أحمد ابن الصديق
12 أكتوبر 2014
ahmed.benseddik@gmail.com
قبِل الملك الإسباني فيليب السادس منذ بضعة أيام استقالة مستشاره الخاص رافائيل سبوتورنو، بعد احتمال تورط هذا الأخير في الاستفادة من مبلغ 230.000 يورو (مليونين ونصف مليون درهم مغربي) بطريقة تبدو غير لائقة. لم يتردد الملك في قبول الاستقالة، من باب احترام مواطنيه وحرصا منه على صون صورة الملكية أمام الرأي العام ولكيلا يسجل عليه التاريخ أنه ملك يحمي الفساد واللصوصية.
سبوتورنو هذا شغل منصب السكرتير الخاص للملك خوان كارلوس الذي تنازل مؤخرا عن العرش لفائدة ابنه، فأصبح الرجل مستشارا خاصا للملك الجديد فيليب السادس. وفي الوقت نفسه كان عضوا في مجلس إدارة البنك الإسباني “كاخا دي مدريد” مما كان يسمح له باستعمال بطاقة بنكية مثله مثل كل أعضاء المجلس الإداري، فاستفاد. بين عامي 2011 و2012 من المبلغ المذكور، قبل أن تدخل إدارة الضرائب على الخط معتبرة أن هذا الامتياز قد يكون غير قانوني، وتقرر التحقيق في الأمر مع أعضاء مجلس الإدارة.
وقبل أن يدينه أو يبرأه القضاء، بادر الرجل إلى تقديم استقالته للملك من تلقاء نفسه، وصرح للإعلام أنه لا يرغب أن يكون سببا في أي تشويش أو تأثير سلبي على صورة الملكية الإسبانية ولو عن طريق الشبهة فقط.
في المغرب، منصب السكرتير الخاص للمك يشغله منذ مدة طويلة محمد منير الماجيدي، الذي لم يقدم استقالته رغم تراكم أطنان الشبهات التي تحوم حول ذمته المالية، وحول استغلاله للنفوذ، والتي يفوق حجمها بكثير حجم الشبهة التي مست نظيره الإسباني المستقيل، كما أنه لم يقدم أبدا أي توضيحات للرأي العام المغربي حولها.
لقد كان اسم الماجيدي في قلب فضيحة اقتنائه بقعة أرضية من 4 هكتارات ونصف في مدينة تارودانت عام 2005 من أملاك الأوقاف، بثمن بخس جدا، وقد كانت الفضيحة موضع نقاش صاخب في البرلمان عام 2007 ثم هدأ النقاش ولم يُفتح تحقيق.
وحضر اسم الماجيدي بقوة فيما كشفه موقع ويكيليكس أواخر 2010 عن الفساد الكبير على مستوى عالي من السلطة في المغرب، استنادا على وثائق أرسلتها سفارة أمريكا في الرباط إلى وزارة الخارجية في واشنطن، وآنذاك فضلت السلطات في المغرب الصمت فلم تكذِّب ولم تستنكر.
وحضر اسم الماجيدي في خطاب بنكيران الشهير بداية مارس 2011 بُعيد اندلاع احتجاجات 20 فبراير، حيث ذكره بالاسم ضمن ثلاثة أسماء (فؤاد علي الهمة ومنير الماجيدي وإلياس العمري) والشريط موجود على اليوتوب حيث قال بنكيران وهو يخاطب الملك مباشرة “إنهم يتحكمون في الحكومة ويُعطون التوجيهات بالهاتف ويُخيفون رجال الدولة ويَشتمون المدير العام للأمن الوطني ويُعطون التوجيهات للقضاة لأنهم يستمدون نفوذهم من القرب منك، وهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون وهذا غير مقبول”.
– الرابط لشريط فيديو بنكيران : https://www.youtube.com/watch?v=6ilGF-P_a_I
وقد حضر اسم الماجيدي في مسيرات حركة عشرين فبراير التي طالبت بفصل السلطة عن التجارة فرفعت صورته مقرونة بكلمة “ارحل”.
ثم حضر اسم الماجدي بكثافة في كتاب “الملك المفترس” للصحافية والصحافي الفرنسيين كاترين غراسيي وإيريك لوران، الصادر شهر مارس 2012 والذي سرد عدة حالات لاستغلال النفوذ لأجل الاغتناء السريع نقتطف منها فقط هذه الفقرة من فصل يحكي فضيحة الاستيلاء على ملعب نادي الفتح الرياضي بالرباط: » حين أتى وقت كتابة عقد البيع للملعب، تم تشطيب كلمة “بيع”، لتعويضها بعبارة “تفويت”، وهو ما يعني “تحويل دون مقابل مادي”. هذه “السرقة” الفجة للأراضي العامة، والتي تمثل ثروة هامة هي في حقيقة الأمر نتيجة لاستراتيجية مدروسة من طرف الماجيدي «. ولم يصدر تأكيد ولا نفي من القصر ولم يتحرك أي جهاز من أجهزة الحكامة أو القضاء للنبش في الموضوع.
كما سرد نفس الكتاب دور الماجيدي في فبركة تهمة انتقامية من خالد الودغيري الرئيس المدير العام السابق لبنك التجاري وافابنك، والذي صدر في حقه حكم بعشرين عاما سجنا وهو في الخارج قبل أن يصدر عفو ملكي عام 2012.
– الرابط لكتاب الملك المفترس الترجمة العربية http://www.fichier-pdf.fr/2012/05/16/11-2012/11-2012.pdf
وحضر اسم الماجيدي في التحقيق الصحافي الذي أنجزه موقع “لكم” عن مقالع الرمال بعنوان ” تحقيق في مملكة الريع” والذي لم يأمر وزير العدل بفتح تحقيق حوله رغم كثرة القرائن والوثائق حول الفساد المفترض.
– الرابط للتحقيق في مملكة الريع http://goo.gl/zYmwVa
ومؤخرا حضر اسم الماجيدي في الدعوى القضائية التي رفعها ضده في شهر فبراير 2014 زكرياء المومني بطل العالم في رياضة الملاكمة التايلاندية، أمام القضاء الفرنسي، حيث يزعم المومني أن التعذيب الذي خضع له وهو رهن الاعتقال في المغرب قبل أن تتم محاكمته سنة 2010، كان بإيعاز من الماجيدي.
إنه رصيد “محترم” جدا من الشبهات لم نورد منه إلا بعض الأمثلة، ولكن منير الماجيدي يستمر في منصبه رغم الإساءة الهائلة التي يسببها للمؤسسة الملكية وللمغرب بأكمله، ومازال الملك يُسبغ على كاتبه الخاص رعايته السامية ويمنحه عطفه المولوي، وهي نعمة لا شك أن الكثيرين يحسدونه عليها، فنسأل الله أن يحفظه من شر الحاسدين، كما نتساءل هل يوجد من رؤساء الدول من يحسد ملك المغرب على توفره على كاتب خاص جدا بهذه المواصفات التي يستحق عليها مجلدا كاملا في أدبيات المنظمة الدولية للشفافية Transparency.