1- ماهي قرائتك للوضع الحالي لحزب الاتحاد الاشتراكي؟
لقد شكل تصويت الاتحاد الاشتراكي الايجابي على الدستوري 2011 منعطفا جديدا في مساره كان يقتدي فتح صفحة جديدة من النضال من دمقرطة الدولة إلى دمقرطة المجتمع. من خلال تعاقد يمكن من بناء الملكية البرلمانية، ويمكن الشعب المغربي من امتلاك إرادته ومصيره، وفتح أبواب الأمل أمام الجيل الجديد لبناء وطن المستقبل.هذا المنعطف التاريخي فرض على الذات الاتحادية تحولا مفصليا، كان يفترض التحول عبر اقرار خط نضالي جديد يكرس الخيار الديمقراطي و يمكن الجيل الجديد من تقوية المؤسسات عبر النضال الجماعي من اجل تأويل حداثي للدستور. الذي يفترض تسليم المشعل للجيل الجديد، القادر على إبداع وسائل نضالية جديدة تمكن الاتحاد من مواصلة نضاله لتحقيق التقدم و الحداثة و العدالة الاجتماعية، غير المؤتمر التاسع كشف ان الذات الاتحادية متخوفة من تفعيل الديمقراطية الداخلية جعل الاختلافات تقوم ليس على أساس مذهبي بل على أساس شخصي مع إهمال تام للايدولوجية و الهوية.
2- من يتحمل المسؤولية في الوضع الذي وصل له حزب الوردة؟
من الناحية العلمية تقتدي القول ان مرشحين الأربعة لم يتجهوا بناء على مشروع واضح المعالم بل جنحوا الى تسويات قبلية فوقية ، و في غياب تباين البرامج اتجه كل مشرح الى تأسيس حملته بناء على مميزات شخصية فهناك من ركز من اعتمد في ترشيحه على منطق عائلي محظ بغية الرفع من رصيده الشخصي، مكثفا من استعمال الرموز التاريخية، و هناك من ركز على قوة الأعيان و حشد الفريق البرلماني الاتحادي كقوة تمثيلية سندها الإرادة الشعبية و قرتها على ضمان التمثيل العددي ، و هناك من روج لانتمائه الفئوي في قاع المجتمع و قدرته على التنظيم وضمان تحالفات في الانتخابات المحلية. لم يقدم أي مرشح مشروعه العملي حول طبيعة المعارضة و الاسس العلمية للالتحام بالجماهير الشعبية التي تجسد تجدد المشروع الاتحادي المرتبط بعمقه الشعبي، و القاسم المشترك بين المرشحين الأربعة يكمن في عدم القدرة على فهم الجيل الجديد بثقافته الحداثية التي تقوم على ما هو واقعي ملموس و ليس باستحضار نوستالجيا الماضي.
3- هناك من أعلن نيته داخل الاتحاد لمغادرته في اتجاه الاتحاد الوطني، ما تعليقك على هذه المبادرة وما تأثيرها على مستقبل الاتحاد
ان قوة الاتحاد دائما كانت في الفكرة التي يحمل و قدرة أطره في بلورة البديل ، و في ظل العقم المشاريعي، أضحى التنظيم شغل الجميع، و تحول الحزب من حزب طاقة إلى حزب بطاقة ، الكل يتحدث لغة القبيلة و الغنيمة في ظل إهمال للخط السياسي.وبالتالي تحول الصراع التنظيمي الى صراع لمن يتقن دهاليزه، و قدرته على التموقع وفهم قواعد اللعبة، و لم يعد من مجال للحديث عن بناء حزب المؤسسات رغم رفع شعار ” معا من أجل بناء مغرب الديمقراطية والحداثة “.إن الممارسة شابتها ثقافة ما قبل حداثية، فتميز سلوك الاغلبية بالحذر و عدم الحسم في اختيارهم، الكل ابدى هوسا بلعبة التنقل و التموقع من اجل ضمان استمراره، اعتمادا على شبكة العائلة او وحدة المصالح،ومن تجليات ذلك أن نفس المجموعة تكون داعمة لهذا المرشح ثم تنتقل إلى مرشح آخر، والكل بات يتوجس من التسويات الأخيرة، الهاجس هو التموقع والتكهن بأنصار اليوم و مخالفي الغد. ظهر اختلاف حول نمط الاقتراع الذي يجب اعتماده ، هل الفردي او اللائحة ؟ فلم يتم الحسم حول تبني نظام الاقتراع باللائحة لتأجيل مسألة التحالفات. ثم بات اختيار الكاتب الأول عملية رهينة بالحرب التنظيمية التي تميزت بعنف مستمر بين الدورتين.
كل هذا أنتج تشوهات، و بدل الحديث عن المشاريع المجتمعية من خلال المقارعة الفكرية، تحول كل الحديث عن التبعية لأشخاص معينين : (تابعين لفلان ، مع فلان، أصحاب فلان). في ظل هذا الجو الموبوء، يطرح السؤال ما الاضافة النوعية التي يمكن ان يحققها تبديل الإطار هل الرجوع لما قبل الخيار الديمقراطي ام ان الامر يتعلق بالتزكيات ؟ فمغادرة الإطار لا شك أنها ستزيد في تعميق ازمة مشهد سياسي ككل.
4- : دعى مجموعة من الاتحاديين الى ضرورة مأسسة التيارات منهم اليازغي، مار أيك في هذه الدعوة التي رفضتها قيادة الاتحاد؟
من المفروض ان يكون التيار يحمل أفكار اجتماعية وسياسية متميزة، غير ان السؤال الذي يجب ان يطرح على صاحب الفكرة ما هي الأفكار المختلفة التي تريدها من خلال التيار .
5: كيف تنظر لمستقبل الاتحاد وما هي السيناريوهات الممكنة؟
على الاتحاد ان يدرك مغزى اللحظة و يعيد الاعتبار للخط السياسي أو المبادئ أو الأفكار أو المشروع السياسي والمجتمعي الذي يقتضي أن يتبناه الحزب ويدافع عنه، عبر القيام بعملية تجدد حداثي بعيدا عن هوس المقاعد عبر تطهير الذات الاتحادية و مراجعة ما حدث لأن التغيير البناء يجب أن يعيد للمغاربة كرامتهم عبر تطهير الذات و محاربة الفساد بكسر شوكته. فهناك حاجة للاتحاد لتحقيق التوازن الذي يؤسس للتداول حول السلطة عبر التجدد والمكاشفة لمسايرة الزمن الدستوري الذي أسس للديمقراطية التشاركية وحقوق الأقلية، هذا التحول يفرض خلخلة المدارك القديمة و التخلص من الوهم وعقدة المؤامرة. عبر طرح رؤية واضحة ومحددة للتغيير الحداثي في المغرب، بجعل الاتحاد حاملا لتطلعات بنات و أبناء الشعب ومن دونه ستظل الطبقات الشعبية محاصرة بين نزعة وصولية ذات رؤية ضيقة ونزعة خرافية باهتة ونزعة ظلامية ونزعة عدمية، والقواسم المشتركة بين هذه النزعات هي افتقادها روح الإبداع إزاء المشاكل الداخلية والتغييرات العالمية.