فوزية البيض تكتب حول السجون والتامك يرد عليها ..

فوزية البيض تكتب حول السجون والتامك يرد عليها ..

- ‎فيرأي
366
0
د. فوزية البيض.البيض والتامك
 
بمناسبة انعقاد المنتدى العالمي لحقوق الانسان بمراكش، نكاتبكم السيد محمد صالح التامك لنبارك لكم أولا على الثقة المولوية الي حضيتم بها بتعيينكم مندوبا عاما لإدارة السجون بعد فراغ دام أكثر من أربعة أشهر. وثانيا لكي نذكركم أنه لكي لا يقال أن سياسة المندوبية لا ولن تتغير بتغيير المسؤولين، نأمل السيد المندوب انطلاقا من مساركم، حنكتهم وتجربتكم المهنية، أن يعرف هذا القطاع العصي على الإصلاح على أيديكم وفي عهدكم وجها مشرقا، وأن نسمع عن هيكلة جديدة تساعدكم على تنزيل إستراتيجيتكم وفق مشروع من الفروض أن تكونوا تحملونه، وتصور يشتغل بمنظور إصلاح بيئة السجن، بمعايير أنسنة تقديم الخدمات والأداء التسلسلي وفق وحدات تحدد فيها المسؤوليات. تصور لا يخص فقط التسييرالإدراي والمؤسساتي بمقاربة أمنية، بل وفق رؤيا جديدة متعددة المتدخلين، تطبقون فيها سياسة ردعية تربوية لمحاربة الإجرام والإنحراف والعود.لأنه إذا كانت العقوبة هي رد فعل إجتماعي، فإن فلسفة العقاب ليست جزاء ولا إنتقاما.  
 
يجب أن لا تلهيكم المشاكل التي تدور رحاها في بعض السجون مثل العادير وبومهراز وعكاشة عن بعض الاختلالات التي كانت  تزكم رائحتها الأنوف. ننتظر أن يدشن عهدكم تطهير الإدارة السجنية من بعض مظاهر الفساد، من الممارسات التي لا تمت بصلة للمهنية ومن بعض سلوكات الشطط في استعمال السلطة في بعض المديريات الجهوية والمؤسسات السجنية. أن تجددوا الدماء وتفرضوا الالتزام بالقانون المنظم لإدارة السجون رغم ما يشوبه من اختلالات تفرض مراجعة شاملة له. وان تضعوا في مناصب المسؤولية شبابا مشبعا بثقافة القانون و حقوق الإنسان، وفق الإستحقاق والكفاءة٠ أن تشكروا المتقاعدين والمعزولين الآتين من قطاعات أخرى على الخدمات التي أسدوها للوطن وان تجعلوا من خبراءهم الشرفاء مجلسا للحكامة. 
 
من أجل مردودية أحسن للموظفين، نريد منكم إعادة الإعتبار إليهم وذلك بالنظر في نظامهم الأساسي وفق سلم تقييم يقارب سلم موظفي الأمن الوطني كإلتفاتة لأوضاعهم الإجتماعية و الإقتصادية. كما أن الإفراج عن التعويض الخاص بالسكن سيعمل على الرفع من الدعم المعنوي الذي يجب أن يصاحبه تعويض عن الاخطار وتحفيز مادي على النزاهة وحسن الأداء، لإغنائهم عن إيتاوات القفف، ولو أننا نتمنى إلغاء القفة لما يصاحبها من مشاكل، ومن إدخال للممنوعات وللمخدرات التي تصبح عملة في مؤسسة من المفروض فيها تقويم الإعوجاجات.
 
إن أي إهتمام بنفسية الموظف بغية عدم تركه تحت ضغوط الإغراءات، هدفه هو أن لا يصبح جلادا يتلذذ ويتفنن في تطبيق عقوبة أخرى على السجين المواطن الكائن الإنسان. أنتم تعرفون مرارة الحبس، لذا نطلب منكم أن تولوا عناية خاصة بالسجينة الأم والأطفال المرافقون لها، أن تمنعوا الترحيل التعسفي، أن توفروا الحماية للنزلاء أصحاب الشكايات، وتضمنوا إحالتها على النيابة العامة. أن تعملوا على ضمان زنازن انفرادية لكل للمحكومين بعقوبة الإعدام، أن تحسنوا من ظروف عيشهم وأن تراعوا أحوالهم النفسية، خاصة وأن تقارير تتحدث عن معاناة مجموعة من المدانين في مايسمى بجناح الموت حيث كانت تظهر عليهم إضطرابات وأعراض المرض خلال المحاكمة، لكنهم لم يخضعوا لإجراءات الخبرة الطبية.
 
