رشيد لزرق
باحث جامعي
للأحزاب السياسية دور مهم في بناء الديمقراطية، باعتبارها عمادا من أعمدة تداول السلطة والتنشئة السياسية، فان فاعلية تلك الأحزاب وبقاءها وقدرتها على التنافسية على أداء وظائفها الديمقراطية مرهونة بقدرتها المالية، لكن هذا التمويل يجب أن يخضع لضوابط.
الفقرة الأولى: التجارب الدولية في تمويل الأحزاب السياسية
تعد الأحزاب السياسية أحد أهم قنوات المشاركة السياسية باعتبارها مسألة أساسية، فمساهمة الدولة في تمويل الحياة السياسية والحملة الانتخابية باتت اليوم في الأنظمة الديمقراطية مبنية على أساس دستوري.
1- التجربة السويدية
تعتبر السويد من الدول الأولى التي اتجهت لتمويل العام للانتخابات في إطار تنظيم الإنفاق الانتخابي وذلك في العام 1966، والذي استند إلى ثلاث قواعد أساسية:
– التمويل المقدّم إلى الأحزاب الجدية والتي تملك حضورا سياسيا حقيقيا.
– الدعم المالي بناء على طلب مُعلل من الحزب أو المرشح/ة.
– التمويل الانتخابي بشكل نسبي حسب الحجم البرلماني لكل من الكتل السياسية.
مع نجاح التجربة السويدية وتطور العملية الانتخابية، أخذت دول عدة بمفهوم التمويل العام، فبدأت ألمانيا منذ العام 1968 بتنظيم التمويل العام للحملات الانتخابية، فبالإضافة إلى التبرعات واشتراكات الأعضاء يحصل كل حزب على مبالغ محددة من الدولة، بحيث تُمنح التمويل لكل تنظيم يحصل على أكثر من 0.5% من الأصوات على الصعيد الوطني و 1% على صعيد انتخابات المناطق والمقاطعات.
2 .التجربة البريطانية
عملت بريطانيا إصدارقانون يقر بتمويل للحملة الانتخابية سنة 1984 الذي حدد مصروفات الحملة للحزب الواحد بمبلغ 100.000 جنيه إسترليني، بعد إثارة خطورة التمويل الأجنبي للحملة الانتخابية. ونتيجة إحساس أعضاء من حزب المحافظين سنة 1946م بتعاظم دور المال في الحياة السياسية، عقب ملاحظاتهم في نزوع الحزب إلى اختيار مرشحين ليس على أساس صفاتهم الذاتية بل على أساس مواردهم المالية، من خلال ترشيح الأثرياء ورجال الأعمال على حساب ذوي الكفاءات، لقي هذا المقترح دعما من منافسه السياسي الحزب الديمقراطي.
وفي إطار سعي المشرع البريطاني لتعزيز أخلاقيات العملية الانتخابية بشكل عام وتلك المتعلقة بالإنفاق الانتخابي بشكل خاص تم إحداث لجنة عُرفت باسم “مفوضية نولان”، التي صاغت معايير ثابتة قابلة للتطبيق والتعديل بشكل دائم مع تبدل الواقع الاقتصادي أو السياسي.
