية المغربية تصف بأن ما حدث في مصر في يونيو2013 انقلابا على الشرعية وهو ما جعل الأمر يتجاوز حد التلاسن الإعلامي إلى بوادر تأزم سياسي بين بلدين لا تجمعهم تاريخياً عداوات تقليدية..
بدأ الأمر بتقارير إعلامية مقروءة ومرئية في الإعلام المصري خلال الشهور الأخيرة من العام الماضي تعرضت بشكل مسيء للمغرب، أشهرها بالطبع تصريحات المذيعة أماني الخياط، والتي أثارت رد فعل غاضب عند المغاربة ، مما أدى إلى وقف برنامجها وإنهاء عملها بقناة “أون تي في”. وقبل ذلك الاهتمام المفاجئ بقضية الصحراء المغربية، ونشر تقارير عن معسكرات “تندوف” بالجزائر التي يقطنها محتجزون صحرايون وقيادة جبهة البوليساريو والتي تزامنت مع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الجزائر، والتي اعتبرتها الرباط تعكس نية النظام الجديد دعم نفوذ الجزائر في شمال افريقيا على حساب المغرب، وهو استمرار للسلوك المصري منذ ستينيات القرن الماضي، حيث دعمت القاهرة الجزائر في صراعها ضد الرباط والذي كانت ذروته “حرب الرمال”.
أعادت زيارة السيسي للجزائر، كأول زيارة خارجية له بعد تولية الرئاسة ، للأذهان حقبة دعم مصر للجزائر ضد المغرب، وخاصة أن الزيارة أتت بموازاة حملة إعلامية في أكبر الصحف المصرية ألقت الضوء على قضية الصحراء المغربية ودعم إيجابي لجبهة البوليساريو. وتلا ذلك مرحلة من التلاسن الإعلامي في مصر كما ذكرنا في البداية، أرجعه البعض إلى موقف حكومة عبد الإله بنكيران من النظام المصري الجديد، حيث استبق بنكيران إلى وصف ما حدث في مصر بالانقلاب على الشرعية، وأن ذلك ينبع من كونه أمين عام لحزب العدالة والتنمية المغربي الحاكم، ذو الخلفية الإسلامية، في الوقت الذي يتضاءل فيه نفوذ الإخوان المسلمين والإسلام السياسي بشكل عام في المنطقة، ومع ملاحظة أن الملك محمد السادس قد وجه تهنئة إلى السيسي بعد انتخابه رئيسا لمصر إلا أن مبعوث المغرب في احتفال تنصيب السيسي لم يتجاوز التمثيل الدبلوماسي العادي، حيث لم يحضر رئيس الوزراء بنكيران وحل مكانه وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، الذي أعرب في لقاء لاحق جمعه بالسيسي عن استياء بلاده من الاهتمام الإعلامي المصري المتعاطف مع جبهة البوليساريو. ومن جهة أخرى سارع بنكيران إلى حضور حفل تنصيب رجب طيب أردوغان كرئيس لتركيا. وفي هذا السياق قد يفهم سبب الضجة الإعلامية التي خلفتها أخبار عن زيارة السيسي للمغرب التي كان من المزمع أن تكون في سبتمبر الماضي، حيث رفضت بعض وسائل الإعلام والهيئات الاجتماعية والأطر السياسية المحسوبة على حزب العدالة والتنمية زيارة السيسي للمغرب واصفة إياه بالانقلابي والغير شرعي.
واعتبر بعض المحللين أن تطوير العلاقات بين تركيا والمغرب يأتي كتقاطع مصلحي للبلدين فمن ناحية تخسر تركيا اخر حلفائها في شمال افريقيا متمثلاً في هزيمة حزب النهضة والمنصف المرزوقي، ومن ناحية أخرى يسعى المغرب لتوطيد علاقاته بدولة قوية في حوض البحر المتوسط تقيه خطر تكتل ممكن ضد مصلحته مكون من مصر والجزائر ، وخاصة فيما يتعلق بأزمة الصحراء المغربية وتدعيم جبهة البوليساريو والاعتراف بأحقية استقلال الصحراء .
في السياق نفسه فانه من غير المتوقع أن تتدهور العلاقات بين البلدين في إطارها الاعتيادي الدبلوماسي بالإضافة إلى عامل مهم اخر وهو أن حليف النظام المصري الجديد والداعم الأكبر له، السعودية تربطها علاقات جيدة بالمغرب، ليس فقط على مستوى دبلوماسي ولكن بشكل شخصي بين العائلتين الملكيتين، وهذا الاعتبار قد يكون له وزنه إذا تجاوز ما حدث مؤخراً بين الرباط والقاهرة حدود التلاسن الإعلامي. فيما يتبقى الاعتبار الأهم وبنظرة أكثر عمومية على منطقة شمال أفريقيا، والتي يعاد فيها ترتيب العلاقات بصخب أقل مما يحدث في الشرق، على أساس مواجهة نفوذ الإسلام السياسي من وجهة نظر مصرية، تتركز بالطبع في ليبيا، وتشارك مصر الجزائر في ضرورة مواجهة خطر الجماعات المتشددة، وصولاً إلى تعاون في مجالات اقتصادية مختلفة، وذلك بالإضافة إلى ميل تونس بعد فوز السبسي إلى التلاقي مع القاهرة والجزائر في الأمر نفسه وخاصة فيما يخص مكافحة الإرهاب.
ظ