نطلب منكم الوقوف على مباريات تعيين المسؤولين على رأس المصالح، أي التدقيق في التوظيفات لضبط بعض الخروقات، وفي خريطة الفائض والخصاص والأقسام الشاغرة بالسجون. أي أن تقوموا بتخليق الوسط السجني. نتمنى أن تجعلوا من السجن في المغرب مؤسسة تشتغل ببرنامج لإعادة التأهيل والإدماج، لكي لا تكون محضنة لتفريخ الإدمان وعدوى الإجرام. أن تدعموا إشتغال المعتقلين والعمل على الرفع من مستوى تكوينهم تهييئا لولوجهم لسوق الشغل، وأن يستفيذ اللذين يزاولون عملا من المقتضيات التنظيمية لقانون الشغل.
 
إرساء لمبادئ الحكامة، نطلب منكم أن تسعوا الى العمل بنظام التصنيف، أن تضعوا حدا لموت السجناء نتيجة الإهمال و إن وقع أن تفتحوا تحقيقات في ذلك. أن تفرضوا فصل السجناء المصابين بأمراض معدية وبأمراض عقلية عن الأصحاء، أن تسعوا جاهدين الى حماية المسجونين من بعضهم من الأمراض المنقولة جنسيا، وأن يكون لكل واحد منهم ملفا طبيا. أن توفروا بواسطة شراكات بكل سجن مركزا أو قسما لحماية الإدمان لتهيئة الإفراج، وأطباء للمصاحبة النفسية لمحاربة حالات العود وللإستعداد للإندماج في المجتمع.   
 
أن تقوموا بترشيد الوعاء العقاري، أن تسعوا الى توفير غلاف الكلفة ونهج سياسة الاكتفاء الذاتي عبر منتوجات السجن الزراعي، أن تجعلوا بعض السجون مفتوحة لبعض الفئات٠ أن تنظروا من حال المعتقلين البعيدين عن أسرهم، أن تفتحوا أبوابكم للمجتمع المدني، أن تفسحوا المجال للتكوين لكل الفئات وللمعتقلين الطلبة لمتابعة تعليميهم دون استثناء وأن تسهلوا لهم دخول الأساتذة، الكتب والمقررات الدراسية، و أن تضمنوا للجميع الحق في إجتياز الإمتحانات. 
 
لا نريد فقط إنجازات إسمنتية، ننتظر أن نرى بصمتكم الحقوقية في إصلاح وضعية السجون على طول خريطة المغرب، وأن تنعكس على مستوى تحسين الإيواء، التغذية، الرعاية الصحية، وإيجاد حلول ناجعة لمشاكل تفشي المحسوبية وظواهرالرشوة وبيع المخدرات. وكذا توفير جميع الآليات من أجل ضمان الحق في السلامة الجسدية والنفسية، منع التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة والماسة بالسلامة الجسمية والحاطة بالكرامة. أي أننا نطالبكم بفرض احترام القواعد النموذجية لمعاملة السجناء ومنع تقديم خدمات تفضيلية لفئة دون أخرى، وفاءا للمقررات الصادرة عن الأمم المتحدة. كل هاته الإجراءات ليست ترفا بل تلزمكم كمسؤول عن قطاع عمومي، وتندرج في ضمان حقوق السجين لتهييء الإفراج والإندماج. 
 
كما على الحكومة، في شخص السيد وزير العدل، أن تسهر على تنزيل توصيات الحوار الوطني من أجل إصلاح منظومة العدالة بدءا باستعجالية خلق عقوبات بديلة وتدبيرالاعتقال الإحتياطي الذي يساهم في معضلة الاكتضاض، لتخفيف العبء على قطاع ميزانيته لا تواكب التكدس المهين للسجناء.  
 