تحولت هذه المفوضية إلى لجنة دائمة عرفت باسم “مفوضية أصول التصرف في الحياة العامة” تتولى إصدار تقرير سنوي يحتوي على توصيات مستتبعة بملاحظات الحكومة. وقد ساهم عمل هذه المفوضية الاستشارية بدور أساسي في إصدار قانون سنة 2000 حول “الأحزاب السياسية والانتخابات والاستفتاءات”. كما ويُنظم هذا القانون معايير التبرعات وضرورة تسجيل الأحزاب، ويُلزم بمراقبة الانفاق الانتخابي المرتبط بالسقف المسموح به خلال كل استحقاق انتخابي
3 .التجربة الفرنسية
أما في فرنسا فقد جاء اعتمادها لمبدأ التمويل العمومي للحملات الانتخابية للأحزاب السياسية متأخرا مقارنة ببريطانيا، بحيث لم تكن هناك قواعد واضحة في مجال التمويل السياسي، مما كان يدفع الأحزاب السياسية لتمويل حملاتها الانتخابية بطرق غير مشروعة مخالفة بذلك القوانين الجاري بها العمل، وهذا ما دفع المشرع الفرنسي إلى تحديد سقف لهذا التمويل حتى لا تكون ميوعة في استعمال المال العام وبالتالي تهذيب سلوك المرشحين المتنافسين . حيث شهد القانون تطورا مند سنة 1988، باصدار قانون 11 مارس 1988، الذي يعد الأول ضمن سلسلة من القوانين، حددت نظام تمويل الأحزاب السياسية مع تحديد سقف للإنفاق الانتخابي وآلية مراقبة ذلك. وفي سنة 1990 صدر قانونين تولى تحديد آليات جديدة لمراقبة الإنفاق والتمويل الانتخابيين. و قانون يقضي بنشر أسماء الشخصيات المعنوية المُتبرعة كذلك نشر الحسابات المالية للأحزاب السياسية. في سنة 1995 صدر قانون مَنع هذه المرة التبرعات من قبل الشخصيات المعنوية العامة أو الخاصة كما خفّض من سقف الإنفاق الانتخابي ورفع من التمويل العام. وباتت عملية التصريح عن الذمة المالية للمرشحين الفائزين إجبارية بعد إن كانت اختيارية.
4 . التجربة الاسبانية
اتجه المشرع الاسباني إلى تغيير 1978 لقد اقر تمويل النفقات الانتخابية بقانون الصادر سنة 1987، عبر اعتماده ثلاث أوجه للتمويل العمومي للنفاقات الانتخابية وهي كالتالي:
– الدعم المالي المُقدم للأحزاب من أجل النشاطات العادية للحزب والتي تخضع لرقابة رسمية.
– الدعم المالي المُقدم للأحزاب بشكل نسبي حسب عدد أعضاء مجلس النواب التي حصل عليها الحزب وللأصوات التي حصل عليها.
– الدعم المالي الثابت للفرق البرلمانية والتي تُحدد بحد أدنى وعلى أساس عدد النواب في كل فريق.
و بذلك فالأحزاب السياسية يحدد التمويل العمومي للحملات الانتخابية بما يتناسب مع عدد الأصوات والمقاعد التي حصل عليها الحزب في أخر انتخابات تشريعية. بالإضافة للدعم العمومي خولها التشريع الاسباني إمكانية الحصول على الأموال من مصادر خاصة، سواء من أعضاها أو من الجهات المانحة الخاصة، ومن مداخيل وعواد الاستثمارات الخاصة، إلى جانب القروض المصرفية، كما أن الوصول للوسائل الإعلام العمومية مجاني لجميع المتنافسين.
5 . التجربة الايطالية
لم يقر المشرع الايطالي بتمويل العمومي الأحزاب السياسية إلا في سنة 1974، بموجب قانون رقم 1745 المؤرخ في 2 مايو 1975 المعروف ب ” مساهمة الدولة في تمويل الأحزاب السياسية “. حيث يضمن دفع الدولة للنفقات الانتخابية للمرشحين الممثلين في الغرفتين التشريعيتين مجلس النواب ومجلس الشيوخ والذي عرف توسعا ليشمل الانتخابات المحلية في ايطاليا وانتخابات البرلمان الأوروبي . وهذا القانون نفسه كان يمنح إعتمادات ملحقة للفرق البرلمانية، وكان يقصد بها مساهمة في أنشطة تقوم بها. عرف قانون تمويل الأحزاب السياسية العديد من التعديلات تم إدخالها عليه بموجب القانون رقم 659 المؤرخ في 18 يونيو 1981 والقانون رقم 413 المؤرخ في 8 غشت 1985 تتعلق بالتسيير العادي لعمل الحزبي. خدع القانون 1974 لاستفتاء تم إجراءه بناء على مقترح الحزب الراديكالي، رمى من وراءه إلغاء قانون 1974 لكنه محاولته هذه باءت بالفشل. وبالمقابل فان استفتاء 11 ابريل 1993 ألغى تمويل الفرق البرلمانية بعد تصويت 90,1% من الناخبين . وبقي فقد الدعم المتعلق بدفع النفقات الانتخابية.و تاليا، فان الشكل الوحيد من المساهمات الذي بقيت هي المتعلقة بدفع النفقات الانتخابية.
