يعود الشعر المغربي الحديث ليحتل خشبة المسرح من جديد من خلال عمل جديد للمخرج أيوب العياسي تحت عنوان (العابر) سيقدَّم عرضه ما قبل الأول على خشبة مسرح محمد الخامس يوم 12 أكتوبر الجاري على الساعة الثامنة مساء. وهو العمل الذي اقتبسه العياسي عن ديوان (دفتر العابر) للشاعر ياسين عدنان عضو بيت الشعر في المغرب، الديوان الذي صدرت طبعته الأولى عن دار توبقال بالدار البيضاء سنة 2012 قبل أن تصدر منه طبعة ثانية قبل أشهر.
هذا ولقصيدة ياسين عدنان صداقة خاصة مع الخشبة، حيث سبق إعداد نصه الشعري (في الطريق إلى عام 2000) للمسرح من طرف المخرجة الإيطالية لورا فيلياني Laura Viliani سنة 2001 في مونودراما من تشخيص سابينا سيزاروني Sabina Cesaroni تحت عنوان (Altrove Assoluto ). فيما اشتغلت الفنانة لطيفة أحرار في 2010 على ديوانه (رصيف القيامة) في عملها المسرحي الشهير (كفرناعوم).
أما أيوب العياسي فيُعتبر شاعرا في المقام الأول، إذ كان في الرابعة عشرة حينما أعلن بيت الشعر في المغرب عن اسمه شاعراً واعداً حاز حينها لقب (أصغر شاعر) في المهرجان العالمي الأول للشعر بالبيضاء سنة 1998، واعتلى المنصة ليقرأ شعره في المهرجان إلى جانب أدونيس وسعدي يوسف. وفعلا فقد أصدر العياسي ديوانه الأول (معادلات) سنة 2001، ثم أسطوانة شعرية تحت عنوان (جينيريك)، قبل أن ينفتح على الشعر المغربي في أعماله المسرحية حيث سبق له أن مسرح نصوصا من ديوان الشعر المغربي الحديث لكل من إدريس الملياني وصلاح الوديع.
ولقد سبق للمسرح المغربي أن احتضن الشعر المغربي في عدد من الأعمال المسرحية، أولها وأشهرها مسرَحَةُ (ديوان سيدي عبد الرحمان المجذوب) من طرف الفنان الرائد الطيب الصديقي سنة 1967، واقتباسات عبد السلام الشرايبي وعبد المجيد فنيش من ديوان الملحون لأعمال عديدة أشهرها مسرحية (الحراز) التي قدمتها فرقة الوفاء المراكشية ثم الطيب الصديقي فيما بعد. فيما اشتغل مسرح اليوم والفنانة ثريا جبران على ديوان (الشمس تحتضر) للشاعر عبد اللطيف اللعبي، قبل أن يقترح أحمد جواد عمله المسرحي (هو) انطلاقا من ديوان (كناش لمعاش) للزجال إدريس المسناوي. هكذا يندرج عرض (العابر) في سياق هذا التفاعل الإبداعي الخلاق المتواصل منذ عقود ما بين الشعر والمسرح المغربيين.
وتجدر الإشارة إلى أن (العابر) إنتاج مشترك لكل من جمعية الائتلاف من أجل تحفيز الكفاءة المغربية والمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط بمساهمة شركة سيكلوراما وبدعم من وزارة الثقافة المغربية. يشخصها ممثلون من حساسيات مختلفة: هاجر مصدوقي، الصديق مكوار، عبد الله بنسعيد، صلاح ديزان، جناح التامي، ماء العينين عناني، وكريمة أوالحوس. وسيجرب المخرج أيوب العياسي في عمله المسرحي الجديد اشتغالا بصريا زاخرا بالألوان والامتدادات، ينهل من مدارس ولغات مشهدية وفنية متعددة في عمل يسعى أولاً باتجاه مسرح حديث مغربي المنشأ دون أن يكون منغلقا على مرجعياته المحلية أو مرتبكا في انفتاحه على العالم، كما يطمح ثانيا إلى النهل من الديوان المغربي في محاولة لترسيخ حضور الشعر فوق الخشبة.