من أجل حكامة مالية لا تنسوا أن تغلقوا نوافذ التبدير و حنفيات التسيب، وأن تراجعوا ميزانية بناء مقرات بعض المندوبيات والمؤسسات السجنية الجديدة والتدقيق في المشاريع المنجزة، وتشديد الرقابة على تفويت الصفقات العمومية المتعلقة بالبناء و بمواد تغذية المعتقلين، تسليمها وآليات تخزينها واستعمالها.
 
اذا كانت المهمة التي أوكلت إليكم من طرف صاحب الجلالة هي التدبير والتسيير المحكم، فإن المهمة التي تجمعنا وإياكم هي المساهمة في الوعي بأن إكراهات الإدارة المؤسساتية يجب أن لا تنسينا مراقبة عملكم، والعمل سويا من أجل إرساء ثقافة حقوق الإنسان والمساهمة في بناء القيم الإنسانية الكونية المشتركة. كلنا مسؤولون على إنضاج التقارب بين قوانينا وسياستنا العقابية التي تنتظر إعادة النظر بآفاق وبعمق يوافق مضامين الدستور، والاتفاقيات الدولية، والسياسات الجنائية المنخرطة في نظام تعددي مختلف الروافد تخطط لما بعد قضاء العقوبة. كلنا نسعى الى الحفاظ على مكتسبات المغرب الحقوقي، ونطمح إلى السير سويا نحو مسار تصاعدي مفتوحة آفاقه على تكريس الإصلاح في كل السياسات العمومية.
التامكمحمد صالح التامك يرد على مقال البرلمانية فوزية البيض عن الفريق الدستوري

السيدة الفاضلة،

لا يسع المندوبية العامة إلا أن تحييك على غيرتك الوطنية، إذ تعتبر غيرتك على هذا القطاع أحد تجلياتها. وإذ تتقدم لكم بخالص الشكر والامتنان على مقاسمتكم لها لأفكاركم النيرة حول عدد من النقط التي تدخل في صميم توجهاتها، لا بد أن نضعكم في الصورة من خلال عرض الخطوط العريضة لما يتم القيام به، وما سيتم القيام به مستقبلا.

سعيا منها نحو تطوير الأوضاع داخل المؤسسات السجنية، سطرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج استراتيجية عمل متكاملة، اعتمدت في بلورتها على التوجيهات الملكية السامية كإطار مرجعي لها، والمقتضيات الدستورية، وكذا توجهات البرنامج الحكومي، فضلا عن تفعيل النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة بتدبير قطاع السجون.

وقد ارتكزت في ذلك على نهج قائم على تحديد الأهداف والإجراءات، وعلى مؤشرات القياس وآجال التنفيذ، مع تحديد دقيق للمسؤوليات عبر تعاقد داخلي بين المصالح المركزية والمديريات الجهوية والمؤسسات السجنية، وكذا من خلال دعم المقاربة التشاركية القائمة على تدبير وتنفيذ مختلف البرامج، عن طريق تفعيل اللجنة الوزارية المشتركة التي تضم مختلف القطاعات الحكومية المعنية بالقطاع السجني في بلادنا.

وقد انصبت المحاور الأساسية لاستراتيجية عمل المندوبية العامة على أربعة ركائز أساسية، تتمثل في أنسنة ظروف الاعتقال، وتهيئ المعتقلين لإعادة الإدماج، والحفاظ على سلامة وأمن السجناء، فضلا عن تحديث الإدارة وتعزيز إجراءات الحكامة المرتبطة بالتسيير.

وفيما يخص المحور المتعلق بأنسنة ظروف الاعتقال، فقد شكل هذا المحور واحدا من الأولويات الكبرى لعمل المندوبية العامة، وذلك من منطلق إيمانها العميق بكون السجين لا تفقده العقوبة السالبة للحرية مواطنته وكرامته الإنسانية. وعلى هذا الأساس، تسعى المندوبية العامة جاهدة إلى تكريس البعد الإنساني في دور المؤسسات السجنية، من خلال العمل المتواصل على تحسين مختلف جوانب الحياة داخل السجن، سواء تعلق الأمر بالمعاملة الإنسانية للسجناء، أو بتحسين ظروف الإيواء والإقامة، والرفع من جودة التغذية، وتحسين مستوى الرعاية الصحية والنظافة.