غير ان الوضع المالي الكارثي للأحزاب أجبر المشرع على معاودة النظر في الدعم المالي معتمدا قانون سنة 1997 المؤرخ في 2 يناير الذي يخلط آلية ” للمساهمة الطوعية” التي تسمح لكل مكلف بالضريبة، لدى تقديمه تصريحه لدى إدارة الضرائب، ان يخصص 0,4% من ضريبة على الدخل المترتبة عليه لتمويل الأحزاب السياسية . ان الشروط المفوض للحصول على التمويل الاختياري لأحد الأحزاب السياسية هو ان يكون له على الأقل ممثل واحد ف مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ . وبناء على التصريح التي يقدمها المنتخبون في البرلمان بالانضمام الى الحزب أو ذلك. يقوم الخزان العام ووزير المالية بتحديد المبلغ الواجب توزيعه من المبلغ الإجمالي بالمتبرع به. بالنسبة الى عدد الأصوات المحصل عليها اللوائح في أخر انتخابات مجلس النواب. ومع إصلاح 21 مايو 2002، عرف تحسن في النفقات الانتخابية.
التمويل العام للأحزاب السياسية في ايطاليا هو تمويل اختياري يتم على أساس على رغبة المكلفين، وهو نظام يختلف عن النظام المغربي ومع ذلك تلقى الدعم العمومي للأحزاب السياسية العديد من انتقادات لاتساع دائر الرافض للتمويل الأحزاب السياسية. لذلك جاء استفتاء 1993 لإلغاء الدعم العام المباشر .
الفقرة الثانية: التجربة المغربية في تمويل الأحزاب السياسية
لان التجربة المغربية عرفت تراكما كميا في تمويل الأحزاب السياسية من فترة كان المشرع يحضر على الأحزاب السياسية الاستفادة من الدعم العمومي إلى مرحلة تم إقرار الدعم العمومية بشكل يتيح للدولة مراقبة نزاهة الانتخابات في جميع مراحلها . كما أن المعايير الصارمة ضرورية لضبط العملية الانتخابية وأثرها في المجتمع. ومن ضروري وضع سياسة للتمويل السياسي، وسن القوانين الواضحة والمفهومة.
1. منع الدعم العمومي للأحزاب السياسية
أما في المغرب فقد نص ظهير الحريات العامة المؤرخ بتاريخ 15نونبر 1958، على منع الكلي لتمويل الأحزاب السياسية من الدولة، عبر تنصيصه في الفصل 18 على أنه “لا يمكن للأحزاب السياسية والجمعيات ذات الصبغة السياسية إن تتسلم بصفة مباشرة أو غير مباشرة إعانات من الدولة او البلديات أو جماعات عمومية أو من المكاتب والمؤسسات العمومية”.
هذا التوجه عرف تحولا من خلال رسالة الملكية للوزير الأول سنة 1986، تم حثه على تخصيص عشرين مليون درهم سنويا لدعم الصحافة الوطنية ومساعدة الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية، وذلك استجابة لملتمس قدمته لجنة الداخلية والإعلام بمجلس النواب.
وجاء قرار ملكي بموجبه تم إقرار الدعم المالي الموجه للوزير الأول،حيث جاء في : ” وسعيا لما نرغب فيه أوثق الرغبة، ونحرص عليه أشد الحرص من جعل هيئاتنا السياسية ومنظماتنا النقابية قادرة على تذليل العقبات واجتياز الصعوبات المادية، واستجابة منا للالتماس الذي أعرب عنه أعضاء لجنتي الداخلية والإعلام بمجلس النواب، فإننا نأمرك برصد سنويا في إطار القانون المالي ابتداء من سنة 1987 مبلغ عشرين مليونا من الدراهم يكون خاصا بدعم الصحافة الوطنية وإعانة الهيئات السياسية والمنظمات النقابية على ممارسة الدور الموكول إليها بحكم دستور مملكتنا “.
