سقطت آخر ديكتاتورية في غرب إفريقيا وهي بوركينا فاسو وإحدى الدكتاتوريات القليلة المتبقية في مجموع القارة السمراء، وتعتبر هذه الدولة رئيسية للمغرب سياسيا واقتصاديا.
ومنذ عشرة أيام، تاريخ إعلان الرئيس بليز كومباوري نيته تعديل الدستور للترشح للانتخابات المقبلة بعدما قضى في الحكم 27 سنة، انتفضت المعارضة في سلسلة من التظاهرات انتهت بالهجوم على البرلمان يوم الخميس من الأسبوع الجاري، وإجبار الجيش الرئيس على تقديم استقالته في اليوم الموالي ودخول البلاد نفقا سياسيا بسبب إعلان عدد من الأطراف العسكرية الرئاسة أو هيئة انتقالية.
وأصبحت بوركينا فاسو مسرحا لتطورات شبيهة بالربيع العربي، ويتجلى في رفع المواطنين شعار “إرحل” في وجه رئيس أراد الاستمرار في الحكم لأكثر من عقد آخر، وتدخل الجيش بشكل غير عنيف لإنقاذ البلاد وسط ترحيب غالبية المواطنين، ورحيل دكتاتور من القارة السمراء.
وبرحيل كومباوري ترحل ديكتاتورية عن غرب إفريقيا ومن الدكتاتورية القليلة في القارة السمراء، حيث تبقى القليل منها وهي الموزمبيق وغينيا إيكواتوريال بينما مصر في طريقها الى الالتحاق بنادي الدكتاتوريات رغم انقراض هذا النادي تدريجيا.
واستطاع كومباوري الاستمرار في الحكم لهذه المدة لسببين، الأول وهو تقليله من الأساليب الدكتاتورية من اعتقال والسماح بانتخابات برلمانية شفافة في الغالب ولكن مع الاحتفاظ بالرئاسة دائما. والسبب الثاني يتجلى في الوساطة التي كان يقوم بها في نزاعات دولية متعددة، وكان مفضلا للولايات المتحدة وفرنسا في التعاطي معه في ملفات إقليمية رغم تحفظهما عليه في الاستمرار في الرئاسة.
وقد يشكل رحيل كومباوري خسارة لمصالح المغرب في إفريقيا الغربية، فهو يعتبر رفقة السنيغال ضمن حلفاء المغرب وإن كانت الأخيرة أكثر بكثير. وأصبحت بوركينا فاسو وجهة رئيسية للإستثمارات المغربية في مجال الاتصالات عبر اتصالات المغرب وفي المجال المالي عبر بنك التجاري وفا بانك علاوة على شركات متوسطة في مجالات مثل البناء.
وسياسيا، يفقد المغرب حليفا رئيسيا في منطقة إفريقيا الغربية والساحل، فبوركينا فاسو تحت رئاسة كومباوري قريبة من المغرب أكثر من الجزائر. ونسقت مع المغرب في ملف أزمة دولة مالي بعدما عمدت الجزائر الى إقصاءها.
وفي ظل التحولات، يجهل نوعية القرارات التاي سيتخذها الجيش في الوقت الراهن، خاصة وأن الجزائر قد تعمد الى نهج سياسة استمالة للقادة العسكريين في تكرار سيناريو ما حدث في موريتانيا بعد الانقلاب العسكري الذي نفذه محمد بن عبد العزيز.