وبناء عليه، تحرص المندوبية العامة على توعية السجناء بمجرد إيداعهم بالمؤسسة السجنية بحقوقهم وواجباتهم، عبر توزيع دليل السجين، كما تحرص على ضمان حق كل واحد من السجناء في التشكي، عبر إحداث مكتب مركزي لتلقي ومعالجة الشكايات، حيث تحرص المندوبية العامة على معالجة جميع الشكايات الواردة عليها والتي بلغ عددها 2677 شكاية إلى غاية متم شهر شتنبر 2014، حيث يتم إجراء الأبحاث الضرورية وإيجاد الحلول المناسبة وفقاَ للقانون، مع توجيه أجوبة للمعنيين بالأمر قصد إخبارهم بمآل شكاياتهم.

كما تحرص المندوبية العامة أشد الحرص على احترام كرامة السجناء وحقوقهم، وهو ما يترجمه التعامل الإيجابي مع زيارات وفود المجالس الجهوية لحقوق الإنسان لمختلف المؤسسات السجنية، وتكثيف المراقبة والتفتيش للتحقق من مدى احترام مسطرة تأديب السجناء، علما أنه سيتم في هذا الصدد إعداد دليل مرجعي لتوحيد معايير تطبيق التدابير التأديبية في جميع المؤسسات السجنية، مع تكريس الانفتاح والتواصل المستمرين مع الجمعيات والهيئات الحقوقية والمجتمع المدني، لتسوية بعض المشاكل اليومية المرتبطة بوضعية السجناء في إطار قانوني وإنساني.

أما على صعيد جهود تحسين ظروف الإيواء، فإن هذه الأخيرة تصطدم بظاهرة الاكتظاظ التي تؤثر بشكل ملحوظ على ظروف إيواء السجناء وعلى مختلف الخدمات المقدمة لهم، ومنها التغذية والتطبيب، وبرامج التأهيل، والزيارة، حيث إن أغلب السجون المغربية تعاني من ارتفاع نسبة الاكتظاظ الذي تتجاوز في بعض المؤسسات السجنية 300 في المائة من الطاقة الاستيعابية الفعلية (كالسجن المحلي بمراكش، والسجن المحلي بسلا… ).

وترجع أسباب هذه الظاهرة بالأساس إلى الارتفاع المطرد للساكنة السجنية، والتي يبلغ عددها حاليا أزيد من 70.000 سجينا، حيث تشكل نسبة الاحتياطيين منهم 49%، علما أن الطاقة الإيوائية للمؤسسات السجنية لا تتجاوز حاليا 48.000 سريرا على أساس 3 أمتار مربعة فقط لكل سجين، أي أن العجز في عدد الأسرة يتجاوز 22.000 سرير.

ولمواجهة هذه الإشكالية التي ترتبط أساسا بالسياسة الجنائية، تعمل المندوبية العامة في حدود الإمكانيات المتاحة على الرفع من الطاقة الإيوائية للمؤسسات السجنية، بهدف توفير سرير لكل سجين بمساحة ثلاثة أمتار مربعة في أفق سنة 2020، وذلك من خلال تسريع وتيرة بناء عدد من المؤسسات السجنية الجديدة، وتعويض السجون القديمة بأخرى حديثة بمواصفات حديثة تحترم المعايير الدولية.

تحسين ظروف الاعتقال يترجم أيضا من خلال سهر المندوبية العامة على تحسين مستوى الرعاية الصحية التي يتلقاها النزلاء، إذ ورغم محدودية الإمكانيات المرصودة، حيث لا يتعدى المعدل طبيب واحد لكل 730 نزيل، إلا أن نسبة الوفيات داخل المؤسسات السجنية على سبيل المثال تبقى أقل بأربع مرات من مثيلتها في صفوف عموم المواطنين، كما أن فرص النزلاء في الاستفادة من فحوص طبية تفوق فرص باقي المواطنين بخمس مرات.