و بموجب هذه الرسالة تم التنصيص في قانون المالية لسنة 1987 على تخصيص مبالغ مالية لتمويل الأحزاب السياسية، فتم تعديل الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في نونبر 1958 بتنظيم حق تأسيس الجمعيات والذي عرف تعديلا بموجب مرسوم قانون رقم 2.92.719 صادر في 28 سبتمبر؛1992في الفصلين 18 و32. بعد الذي نص على تخصيص دعم مالي للأحزاب لتمويل حملاتها الانتخابية، بموجب مرسوم نص على أنه “على الأحزاب السياسية والجمعيات ذات الطابع السياسي الذي نص على أنه “على الأحزاب السياسية والجمعيات ذات الطابع السياسي التي تتلقى إعانة من طرف الدولة، خصوصا في صورة مساهمات في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها بمناسبة الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية، أو في صورة معونة للصحف التي تصدرها، أن تثبت في المواعيد وفق الإجراءات التي تحددها الحكومة أن المبالغ التي تتلقها قد صرفت الأغراض التي منحت من أجلها”
تم تقسيم الدعم المالي إلى صنفين:
الصنف الأول: من التمويل يتعلق بالدعم الرسمي للأحزاب المحدد بموجب المادتين 18 و32 من ظهير نونبر 1958.
الصنف الثاني: من التمويل يتعلق بتمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية بالانتخابات العامة والتشريعية.
2- تنظيم الدعم العمومي للأحزاب السياسية.
لقد شكل تمويل الأحزاب السياسية أحد مطالب أحزاب الحركة الوطنية منذ سنة 1992، كمدخل من مداخل الإصلاح السياسي، بعد حكومة التناوب التوافقي تم إقرار قانون للأحزاب السياسية رقم 04-36 الصادر سنة 2002 والذي خصص بابا خاصا لتمويل الأحزاب السياسية، يضم 13 مادة تنظم نوعية الموارد والدعم العمومي ونسبتها وموانع التمويل الداخلي والخارجي وكيفية الصرف وأوجه مسك الحسابات ومراقبتها… ويعد دستور 2011 مسارا في مجال التطوير التشريعي للمؤسسة الحزبية، حيث تم تخصيص الفصل 7 والذي جعل الفعل الحزبي كنشاط مرفقي يساهم في تأطير الشعب والمشاركة في الاقتراع العام كمرفق عام من ضمن المرافق العامة، أو مهمة للصالح العام ، وبالتالي أن تمويله يشكل عنصرا من العناصر التي سنها الدستور، كما أن الدولة بصفتها ضامنة للحريات ومن بينها حرية تكوين أحزاب والمشاركة في الانتخابات يتعين عليها ضمان أدنى حد من الموارد المالية لهذه الأحزاب. حتى تطلع الهيئات السياسية بممارسة أنشطتها بكامل الحرية .
– مراقبة تمويل الأحزاب السياسية.
إن منح الأحزاب السياسية الدعم العمومي يستلزم آليات الرقابة، حيث الزم المشرع المغربي الأحزاب السياسة بتقديم التقارير المالية والكشف عن النفقات التي صرفت والتبرعات والمساهمات النقدية المقدمة لها.
إن إقرار الدعم العمومي للأحزاب السياسية في ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات في الفصل 32 نص على لجنة تقوم بمهمة فحص المستندات الإثباتية المدلى بها من قبل الأحزاب السياسية للتأكد من أوجه صرف الدعم العمومي وتتكون من:
• رئيس اللجنة (و هو أحد خلفاء المجلس الأعلى) للحسابات يعينه رئيس هذا المجلس؛
• رئيس غرفة بالمجلس الأعلى يعينه وزير العدل؛
• ممثل وزارة الداخلية؛
• مفتش للمالية يعينه وزير المالية؛
ألزم المرسوم رقم 2-93-3 الأحزاب السياسية التي تلقت إعانات من الدولة أن تدلي بإثبات استخدامها لإعانة الدولة في الأغراض التي مُنحت من أجلها، بفاتورات أو اتفاقيات أو بيانات أتعاب أو أي مستندات أخرى موقعة من طرف الموردين ومشهود بصحتها من طرف الأحزاب السياسية، على أن توجه هذه المستندات وفق المادة 3 من نفس المرسوم إلى اللجنة المنصوص عليها في الفصل 32 الذي سبق الإشارة إليه.
– المجلس الأعلى للحسابات والإشراف على تدقيق في التقارير والوثائق المالية
يعمل المجلس الأعلى للحسابات على الإشراف على الحملة والتدقيق في التقارير المالية بموجب الدستور، باعتباره مؤسسة دستورية مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية مما يجعله يتمتع بالحياد وبميزانية مستقلة. وذلك بموجب الفصل 147 من دستور 2011، تدقيق حسابات الأحزاب السياسية، المشار إليه في المادة التنظيمي، وكذا فحص صحة نفقاتها برسم الدعم المشار إليه في المادة 32 من قانون الأحزاب السياسية، ولهذه الغاية، توجه الأحزاب السياسية للمجلس الأعلى للحسابات، في 31 مارس من كل سنة على أبعد تقدير بجردا مرفق بمستندات إثبات النفقات المنجزة برسم السنة المالية المنصرمة وجميع الوثائق المتعلقة بالحساب السنوي، مرفقا بمستندات إثبات صرف النفقات المنجزة برسم السنة المالية المنصرمة، وبجمع الوثائق المتعلقة بالحسابات.
كما خول للمجلس الأعلى عند تخلف الأحزاب السياسية عن تقديم المستندات والوثائق المشار إليها في قانون الأحزاب في الآجال المقررة، ضرورة انذار المسؤول الوطني عن الحزب المعني إندارا من اجل تسوية وضعية الحزب خلال ثلاثين يوما، وإذا لم يقدم الحزب بتسوية وضعيته بعد انصرام هذا الأجل، فانه يفقد حقه في الاستفادة من الدعم السنوي المشار إليه في المادة 32 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، برسم السنة الموالية، دون الإخلال باتخاذ التدابير والمتابعات المقررة في القوانين الجاري بها العمل. كما منح القانون الحق الاطلاع لكل ذي مصلحة على الوثائق والمستندات مع إمكانية نسخها على نفقته، كما أن كل حزب لا يعقد مؤتمراته بصفة دورية كل أربع سنوات، يحرم من حقه في الاستفادة من التمويل العمومي.
يتولى المجلس الأعلى للحسابات فحص المستندات الإثبات المتعلق بصرف المبالغ الذي سلمها كل حزب معني برسم مساهمة الدولة في تمويل حملاته الانتخابية، وإذا تبين للمجلس الأعلى للحسابات بان المستندات المدلى بها من لدن حزب سياسي في شان استعمال مبلغ مساهمة الدولة الممنوح برسم حملاته الانتخابية لا تبرر، جزئيا أو كليا، استعمال المبلغ الذكور طبقا للغايات التي منح من اجلها أو إذا لم يدل بمستندات والوثائق المثبتة المطلوبة، يوجه الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إلى المسؤول الوطني عن الحزب إنذار من اجل إرجاع المبلغ المذكور إلى الخزينة أو تسوية وضعية الحزب خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإنذار. وإذا لم يقم الحزب المعني بالاستجابة لإنذار الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات داخل الأجل المحدد قانونا، يفقد الحزب حقه في الاستفادة من الدعم السنوي إلى حين تسوية وضعيته تجاه الخزينة، دون الإخلال باتخاذ التدابير والمتابعات المقررة في القوانين الجاري بها العمل.