ووعيا منها بأهمية المواكبة الصحية للمعتقلين، فإن المندوبية العامة وضعت استراتيجية للرفع من مستوى التأطير الطبي بحلول سنة 2018، مع العمل على تزويد جميع المؤسسات السجنية بأخصائيين نفسانيين لتجاوز الصعوبات المطروحة في تنفيذ برامج الرعاية النفسية للنزلاء، وذلك بتنسيق تام مع مصالح وزارة الصحة.

المحور الأخير في الاستراتيجية الشاملة للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، يتمثل في تحسين جودة التغذية المقدمة للنزلاء، حيث لا يتعدى المبلغ المخصص لتغذية كل سجين 11 درهما يوميا، بسبب تراجع المخصصات المالية مقابل ارتفاع عدد الساكنة السجنية. وفي سبيل تجاوز هذا المعطى السلبي، فإن المندوبية العامة بصدد اتخاذ الإجراءات اللازمة للإسناد التدريجي لتدبير تغذية السجناء للقطاع الخاص بهدف الرفع من جودة الوجبات الغذائية وتحسين طرق توزيعها، وكذا من أجل المساهمة في تكوين السجناء في مجال الطبخ في أفق إدماجهم في سوق الشغل بعد الإفراج عنهم، والتقليص التدريجي من عدد القفف التي يتوصل بها النزلاء، من أجل تعبئة الموظفين المجندين لتفتيش القفف (مليوني قفة سنويا) لتكليفهم بمهام أخرى ذات أولوية.

إذا كانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج حريصة على توفير الشروط الإنسانية لإقامة كل السجناء، فإنها حريصة أكثر على العمل على تهييئهم لإعادة الاندماج في المجتمع بعد قضائهم لعقوبتهم السجنية، تماشيا مع الاختصاصات المسندة إليها. وتعمل المندوبية العامة على ملاءمة البرامج المعتمدة لخصوصية الفئات المستهدفة من الساكنة السجنية، وذلك عبر تنويع البرامج لضمان استفادة أكبر عدد من النزلاء، مع الحرص على تعزيز آليات التنسيق والتعاون مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، من خلال دمج مصالح التهييئ لإعادة الإدماج ومكاتب الاستقبال بالمؤسسات السجنية لتحقيق الفعالية المطلوبة في تدبير البرامج الإصلاحية، دون إغفال ضرورة استحضار المقاربة التشاركية مع القطاعات الحكومية وغير الحكومية وعائلات النزلاء في تنفيذ مختلف هذه البرامج.

إن الإعداد لإعادة إدماج السجناء في محيطهم الاجتماعي بعد الإفراج عنهم يتم أيضا على المستوى النفسي، وسيتم في هذا الإطار توظيف المزيد من الأخصائيين النفسانيين والمساعدين الاجتماعيين لتأمين المواكبة المناسبة للنزلاء، مع ما يقتضيه ذلك من تكثيف وتنويع للأنشطة الاجتماعية والثقافية والترفيهية بالمؤسسات السجنية، مما يساهم في التخفيف من المعاناة النفسية للنزلاء، دون إغفال الجانب الروحي عبر برامج التأطير الديني التي تتم بشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجالس العلمية المحلية.

وفي سعيها نحو الحفاظ على السلامة الجسدية للسجناء، وكذا أمن المؤسسات السجنية، وضعت المندوبية العامة مقاربة أمنية وقائية، تسعى إلى الحد من الاعتداءات ومن تسريب الممنوعات إلى داخل السجون، حيث تم تجهيز المؤسسات السجنية بالوسائل الإلكترونية الخاصة بالمراقبة، وتكثيف عمليات التنقيب والتفتيش لمحاربة الممنوعات كالمخدرات، والأدوات الحادة، والهواتف النقالة، دون إغفال التنسيق مع الجهات المختصة، قصد إحداث مراكز خاصة بالدرك والشرطة بالمحيط الخارجي للمؤسسات السجنية.