ج-نتائج تقرير المجلس الأعلى للحسابات
أظهر تقرير المجلس الحسابات أهمية التمويل العمومي، الذي بات يشكل المصدر الأساسي لتمويل الأحزاب السياسية خلال سنة 2011، حيث شكل (88%) من مجموع مواردها، وفق ذات التقرير بلغ مجموع أصول الأحزاب السياسية ما قدره 259.82 مليون درهم، أي بنسبة (48%) من مجموع الأصول المصرح بها؛ وقد مثلت الأرضي ما يفوق 38% من مجموع الأصول الثابتة، فيما لم يسجل حساب الحقوق المالية الملحقة بالأصول سوى (7%) من الأصول الثابتة للأحزاب، برسم سنة 2011. وشكلت حسابات الأصول المتداولة (موردون، مدينون، مستخدمون، حسابات التسوية بالأصول…) نسبة تقارب 27% من مجموع الأصول، وسجل حساب ” المديونية الآخرون” نسبة تجاوزت (%24) من مجموع الأصول المتداولة، فيما سجلت حسابات الخزينة، (خاصة حسابات البنوك) نسبة (17%) من مجموع الأصول الأحزاب المعنية، بمبلغ 44.93 مليون درهم. أما حسابات الخصوم، فشكلت على الخصوص من رؤوس الأموال الذاتية بمبلغ 173 مليون درهم بنسبة تجاوزت (%66) من مجموع خصوم هذه الأحزاب، وقد بلغت العائدات الإجمالية للأحزاب السياسية التي أدلت بحساباتها برسم السنة المالية 2011، حسب العائدات والتكاليف 169.16 مليون درهم. أما التكليف الإجمالية بلغت ما قدره 203 مليون درهم.ن تقرير المجلس الأعلى للحسابات كشف العديد من الملاحظات.
الملاحظة الأولى: هيمنة ثمانية أحزاب على ما يقرب نصف الدعم السنوي الممنوح من طرف الدولة سنة 2011، ويتعلق الأمر بحزب الاستقلال، حزب الأصالة والمعاصرة، حزب التجمع الوطني للأحرار ؛ حزب الحركة الشعبية ؛ حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ؛ حزب العدالة والتنمية ؛ حزب الاتحاد الدستوري، وحزب التقدم والاشتراكية.
الملاحظ الثانية: رغم أن القانون يفرض على الأحزاب تقديم تصريح بمصاريف الحملة الانتخابية، فقد تباين التعاطي مع هذا الإجراء القانوني فمن أصل 29 مستفيد من دعم الحملة الانتخابية،فلم تحترم الأجل القانون سوى الأجل سوى 18 حزب، فيما أوضح التقرير إن فئة من الأحزاب قدمت التصريح بمصاريف حملتها الانتخابية خارج الأجل القانوني في ثمانية أحزاب، أما الفئة الثالثة من الأحزاب لم تدلي بتصريحها بخصوص الحملة الانتخابية .
الملاحظة الثالثة: كما أن هناك عدد كبير من المرشحين للانتخابات التشريعية لم يصرحوا بمصاريف حملاتهم الانتخابية إلى المجلس الأعلى للحسابات فلم تتجاوز نسبة الإيداع 38,78% فيما يخص احترام الأجل لإيداع التصاريح، فقد بلغت 96%، كما أشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات بكون التصاريح المودع لم تسفر عن اي تجاوز لسقف المصاريف المحددة في 350 ألف درهم بالنسبة لكل كترشح . أسفرت عملية فحص الوثائق المتعلق بالمصاريف الحملات الانتخابية، وجود مبالغ غير مبرر بشكل كافي بنسبة 52% من المبلغ الإجمالي المصرح به. كما سجل التقرير في إطار عملية مراقبة الوثائق المقدمة من طرف، مجموعة من الملاحظات، لخصها في عدم تضمين التصاريح المدلى بها إلى المجلس، معلومات مفصلة حول مصادر تمويل الحملات الانتخابية للمترشحين.
من المعول عليه أن يؤدي المجتمع المدني دورا هاما في الحث على إعمال القانون وكشف المخالفات. كما تستطيع المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام جمع المعلومات ونشر قوانين التمويل السياسي وفضح الانتهاكات المرتكبة في أثناء العملية الانتخابية من قبل المرشحين.