إن المندوبية العامة واعية بأن بلوغ الأهداف المتوخاة لن يتأتى دون الانخراط في برامج لتحديث إدارتها وتعزيز إجراءات الحكامة بها باعتبارها إحدى الآليات الأساسية لتحقيق الفعالية والتوظيف الأمثل للموارد المالية والبشرية المتوفرة واستغلال التكنولوجيات الحديثة. ووعيا منها بأهمية العنصر البشري في الرفع من مستوى الأداء في القطاع السجني، فإن المندوبية العامة وضعت نصب أعينها النهوض بأوضاع موظفيها، عبر تعميم استفادة جميع الموظفين من التكوين المستمر في مختلف مجالات تدبير السجون وإدراج مواد حقوق الإنسان في جميع الدورات التكوينية، ودعم العمل الاجتماعي لفائدة الموظفين بالنظر إلى الظروف الصعبة التي يزاولون فيها مهامهم التي تتسم بالتعدد والاستمرارية والخطورة، مع اعتماد مؤشرات دقيقة في تقييم أداء المسؤولين وفي إسناد المسؤولية بناء على معايير الكفاءة والاستحقاق، دون إغفال وجوب التصدي لمختلف السلوكات المخلة بالقانون، عبر اتخاذ إجراءات تأديبية صارمة في حق مرتكبيها.

وقصد خلق دينامية جديدة وتحقيق المزيد من الفعالية في تسيير المؤسسات السجنية، فقد تم فسح المجال للأطر الكفأ،ة والشابة لتحمل المسؤولية عبر اعتماد الحركية وإعادة الانتشار بشكل دوري، حيث تم تعيين 64 مسؤولا جديدا من الأطر الشابة، وإعادة انتشار 114 مسؤولاَ من المديرين الجهويين ومديري المؤسسات السجنية ورؤساء المعاقل والمقتصدين، وبالمقابل تم إعفاء 64 مسؤولا، كما تم إجراء حركة انتقالية واسعة بناء على طلبات الموظفين شملت أزيد من 1200 موظفا. وقد عملت المندوبية العامة في اتخاذ القرارات المرتبطة بهذه الحركية على التطبيق الصارم لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، عبر التصدي لمختلف السلوكات المخلة بالضوابط القانونية والتنظيمية ،واتخاذ إجراءات تأديبية صارمة مع إحالة الملفات التي تقتضي ذلك على القضاء.

وسعيا منها نحو تعزيز إجراءات الحكامة، فقد أقدمت المندوبية العامة على إعادة هيكلة مصالحها المركزية، من خلال إحداث مديرية جديدة تتولى مهام الضبط القضائي بهدف تحديث آليات تتبع ومراقبة الوضعيات الجنائية للسجناء وتعزيز التنسيق مع الأجهزة المعنية لتدبير فترة اعتقالهم من جهة، وتمكين مديرية العمل الاجتماعي من تركيز جهودها على إعداد وتطوير البرامج التأهيلية والتربوية لفائدة السجناء من أجل تهييئهم لإعادة الإدماج من جهة أخرى. كما تسعى المندوبية العامة إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة في تدبير هذا القطاع عبر دعم الأخلاقيات ومحاربة الرشوة وجميع أشكال الفساد، حيث سيتم إعداد ميثاق حسن سلوك الموظف، وهو عبارة عن مجموعة من القواعد في شكل مدونة تتضمن واجبات وحقوق الموظف.

وقد طالت إجراءات الحكامة الجيدة أيضا تدبير النفقات، حيث تم اعتماد مقاربة جديدة لتدبير ميزانية القطاع، ترتكز بالأساس على العمل بالنتائج والمساءلة وتبسيط مساطر تدبير الميزانية، وتفعيل دور المفتشية العامة، من خلال تكثيف مهام التفتيش والمراقبة والتدقيق الداخلي، وذلك بهدف إقرار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتقييم الأداء من أجل تدبير أنجع للمؤسسات السجنية.

وفي الختام، نجدد لك جزيل الشكر ونؤكد لكم استعداد المندوبية العامة للإصغاء لك ولغيرك من الغيورين الصادقين على القطاع السجني في بلادنا، لما فيه خير ومصلحة الوطن العليا.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت